لعبت أنقرة دوراً حاسماً في الأزمةِ السوريّة، لم يقتصر على مجردِ الدعمِ السياسيّ للمعارضةِ السورية، ومن ثم الدعمِ العسكريّ واتباعِ سياسةِ الحدودِ المفتوحةِ واستقبالِ اللاجئين السوريين، بل ادّعت أنّ مجملَ الأزمةِ قضيةً تمسُّ الأمنَ القوميّ التركيّ، لتنتقلَ إلى مرحلةِ الاحتلالِ المباشر لمناطق سوريّة بالتنسيقِ مع موسكو.
هددت أنقرة بعملٍ عسكريّ جديدٍ في شمال سوريا، تحت وطأةِ جملةٍ من الأزماتِ الداخليّة تزامنت مع التحضيراتِ للانتخاباتِ الرئاسيّة والنيابيّة العام القادم، ولم تحظَ بالغطاءِ السياسيّ الدوليّ المطلوبِ، وبخاصةٍ بعد قمتي طهران وسوتشي، لتبدأ بعدها بالدعوةِ للتصالحِ، وبدا واضحاً أنّ الموقفَ الإيرانيّ والروسيّ ينحصرُ فقط في منع التغيير على خرائط الميدان، ولكنه يسمحُ بهامشٍ كبيرٍ لاستهدافِ مواقع في شمال سوريا والتي شهدت تصعيداً عسكريّاً وقصفاً تركيّاً شبه يوميّ، راح ضحيته المدنيون في القرى والبلداتِ، وليتضح بذلك القربانَ الذي تريده أنقرة ثمناً مقابل انخراطها في المسارِ التصالحيّ، في تجاهلٍ للخطرِ الذي ما زالت تمثله خلايا “داعش”
وإذا كان التدخلُ الروسيّ في سوريا قد جاء في توقيتٍ مفصليّ للمحافظة على موطئ قدم على البحار الدافئة والتنافسِ مع الناتو، فإنّ تحسين العلاقة بين دمشق وأنقرة خطوةٌ مهمةٌ في التواصل الجغرافيّ للنفوذِ الروسيّ الإقليميّ، وفي السياق نفسه جاءت الحرب الروسيّة في أوكرانيا.
تزامن التغيّرُ في العلاقةِ الروسيّة ــ التركيّة مع صعودِ التيارِ الأوراسيّ التركيّ، الذي يتوافقُ في توجّهاته مع السياسةِ الروسيّةِ بعد وصولِ فلاديمير بوتين إلى السلطةِ وتبنّي مشروعِ استعادةِ روسيا لتموضعِها الدوليّ وريثةً للاتحاد السوفييتيّ، ولا تتطلع الأوراسيّة التركيّة فقط إلى تحسينِ العلاقاتِ مع روسيا، بل إلى تغييرِ التموضعِ الجيواستراتيجيّ لتركيا، وفكِّ الارتباطِ مع حلفِ الناتو.
تعمدُ أنقرة إلى المزاوجةِ في سياستها ما بين التهديدِ والدعوةِ للتصالحِ، ليكونَ مسارُ التصالحِ أمنيّاً بالدرجةِ الأولى، فيما تستمر بتهديدِ مناطق الإدارة الذاتيّة، وانسجاماً مع موقفِ موسكو بدأت بالدعوةِ لخروجِ القواتِ الأمريكيّة من مناطق شرق الفرات.
لقراءة الملف كاملاً يرجى الضغط على الملف أدناه