يصادف التاسع عشر من كانون الثاني/ يناير ذكرى بدء الهجوم العسكري من قبل تركيا والفصائل التابعة لها أو ما يسمى بـ”الجيش الوطني السوري” على مدينة عفرين وريفها شمال غربي سوريا عام 2018، قبل أن يسيطران على المنطقة في الثامن عشر من آذار/ مارس من العام نفسه بعد قصف وهجمات استمرت لشهرين أسفرت عن فقدان عشرات المدنيين لحياتهم وإصابة آخرين ودمار كبير لحق بالمنطقة.
وبعد مرور ست سنوات على بدء الهجوم، وثقت جهات حقوقية عديدة بينها العفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” والمرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمة عفرين لحقوق الإنسان ومركز توثيق الانتهاكات بعفرين ولا تزال توثق، ارتكاب تركيا والفصائل التابعة لها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحق السكان الأصليين في منطقة عفرين بما في ذلك القتل والتعذيب والتغييب القسري والخطف مقابل الفدى والاستيلاء على الممتلكات والتهجير القسري.
أكثر من 9000 مختطف
منظمة عفرين لحقوق الإنسان، وثقت إقدام تركيا والفصائل التابعة لها منذ بدء الهجوم على قتل 706 مدنيين، وخطف 9008 آخرين بينهم 1200 امرأة و600 طفل، إلى جانب توثيق مئات عمليات الاعتداء الجنسي والتعذيب والتغييب القسري، إضافةً لقطع الفصائل أكثر 391 ألف شجرة مثمرة وحراجية، وبيعها كحطب للتدفئة في المناطق المحتلة والأسواق التركية، وحرق أكثر من 12 ألف هكتار من الأراضي الزراعية على يد تلك الفصائل، واستيلائها على 7 آلاف محل تجاري و10 آلاف منزل سكني تعود للسكان الأصليين.
وأكدت المنظمة الحقوقية، أن تركيا والفصائل التابعة لها حفروا معظم التلال الأثرية في منطقة عفرين والبالغ عددها 75 تلاً أثرياً بحثاً عن اللقى الأثرية لبيعها خارج الحدود السورية، إضافةً لتخريب وتدمير أكثر 55 موقعاً أثرياً ومستودعاً بعضها مدرج على لوائح اليونسكو مثل معبد “عين دارا والنبي هوري وكهف الدودرية وقبر مار مارون” وأكثر من 10 مزارات دينية لمختلف الأديان والمذاهب، وتجريف العديد من المقابر وتدمير العديد من الجوامع التاريخية بينها جامع منطقة “كمروك” السياحية.
عشرات المستوطنات وآلاف المستوطنين
كما تم توثيق بناء تركيا أكثر من 20 مستوطنة بمنطقة عفرين، وجلب نحو 700 ألف شخص من عناصر الفصائل التابعة لها وعوائلهم ومستوطنين وفلسطينيين من مناطق سورية أخرى لتوطينهم في منازل السكان الأصليين والمستوطنات التي تم بناؤها لهذا الغرض، في إطار ما تقول منظمات حقوقية إنه مخطط تغيير ديمغرافي تعمل عليه أنقرة بالمنطقة، عبر تهجير الآلاف من السكان الأصليين حيث انخفضت نسبة الكرد في المنطقة من نحو 90 في المئة قبل الاحتلال إلى نحو 25 في المئة بعده.
الناشط في مجال حقوق الإنسان إبراهيم شيخو، قال في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية: “إنه مرت ست سنوات على بدء احتلال عفرين ولا تزال الانتهاكات مستمرة، حيث بلغ عدد القتلى أكثر من 700 شخص بينهم 86 امرأة وعشر حالات انتحار جاءت على خلفية التضييق والانتهاكات والوضع السائد بعفرين إلى جانب إصابة أكثر من 700 آخرين بينهم 330 طفل و230 امرأة، في حين بلغ عدد المختطفين والمعتقلين من قبل سلطات الاحتلال التركي سواءً استخبارات أو شرطة مدنية وعسكرية أو الفصائل أو ما يسمى “الجيش الوطني”، أكثر من 9000 مدني بينهم أكثر من 1100 امرأة، إضافةً لوجود ما بين 1500 إلى 2000 مفقود لا يعرف مصيرهم هل هم مختطفون أو في عداد الموتى، و76 حالة اعتداء أو تحرش جنسي”.
وأضاف شيخو، أن هذه الانتهاكات بحق السكان الأصليين في عفرين ما تزال مستمرة وسط صمت مطبق من قبل المجتمع الدولي وتخاذل موقف حكومة دمشق، في ظل إعطاء تركيا الضوء الأخضر للفصائل التابعة لها لممارسة هذه الانتهاكات، التي تعتبر تركيا المسؤول الأول والأخير عنها بحكم تبعية الفصائل لها، ويجب أن تتحمل مسؤولياتها كسلطة احتلال بموجب المادة 43 من لائحة لاهاي عام 1907″.
وكانت الأمم المتحدة سجلت بعد انتهاء الهجوم التركي على عفرين والسيطرة عليها في آذار/ مارس 2018، تهجير نحو 150 ألف شخص من المدينة وريفها إلى منطقة ريف حلب الشمالي فقط، في حين وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد الذين هجروا من المنطقة بـ300 ألف شخص، كما وثق نقل 40 ألف مستوطن من مناطق سورية أخرى خاصةً غوطة دمشق الشرقية إلى عفرين حتى أيار/ مايو عام 2018.
وأصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في منتصف حزيران/ يونيو عام 2018، تقريراً قالت فيه إن جماعات مسلحة تدعمها تركيا استولت على ممتلكات المدنيين الكرد ونهبتها ودمرتها وأسكنت عناصر هذه الجماعات المسلحة وعائلاتهم في منازل السكان الأصليين في منطقة عفرين شمال غربي سوريا، ونهبت ودمرت الممتلكات المدنية دون تعويض أصحابها، مضيفةً أنه يتوجب على تركيا كسلطة مسؤولة عن هذه الجماعات التدخل ووقف هذه الانتهاكات بحق المدنيين وتأمين الحماية لهم.