الحسكة – إيفا أمين
لا تزال آلاف الأسر في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، لم تحصل بعد على المازوت المخصص للتدفئة المدعوم من الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا رغم دخول فصل الشتاء، في ظل نقص في الوقود تشهده المنطقة وسط ارتفاع الطلب مع دخول الشتاء وخروج الكثير من حقول النفط ومصافي التكرير عن الخدمة جراء القصف التركي ضد المنشآت الخدمية في المنطقة.
ورغم بدء اللجان المختصة بالتوزيع في جميع مناطق شمال وشرق سوريا وليس فقط مدينة الحسكة منذ أواخر الصيف الماضي، إلا أن الكثير من الأحياء في المدينة لم تحصل بعد على مخصصاتها من مازوت التدفئة، بسبب ما تقول هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، إنه عدم التناسب بين المتوفر والمطلوب من المادة على خلفية تعطل الكثير من الحقول وعمليات التكرير بسبب الاستهدافات التركية للحقول والمحطات النفطية والغازية.
وتؤكد عزيزة أحمد 59 عاماً وهي من أهالي حي “المفتي” في مدينة الحسكة لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أنها تضطر لاستعارة بعض اللترات من مادة المازوت من الأقارب والأهل من أجل إشعال المدفئة لتدفئة أطفالها الصغار الذين لا يطيقون تحمل البرد، وتوضح أنها لا تستطيع شراء المازوت من السوق السوداء لارتفاع أسعاره هناك بشكل كبير ومحدودية دخل الأسرة.
دخل محدود
وبدوره، يقول حميد الناصر 43 عاماً من أهالي حي “العزيزية” في مدينة الحسكة لـ”تارجيت”، إنه يضطر لشراء المازوت من السوق السوداء بسعر 5000 ليرة سورية، ليقي أطفاله البرد القارس بانتظار البدء بتوزيع مازوت التدفئة، مشيراً إلى أن متوسط استهلاك الأسرة يومياً أكثر من 5 لترات، وأن أغلب الأسر في الحي هي من ذوي الدخل المحدود ولا تستطيع شراء المادة من السوق السوداء، مرجعاً السبب الأساسي للتأخير للهجمات التركية الأخيرة على منشآت الطاقة وحقول النفط ومحطات التكرير في شمال وشرق سوريا.
وتؤمن الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا مازوت التدفئة للسكان بسعر 350 ليرة سورية أو ما يعادل سنتان أمريكي للتر الواحد، حيث تحصل كل أسرة على 300 لتر يتم توزيعها في بداية كل شتاء، بعد أن كانت كل أسرة تحصل قبل عامين على 440 لتراً كمخصصات سنوية، إلا أن نقص المادة قاد إلى تخفيض الكمية المقدمة، خاصةً في ظل ارتفاع ملحوظ بأعداد السكان بعد تزايد عمليات النزوح والتهجير من مناطق أخرى، إلى جانب تخصيص كميات كبيرة من المادة بأسعار مدعومة للفلاحين من أجل الزراعة المروية وأخرى للمولدات الكهربائية، إضافةً لاستمرار الهجمات التركية على المنشآت النفطية.
ويتشارك حسين نجم، النازح من دير الزور والقاطن في حي غويران بالحسكة المعاناة ذاتها مع أبناء حييه ومعظم أحياء المدينة، بسبب تأخر توزيع مازوت التدفئة، ويشير إلى أن الأهالي وخاصةً ذوي الدخل المحدود أصبحوا أمام خيارين إما شراء المازوت من السوق السوداء بسعر مرتفع جداً، أو الاعتماد على الأغطية والحرامات لمواجهة البرد.
ويعاني أغلب سكان مدينة الحسكة حالهم كحال معظم السوريين من أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها البلاد، في ظل استمرار تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية حيث وصل سعر صرفها إلى 15500 ليرة للدولار الواحد خلال هذه الفترة، بموازاة استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية والأدوية.
الهجمات التركية على منشآت الطاقة
وأرجعت رئيسة لجنة المحروقات في مدينة الحسكة فيان جاجان خلال حديث لمنصة “تارجيت” الإعلامية السبب الأساسي لتأخر توزيع مازوت التدفئة في بعض أحياء المدينة، إلى الهجمات التركية الأخيرة على المنشآت النفطية ومحطات الطاقة والبنى التحتية في شمال وشرق سوريا، والتي قادت إلى نقص الوقود بشكل كبير.
وقالت جاجان لـ”تارجيت” بإنه طبعوا 125 ألف بطاقة لوقود التدفئة في مدينة الحسكة وفعلوا 100 ألف منها وباتت جاهزة للتوزيع في الناحيتين الشمالية والجنوبية للمدينة، مضيفةً أنه بلغ صادر مادة مازوت التدفئة للحسكة حتى الآن 23 مليون لتر، وتم توزيع المادة على 78 ألف عائلة، وما تزال عمليات التوزيع مستمرة حيث بقي عدد قليل من الأحياء.
وقصفت طائرات حربية ومسيرة تركية في الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، عدة حقول ومنشآت ومحطات نفطية وغازية في شمال وشرق سوريا، على رأسها حقل ومنشأة السويدية بريف المالكية/ ديرك التي تؤمن الغاز المنزلي والكهرباء للمنطقة، ومحطتي “عودة وسعيدة” النفطيتين بريف القحطانية/ تربه سبيه وغيرها، ما أسفر عن أضرار كبيرة فيها وخروجها عن الخدمة، ما انعكس بشكل فوري على توفر المحروقات في المنطقة، وذلك بعد تعرض هذه المنشآت لعدة هجمات سابقة على مدى السنوات الأخيرة ما أدى لخروجها عن الخدمة قبل أن يتم إصلاحها.
وتشهد منطقة شمال وشرق سوريا أزمة وقود كبيرة منذ الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري جراء الهجمات التركية على المنشآت النفطية، بما في ذلك نقص مادتي البنزين والمازوت المخصص للمركبات والتدفئة، حيث تؤكد هيئة الطاقة في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، أنه يجري العمل على محاولة إصلاح الأضرار، رغم الخسائر الكبيرة في المنشآت والمرافق والتكلفة الكبيرة التي تصل لملايين الدولارات.