الرقة – كنان اسماعيل
يتصدر التجنيد الإجباري رأس قائمة المشاكل التي يواجهها الشباب السوري منذ بدء آذار\مارس 2011 إلى جانب مشاكل جمة أخرى مثل البطالة وانعدام فرص العمل وعدم القدرة على استكمال التحصيل الدراسي والخطر الأمني وغيرها من المشاكل التي جعلت هذه الفئة العمرية تضع الهجرة خارج البلاد والبحث عن فرصة هناك على رأس أهدافها، في ظل فقدان الأمل بمستقبل أفضل داخل البلاد.
وكان التجنيد الإجباري أحد أبرز العقبات أمام الشباب السوري للبدء بحياتهم العملية أو حتى السفر وأخذ فرصهم في سوق العمل داخلياً وخارجياً قبل اندلاع الأزمة في سوريا عام 2011، إلا أن هذه العقبة أصبحت أكثر تعقيداً بعد الأزمة في ظل عدم تحديد سنوات الخدمة واضطرار المجند للبقاء فيها سنوات.
خالد الحمود 30 عاماً أحد سكان مدينة الرقة شمال شرقي سوريا، يجد نفسه مضطراً للبقاء داخل المدينة والتنقل فقط في مناطق شمال وشرق سوريا، دون القدرة على الذهاب إلى مناطق سيطرة حكومة دمشق أو المناطق السورية الأخرى، لأنه سيجد نفسه مساقاً للتجنيد الإجباري لدى دمشق، ويتحدث في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية عن أنهم كشباب يعانون من تقييد حرية تنقلهم داخل البلاد أو حتى خارجها كون الأمر يتطلب أغلب الأحيان بالمرور بمناطق سيطرة حكومة دمشق وبالتالي الاصطدام بمعضلة التجنيد الإجباري.
حصار داخلي
ويجد الحمود عجز الحركة هذا عائقاً على تحركه بحرية، فيما يقول بأنه “لا نستطيع أحياناً مرافقة شخص مريض، ويضطر الشباب لإرسال أهاليهم الكبار بالسن من أجل العلاج لوحدهم خوفاً من التجنيد الإجباري” ويضيف أنه في مجال عمله يتم استدعائه لاجتماعات ومؤتمرات خارج سوريا لكنه لا يستطيع الذهاب، لأنه لا يمتلك جواز سفر ولا يستطيع استخراجه وهذه مشكلة عامة لدى الشباب لأن استخراج جواز السفر مرتبط بالتجنيد الإجباري.
فيما تلعب الحواجز العسكرية التابعة لقوات حكومة دمشق المنتشرة على حدود مناطق سيطرتها وداخل المدن والبلدات في هذه المناطق الدور الأهم في عملية التجنيد، كون عناصرها تقوم باعتقال أي شاب لم يؤدي الخدمة الإلزامية يمر عبرها وتسوقه للتجنيد، حيث تزود وزارة الدفاع في حكومة دمشق شعب التجنيد التابعة لها بقوائم دورية بأسماء المطلوبين للتجنيد الإجباري والاحتياطي وتعميم أسماءهم على الحواجز لاعتقالهم أثناء مرورهم.
ومن جانبه، اعتبر عبدالله الجعفر من أبناء مدينة الرقة خلال تصريحات لمنصة “تارجيت”، بأنهم يعاني في مسألة استخراج جواز السفر لارتباطها بالتجنيد الإجباري مشيراً إلى ذلك يؤثر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ويؤدي لمزيد من التدهور وعدم الاستقرار على حد قوله.
فيما يقول سليم السعيد 23 عاماً وهو أحد سكان الرقة بأن “الشباب يعانون كثيراً عكس النساء اللواتي لسن مطلوبات للتجنيد الإجباري وبإمكانهن التنقل بحرية”.
“كسب مادي وعقاب جماعي”
وتقول تقارير حقوقية إن قوات حكومة دمشق أصبحت بعد اندلاع الأزمة تزج الشباب في جبهات القتال وتأخذهم للتجنيد بشكل عشوائي خاصةً بعد أن فقدت السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي بمختلف مناطق البلاد والخسائر البشرية الكبيرة التي تكبدتها خلال الحرب والتي قدرها المرصد السوري لحقوق الإنسان بنحو سبعة وأربعين ألف عسكري.
وتتهم حكومة دمشق أيضاً، أنها تتخذ من مسألة التجنيد الإجباري وحاجة الشباب سواءً في الداخل أو الخارج لأوراق ومستندات من مؤسساتها وسفاراتها، من أجل تحقيق عوائد مالية كبيرة تقدر بآلاف الدولارات، إلى جانب أنه جرى توثيق ابتزاز شبان على الحواجز من أجل الحصول على إتاوات لقاء السماح لهم بالمرور بحجة أنهم مطلوبون للتجنيد الإجباري، حيث يضطر الشاب منهم لدفع مبلغ معين من أجل عدم إلقاء القبض عليه، ويستدل على ذلك بالمراسيم التي يصدرها رئيس النظام السوري بشار الأسد والتي تتيح دفع بدائل نقدية عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية، والتي كان آخرها المتعلق بالمطلوبين للاحتياط وبلغوا سن الأربعين، والذين سمح لهم المرسوم بدفع مبلغ أربعة آلاف وثمانمئة دولار أو ما يعادلها بالعملة السورية.
وتؤكد جهات حقوقية، أن قوات حكومة دمشق تستخدم قضية التجنيد لمعاقبة السوريين في المناطق التي خرجت عن سيطرتها ثم استعادت السيطرة عليها لاحقاً، لاسيما العائلات التي انشق منها عسكريون سابقون أو انخرطت في الحراك أو القتال ضدها، لذلك تشن بشكل متكرر إلى جانب الاعتقال على الحواجز، حملات دهم واعتقالات في أرياف درعا ودمشق وحمص وحلب وحماة لاعتقال الشبان وسوقهم للتجنيد الإجباري أو الاحتياطي.