في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي تعرضت له مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، والمتزامن مع هجوم بصاروخ على سجن “الصناعة” بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا الذي يضم آلاف المحتجزين من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيانين رسميين منفصلين تنفيذه هجمات ضد ما قال إنه موقع تجسس لإسرائيل بإقليم كردستان وتجمع للإرهابيين في سوريا.
بيانا الحرس الثوري الإيراني اللذان أوردتهما وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، قالا إن الحرس الثوري قام بتحديد أماكن تجمع القادة والعناصر الرئيسية للإرهابيين الضالعين في العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا مدينتي كرمان وراسك جنوب شرقي إيران قبل أيام، وخاصةً من تنظيم داعش في “الأراضي المحتلة” من سوريا وتم استهدافها بصواريخ بالستية، إضافةً لرصد مقر للموساد الإسرائيلي في إقليم كردستان العراق وتدميره بصواريخ بالستية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية، قد قالت في بيان، إنه وفي تمام الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الثلاثاء السادس عشر من كانون الثاني/ يناير، تعرض سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا الذي يضم نحو 5000 محتجز من تنظيم داعش الإرهابي، لهجوم بصاروخ مجهول المصدر أطلق من مكان بعيد، ما أدى لأضرار في مبنى مخصص لما يسمون بـ”أشبال الخلافة” وإصابة عدد من المحتجزين، مشيرةً إلى أنها أحبطت محاولة فرار عشرات العناصر الإرهابية في أعقاب الهجوم وفرضت الاستقرار في السجن.
وسبق ذلك بساعات، إعلان سلطات إقليم كردستان تعرض مدينة أربيل عاصمة الإقليم لهجوم بعدة صواريخ، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص بينهم رجل أعمال بارز وإصابة 6 آخرين، إضافةً لأضرار مادية كبيرة طالت بعض المباني، قبل أن يعلن الحرس الثوري الإيراني في وقت لاحق مسؤوليته عن الهجوم، الذي قوبل بردود فعل عراقية مندد على المستويين الشعبي والرسمي.
إيران وداعش
الكاتب والمحلل السياسي ومدير مكتب جريدة الزمان الدولية في لندن مصطفى عمارة، قال في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية: “إنه من الممكن أن تكون أذرع إيران وراء الهجوم على سجن شرقي سوريا يضم محتجزين من تنظيم داعش، على اعتبار أن هناك غموض في العلاقة بين داعش وإيران، فرغم العداء الظاهر بين الطرفين إلا أن إيران تستخدم التنظيم أحياناً لإثارة القلاقل في المنطقة لتحقيق أجندات خاصة وكذلك تفعل تركيا أيضاً”.
الهجمات الإيرانية والتركية
وأضاف عمارة، أن إيران فعلت في كردستان العراق مثلما فعلت تركيا في هجماتها على المناطق التي يسيطر عليها الكرد في سوريا، وأن الطرفين انتهزا انشغال العالم بأحداث غزة في تنفيذ تلك الضربات بدعوى محاربة الإرهاب، معتبراً أن تركيا وإيران بعدوانهما هذا يدعمان الإرهاب مثلما تفعل إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وما قام به الطرفان ضد الكرد في سوريا والعراق هو انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة وكل الأعراف والقوانين الدولية، على حد تعبيره.
وتتعرض مناطق متفرقة في شمال وشرق سوريا وإقليم كردستان منذ سنوات لهجمات من قبل إيران وتركيا، إلا أن وتيرة هذه الهجمات تزايدت خلال الفترة الأخيرة وتركزت تلك التي تتبناها إيران والفصائل التابعة لها، على مطار أربيل الدولي وقاعدة “حرير” العسكرية قرب أربيل اللذين يضمان قوات أمريكية، في حين تتركز الاستهدافات التركية على البنى التحتية الأساسية والمرافق الخدمية والمنشآت الحيوية.
وأردف مدير مكتب جريدة الزمان الدولية في لندن خلال حديثه لـ”تارجيت”: أن إيران جعلت من العراق وإقليم كردستان ساحة لتصفية الحسابات مع الولايات المتحدة، وعليه فإنها تعرض الشعب الكردي لمخاطر جمة، مشيراً إلى أن الشكوى التي تقدم بها العراق بمجلس الأمن ضد إيران بعد الهجوم تعتبر سابقة بالعلاقات بين البلدين اللذين يرتبطان باتفاقيات أمنية وسياسية، إلا أن خيارات العراق في هذا الملف ستبقى محصورة في هذا الإجراء لأنه من المعروف أن الميليشيات الإيرانية تنتشر وتسيطر في العراق وتهدد سيادته، بحسب وصفه.
يذكر، أن سجن الصناعة الذي يضم نحو 5000 آلاف محتجز من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، كان قد تعرض في العشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2022 لهجوم من قبل خلايا تنظيم داعش الإرهابي، بالتزامن مع تنفيذ المحتجزين استعصاءً داخل السجن استمر لعدة أيام، ما أسفر عن فقدان 125 شخصاً بين مدنيين وعسكريين لحياتهم، إضافةً لمقتل وفقدان 374 عنصراً من داعش، قبل أن تعلن قوات سوريا الديمقراطية تصديها بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي والتحالف الدولي لمحاربة داعش للهجوم والقضاء على الاستعصاء وفرض الاستقرار في السجن.