“مئة ألف لا تكفي لوجبة غداء”.. انهيار الليرة يفاقم أزمات السوريين

كنان إسماعيل-الرقة

جاء الانهيار المتسارع لليرة السورية أمام العملات الأجنبية ليعمق الأزمات المتلاحقة التي يعانيها السوريون منذ اندلاع الأزمة في آذار/ مارس عام 2011، من قتل وتهجير ونزوح ودمار للمنازل والبنى التحتية، وخاصةً بعد عام 2020 وبدء سريان عقوبات قيصر الأمريكية على حكومة دمشق.

ورغم أن العقوبات وفق ما تقول واشنطن تستهدف حكومة دمشق على خلفية انتهاكاتها بحق السوريين على مدى سنوات الأزمة، ولإرغامها على الانخراط في محادثات تقود إلى حل سياسي للأزمة، إلا أن المدنيين السوريين هم من يدفعون الفاتورة الأكبر لذلك، عبر استمرار انهيار الليرة بموازاة ارتفاع الأسعار بشكل كبير ومتسارع.

“مئة ألف ليرة لا تكفي لوجبة غداء واحدة، بينما كانت 1000 ليرة تكفي عائلة كاملة لجميع احتياجاتها من طعام وطبابة وغيرها”، يقولها عبد المنعم درويش 49 عاماً وهو أحد سكان مدينة الرقة شمال شرقي سوريا لمنصة “تارجيت” الإعلامية في سياق حديثه عن نتائج وتداعيات تدهور الليرة السورية أمام العملات الأجنبية وما رافقها من ارتفاع بأسعار جميع المواد والخدمات بما في ذلك الأدوية والطبابة.

ويعرب درويش عن استغرابه خلال حديثه عن عدم استثناء مناطق شمال وشرق سوريا من العقوبات الأمريكية المفروضة على حكومة دمشق، على اعتبار أن المنطقة شريك للتحالف الدولي في محارية الإرهاب.

ويبلغ سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء خلال هذه الفترة 15000 ليرة للدولار الأمريكي الواحد بعد أن كان سعر صرفها 2000 ليرة للدولار مطلع عام 2020 وخمسين ليرة للدولار الواحد عند اندلاع الأزمة بسوريا في آذار/ مارس عام 2011.

في حين، يقول إسماعيل التمو وهو أحد التجار في مدينة الرقة “تأثرنا نحن كتجار وكمواطنين وكعمال بسبب العقوبات الأمريكية على سوريا” ويضيف في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن المادة التي كانت تباع بـ10 دولارات أصبحت بـ20 دولار، إلى جانب استمرار تدهور الليرة، وذلك بسبب العقوبات الغربية، وأن الدولار وصل اليوم إلى 15500 ليرة.

90 بالمئة من السوريين تحت خطر الفقر

وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن 90 في المئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، في حين يعاني 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، إضافةً إلى أن نحو مليونين وسبعمئة ألف شخص يعانون من انعدام حاد للأمن الغذائي، ناهيك عن أن أسعار المواد الأساسية والغذائية ترتفع بشكل شبه يومي في جميع أنحاء البلاد.

الخبير الاقتصادي إبراهيم محمد، من أبناء مدينة الرقة، يقول لمنصة “تارجيت” الإعلامية في هذا السياق بأنه منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011 تدمر قسم كبير من البنية الاقتصادية للسكان ما أدى لتدهور الوضع الاقتصادي، وكان من نتائج ذلك هجرة الفعاليات الاقتصادية خارج البلاد، مضيفاً أنه منذ سنوات قليلة تم فرض عقوبات على سوريا والتي كانت بمثابة المسمار الأخير في نعش الوضع الاقتصادي للسكان”.

 مفاوضات سياسية حقيقية

 ومنذ حزيران 2020 دخلت عقوبات “قيصر” الأمريكية على حكومة دمشق حيز التنفيذ، على خلفية ما تقول الولايات المتحدة إنه ارتكاب دمشق ومسؤولين فيها انتهاكات جسيمة بحق السوريين خلال سنوات الحرب، وسبق ذلك فرض الاتحاد الأوروبي ودول غربية عديدة عقوبات مماثلة على حكومة دمشق، وسط إصرار غربي على عدم رفع هذه العقوبات أو المشاركة في إعادة إعمار سوريا قبل انخراط دمشق في مفاوضات سياسية حقيقة بموجب القرارات الأممية بشأن سوريا وعلى رأسها القرار 2254 وتشكيل هيئة حكم انتقالية وتحقيق الانتقال السياسي السلمي، بعيداً عن جميع أشكال العنف وإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المغيبين.

وإلى جانب انهيار الليرة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، تشهد سوريا وخاصة مناطق سيطرة حكومة دمشق شحاً بالمحروقات والمشتقات النفطية جراء العقوبات الغربية، حيث وصل سعر اللتر الواحد هناك من مادة المازوت إلى نحو 15000 ألف ليرة والبنزين إلى أكثر من 10000 ليرة، وسط شبه انعدام للغاز المنزلي وارتفاع أسعار المتوفر منه بشكل كبير، حيث تؤكد تقارير أن هناك حالة من الغضب والتململ الشعبي في تلك المناطق، في ظل استمرار عجز دمشق عن وضع حد لتلك الأزمات.

قد يعجبك ايضا