نزوح وتوقف العملية التعليمية.. كوباني ترزح تحت وطأة القصف التركي

كوباني – عمر محمد

اضطرت روهلات عمر 40 عاماً للنزوح مع أسرتها قبل أكثر من عام من قريتها “كولتب” الواقعة بريف مدينة كوباني على الحدود السورية التركية، تحت وطأة القصف التركي المتواصل على القرية والقرى المجاورة، وما تبع ذلك من سقوط ضحايا وأضرار كبيرة في ممتلكات المدنيين، والمنشآت العامة والحيوية.

وتقطن روهلات حالياً مع أسرتها في مدينة كوباني بعد النزوح من قرية “كولتب” الواقعة على بعد 35 كيلومتراً شرقي المدينة، خوفاً على حياتها وحياة أطفالها من القصف التركي الذي يستهدف القرية بشكل مباشر كما تروي لمنصة “تارجيت” الإعلامية قائلة “خرجنا العام الماضي من قريتنا كان هناك قصف دائم على القرية من قبل تركيا، بشكل متكرر وعشوائي ليلاً نهاراً، لذلك لم نستطع العيش ونزحنا إلى مدينة كوباني، لعدم وجود أمان وخاصة على الأطفال، وأحياناً نذهب للقرية للعمل بالزراعة مع وجود خوف شديد ونضطر للعودة مساءً”.

وتسبب القصف والهجمات التركية المتواصلة على مناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب سقوط الضحايا المدنيين والدمار الكبير في الممتلكات والبنى التحتية الأساسية والمرافق الخدمية الحيوية، إلى حركة نزوح كبيرة من القرى والبلدات المحاذية للمناطق الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل التابعة لها، لاسيما في أرياف كوباني وتل أبيض/كري سبيه ورأس العين/سري كانيه.

وتضيف روهلات، أن من بين الأسباب التي دفعتهم للنزوح عدا الخوف على حياتهم وحياة أبنائهم، هي أن القصف التركي تسبب أيضاً بإغلاق مدرسة القرية، فاضطروا لإدخال أطفالهم في مدارس مدينة كوباني لمتابعة تعليمهم، موضحةً بأن القصف أدى لخلق حالة من الذعر بين أطفالها الذين يرفضون رفضاً تاماً أي حديث عن العودة للقرية وسماع أصوات القصف والقذائف بين الحين والآخر، على حد تعبيرها.

وتطل على قرية “كولتب” بريف كوباني التي كان تسكنها قرابة 25 أسرة قبل القصف التركي والتي لم يتبق منها الآن إلا عدد محدود جداً، 3 نقاط عسكرية للجيش التركي، تقصف بين الفينة والأخرى القرية والقرى المجاورة لها، ما يتسبب بخسائر بشرية ومادية كبيرة.

ومن جانبه، يقول أحمد محمد، وهو أحد سكان قرية “قره موغ” بريف كوباني الشرقي، التي تتعرض بشكل متكرر لقصف من قبل تركيا والفصائل التابعة لها لمنصة “تارجيت” بأن هنالك قصف تركي دائم على القرية وبشكل عشوائي، بالمدفعية والأسلحة الخفيفة يطال المنازل والمزارعين، إلى جانب حركات نزوح، وتوقف العملية التربوية ثلاث مرات خلال العام الماضي.

وتعرضت قرية “قره موغ” الواقعة على بعد نحو 22 كيلومتراً شرقي مدينة كوباني، لقصف من قبل تركيا والفصائل التابعة لها في الثامن من كانون الثاني/ يناير عام 2022، ما أسفر عن إصابة 6 أشخاص من عائلة واحدة بينهم طفل في الرابعة من عمره بترت سابقه، وذلك بعد استهداف تركيا في 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر من نفس العام مستوصف القرية ما أدى لتدميره بشكل كامل.

وبحسب أحمد، فإن عشرات المنازل في القرية تضررت جراء القصف التركي العشوائي، مؤكداً أن إحدى القذائف المدفعية سقطت داخل منزله العام الماضي ما أدى لتضرر أجزاء منه، وموضحاً خلال حديثه لـ”تارجيت”، أن المزارعين في القرى الحدودية يجدون صعوبات كبيرة في زراعة أراضيهم وجني محاصيلهم جراء القصف التركي.

الهجمات التركية تخلف آثار نفسية سلبية لدى الأطفال

وبشأن الآثار النفسية التي خلفها القصف والهجمات التركية على الأطفال في شمال سوريا، يؤكد المرشد النفسي في هيئة الصحة بمقاطعة الفرات جلال صالح في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن القصف التركي خلف مشكلات نفسية كثيرة لدى الأطفال منها ظهور علامات الخوف والسلوك العنيف والتبول اللاإرادي واضطراب النوم ومرض الكبد بسبب الخوف، إلى جانب القلق والكآبة والعزلة وغيرها من الآثار عند كبار السن.

ويضيف المرشد النفسي بأن القصف العشوائي الأخير على مناطق شمال وشرق سوريا، طال البنية التحتية وأماكن خدمية، منها مستوصفات صحية، حيث يقصد العشرات من الأهالي مركز الدعم النفسي في كوباني بشكل يومي، لتلقي الدعم والعلاج اللازم لتخطي العواقب النفسية والجسدية لهذا القصف.

فيما قال نائب الرئاسة المشتركة لهيئة التربية بمقاطعة الفرات أدهم خليل بأن القصف التركي تسبب بإغلاق 590 مدرسة في المنطقة وحرمان 68 ألفاً و440 طالباً وطالبة من العملية التعليمية، وأضاف في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن المنشآت التعليمية كان لها نصيب كبير من القصف التركي، والمدارس في المناطق المحاذية للمناطق الخاضعة لسيطرة تركيا كقرى “كولتب وقره موغ” تشهد توقفاً كاملاً للعملية التعليمية جراء القصف.

وكانت هيئة التريبة والتعليم في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا، قد قالت إن العملية التعليمية متوقفة بشكل كامل في مدرسة قرية “كولتب”، فيما يتعطل التعليم بشكل متكرر ودوري في مدارس قرى “قره موغ وعليشار وزور آفا وغيرها من القرى الحدودية، جراء القصف التركي، وذلك قبل إعلانها مطلع الشهر الجاري، عن خروج 710 مدارس في المنطقة عن الخدمة وحرمان نحو 90 ألف طالب من العملية التعليمية جراء استهداف تركيا للمدراس ولمطبعة “سيماف” في مدينة قامشلو في 25 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتي كانت تؤمن الكتب المدرسية لأغلب مدراس المنطقة.

والقطاع التعليمي ليس القطاع الوحيد الذي تضرر جراء القصف والهجمات التركية، بل طالت الأضرار جميع القطاعات الحيوية للمنطقة بما في ذلك الطبي والمراكز الطبية والمستشفيات وعلى رأسها مركز “مشتى نور” الطبي في مدينة كوباني ومركز غسيل الكلى في مدينة قامشلو الذي كان يقدم الخدمات الطبية لمئات مرضى الكلى، وبالتالي حرمان آلاف المرضى من تلقي العلاج، إلى جانب قطاع الطاقة والمحروقات ومحطات الكهرباء والمياه وغيرها، ما حرم الملايين من الكهرباء والمياه الصالحة للشرب في عدة مناطق.

قد يعجبك ايضا