هيڤي سليم
حمل التقرير السنوي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الصادر قبل أيام عن عام 2023 إدانات كبيرة للضربات التي يقوم بها النظام التركي ضد مواقع في شمال سوريا والعراق، لا سيما ما تحدثه من تدمير يطال البنى التحتية وكذلك الضحايا من المدنيين الأبرياء.
ومنذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي شنت القوات التركية 3 هجمات بأسلحة مختلفة على مناطق عدة في شمال وشرق سوريا، وكان ملاحظاً تركيزها على مشروعات البنية التحتية والمصانع والمراكز التجارية ومحطات المياه، ما تسبب في قطع المياه والكهرباء عن قطاعات واسعة من السكان وعرض حياتهم للخطر.
أضرار جسيمة بالبنية التحتية
وانتقد تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحملة العسكرية المكثفة التي شنتها تركيا ضد مناطق في شمال العراق وشمال شرق سوريا في عام 2023، مما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية الحيوية وتعطيل إمدادات المياه والكهرباء لملايين الأشخاص، منتقدة كذلك استمرار سيطرة تركيا على الأراضي في شمال سوريا.
في هذا السياق، يقول هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية إن مسألة استهداف البنية التحتية ليس لها إلا هدفاً واحداً وهو إفشال نموذج الإدارة الديمقراطية الذاتية في شمال وشرق سوريا، لأن النظام التركي يخشى استقرار ورسوخ تلك التجربة الملهمة والتي توجت قبل أسابيع بإصدار العقد الاجتماعي.
وأضاف “الجمل”، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أنه من الملاحظ أن النظام التركي يكثف ضرباته بشكل أساسي على المحال التجارية والمصانع وكل ما له علاقة بالإنتاج، وهذا أمر قد يخلق مشكلات اقتصادية في مناطق الإدارة الذاتية وتهدف لإفقارها على نحو قد يدفع لاضطرابات وخلافات بين الإدارة ومواطني تلك المناطق.
ورجح، في تصريحاته لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن النظام التركي حين يقطع المياه والكهرباء عن مئات الآلاف من السكان في مناطق الإدارة الذاتية يريد أن يدفعهم إلى النزوح والهجرة، على نحو يتماشى مع خطط النظام التركي العامة بتغيير التركيبة الديمغرافية لمناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب تغيير هوية المناطق التي تحتلها عبر سياسة التتريك على مدار السنوات الماضية.
وشدد الباحث في الشؤون الإقليمية على أن هذه الضربات مدانة دولياً وفقاً للقانون الدولي الإنساني وأحكامه، معرباً عن اعتقاده بأن ما ورد في تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” وخصوصاً تركيزه على نوعية الضربات واستهدافها البنى التحتية أمر يجب البناء عليه عبر مخاطبة المنظمات الدولية الأخرى والجهات المعنية بضرورة اتخاذ خطوات من شأنها وضع حد لهذه الممارسات التي تشكل انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان.
وكان بيان الإدارة الذاتية الديمقراطية كشف أن الهجمات التركية طالت البنية التحتية وتسببت بإصابات في صفوف المدنيين خلال الأسبوع الماضي وبدايات الأسبوع الجاري، حيث استهدف جيش الاحتلال التركي في عدوانه الهمجي الكثير من المدنيين ومنازلهم، وكذلك صوامع القمح في كوباني.
وبحسب البيان أيضاً، طالت الضربات التركية طواقم الإطفاء، ومحطة تحويل الكهرباء في عين عيسى وكوباني، ما أسفر عن قطع الكهرباء عن كوباني و 300 قرية حولها، وكذلك محطة الكهرباء في عامودا، وكذلك ناحية الدرباسية وريفها بما فيها مركز التموين، وأدت الهجمات العدوانية كذلك إلى إصابة طفلين وامرأة بسبب استهداف منزلهما في ريف الدرباسية.
هناك ما هو أخطر
بدوره، يقول حازم العبيدي المستشار السياسي لمركز الرافدين للعدالة وحقوق الإنسان بجنيف، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن استهداف البنى التحتية يعد من جرائم الحرب وأمر يخالف القانون الدولي الإنساني، لكن ما هو أخطر من استهداف البنية التحتية من قبل تركيا سواء في شمال سوريا أو شمال العراق، هو أن تصل تلك الضربات إلى المقار والمراكز الأمنية، على نحو قد يتسبب في ضرب المؤسسات الأمنية بتلك المناطق، ما يوفر بيئة رخوة تعيد مرة أخرى نشاط التنظيمات الإرهابية.
ويرى “العبيدي” أن مشكلة تركيا تكمن في أنها لا تريد أي وجود كردي على حدودها مع سوريا والعراق، بل أنها تقبل بوجود “الدواعش” على وجودهم، ولا تمانع في إبرام أية تفاهمات مع نظام بشار الأسد الإجرامي، فالأهم إبعاد الكرد عن حدودها، وبالتالي فمن مصلحة أنقرة أن يعود الإرهابيون إلى هذه المناطق وتنتشر الميليشيات والتنظيمات المسلحة فيها، حيث يمكنها التنسيق معهم.
وقال السياسي العراقي إن مصلحة تركيا وإيران تلتقي كذلك في مثل هذا الأمر، بدليل الضربات الأخيرة التي طالت مناطق في سوريا من قبل النظام الإيراني أو الحرس الثوري الإرهابي، مؤكداً أن النظام التركي لن يتوانى عن مواصلة الضربات وقد كانت هناك تصريحات تؤكد ذلك من المسؤولين الأتراك، بأنهم سيواصلون ضرباتهم ولن يسمحوا بالوجود الكردي في مناطق الحدود مع سوريا وسيمتد الأمر كذلك إلى العراق.
وكان المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية نشر معلومات على مواقعه الرسمية تشير إلى تعرض سجن الصناعة في مدينة الحسكة، الذي يحوي عناصر تنظيم داعش الإرهابي، لقصف صاروخي، حيث استُهدف قسم “أشبال الخلافة”، وأدى إلى إصابات خفيفة في صفوف المعتقلين، لافتاً إلى أن العشرات من معتقلي التنظيم الإرهابي حاولوا الفرار من السجن، إلا أن التدابير والقوات الأمنية أفشلت تلك المحاولة.