أكد الدكتور منذر قفراش رئيس جبهة إنقاذ تونس، في تصريحات خاصة لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن هنالك عريضة ستقدم إلى مجلس نواب الشعب في تونس ترمي لحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفها منظمة إرهابية في تونس، في خطوة إن تمت ستشكل ضربة للجماعة التي لفظتها شعوب المنطقة ومن خلفها النظام التركي.
وتتزامن تلك التحركات مع حديث داخل حركة النهضة التونسية، التابعة لتنظيم الإخوان الدولي الإرهابي، عن تغيير اسمها في ظل كثير من الانقسامات التي ضربت صفوفها خلال الفترة الماضية، إلى جانب صدامها مع مؤسسات الدولة، واعتقال أبرز قاداتها ورموزها وفي مقدمتهم رئيسها راشد الغنوسي الحليف القوي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تفاصيل التحرك لحظر الإخوان في تونس
حول تفاصيل تلك التحركات، أوضح “قفراش” أن المقترح يتعلق بحظر نشاط الأحزاب والجمعيات التابعة للإخوان في تونس مثل حزب حركة النهضة، كما يقوم مشروع القانون الذي تتبناه عدة أحزاب من بينها حزب جبهة إنقاذ تونس (تحت التأسيس) على معاقبة كل من ينتمي لحركة الإخوان أو أحد توابعها بالسجن وغرامة مالية ومصادرة أمواله إن كان فرداً أو حزباً أو جمعية.
وعن أسباب هذا التحرك، قال السياسي التونسي البارز، في سياق حديثه لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن هذه الخطوة المشابهة لما وقع في مصر تهدف إلى مواصلة مسار 25 جويلية الذي أعلن عنه الرئيس قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية للقطيعة النهائية مع ما سمي في تونس بالعشرية السوداء وهي العشرية التي حكمت فيها حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها.
وكان شهر يوليو من عام 2021 شهد احتجاجات واسعة في مختلف المدن التونسية ضد حركة النهضة ، مطالبة بإسقاط حكومتها، وسط اتهامات لها بالفشل في إدارة شؤون الدولة والفساد، والتمكين لعناصر الإخوان في مختلف مؤسسات الدولة، إلى جانب اتهامات لها بتكوين تنظيم سري ينسب له اغتيال المعارضين البارزين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.
وقد أتت تلك الخطوة في مشهد مشابه بالفعل لما جرى في مصر عام 2013 عندما خرج المصريون في كافة محافظات الجمهورية يطالبون “بإسقاط حكم المرشد”، إذ أن الجماعة أحدثت مجموعة كبيرة من الأزمات الاقتصادية والمجتمعية والدينية والسياسية خلال عام واحد أدارت فيه البلاد، على نحو كاد يعرض الشعب المصري لحرب أهلية.
سوريا حاضرة في المشهد التونسي
وفي سياق قريب، أكد رئيس جبهة إنقاذ تونس أن التهم الموجهة لمرشد الإخوان في تونس راشد الغنوشي و نوابه كل من علي العريض ونورالدين البحيري تهم خطيرة جداً تتعلق بالتآمر على أمن الدولة والإرهاب، والتي تصل عقوبتها وفق القانون التونسي إلى الإعدام، على حد تأكيده.
وتطرق “قفراش”، في ختام تصريحاته، إلى أن حركة النهضة “إخوان تونس” تورطت في نقل التونسيين للقتال في سوريا فيما عرف بـ”قضية التسفير”، إذ أنه خلال فترة حكمها في عامي 2012 و2013، أرسلت 10 آلاف شاب وشابة تونسية للقتال في سوريا وليبيا بالتعاون مع قطر وتركيا، لافتاً إلى أن راشد الغنوشي يحاكم اليوم في ملف التسفير.
وأصبح “الغنوشي” منذ اعتقاله سابقاً قبل أشهر يواجه مجموعة واسعة من الاتهامات على رأسها أن حركة النهضة التي يتزعمها كان لها دوراً في تسفير آلاف التونسيين إلى سوريا والعراق أو ما تسمى بـ”بؤر التوتر” للقتال مع التنظيمات الإرهابية في تلك الدول، كما أن بعض من هؤلاء عاد مرة أخرى إلى البلاد ونفذوا عمليات إرهابية أوقعت ضحايا.
وليس “ألغنوشي” وحده الذي يتم التحقيق معه بشأن تسفير الشباب للقتال في سوريا والعراق، بل تضم القضية كذلك علي العريض وزير الداخلية التونسي السابق وعدداً من القيادات الأمنية التي كانت تدير وزارته في الفترة من 2011 و2014، وكذلك البرلماني السابق ورجل الأعمال محمد فريخة والقيادي الإخواني الحبيب اللوز.
حيلة جديدة للإخوان في تونس
في سياق متصل، كشف العجمي الوريمي الأمين العام لحركة النهضة عن حيلة جديدة للجماعة الإخوانية للإفلات من الوضعية الحالية لها، إذ قال في تصريحات إنه قد تم طرح تغيير اسم “النهضة”، وكذلك طرح تغيير اسم مجلس الشورى التابع لها إلى المجلس الوطني، وهي التصريحات التي تأتي قبيل المؤتمر رقم 11 لحزب حركة النهضة.
تعليقاً على ذلك، يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات إن مسألة تغيير الحركة اسمها مجرد مناورة لا تعني أي شيء؛ إذ أنها ستبقى هي هي الحركة التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية ولديها نفس الأفكار، وايضاً الشعب التونسي لن تنطلي عليه مثل هذه الحيلة التي لا تعني إلا محاولة خداع فاشلة.
واضاف “الشريف”، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن حركة النهضة التونسية للأسف استغلت مناخ الحرية والديمقراطية لتصل إلى الحكم، ولما وصلت بدأت في تنفيذ الأجندة الإخوانية المعتادة، عبر التمكين لعناصرها في مؤسسات الدولة، واختراق كافة أجهزة الدولة في إطار ما يعرف بـ”التمكين”، والتورط في أعمال الإرهاب ورهن البلاد لأجندات التنظيم الدولي للإخوان.
وأكد الخبير السياسي المصري أن عصر الإخوان انتهى في المنطقة بلا رجعة، فقد سقطوا في مصر سقوطاً مدوياً إذ لم يستطع المصريون تحملهم أكثر من عام واحد، كما سقطوا كذلك في ليبيا وعديد من المناطق، وللمفارقة أنهم بدلاً من أن يعيدوا النظر في مواقفهم ويصححوا أخطائهم وينحنوا أمام المطالب الشعبية، لجأوا بدلاً من ذلك إلى العنف والإرهاب، مؤكداً كذلك أن تغيير اسم حركة النهضة في ضوء ذلك مجرد حيلة أو مناورة لن تأت بأية ثمار.
وظهرت جماعة الإخوان في تونس خلال فترة الثمانينيات وكانت تحمل اسم “حركة الاتجاه الإسلامي” وكانت تدير نشاطها بشكل سري، إلا أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عندما اكتشف الأمر حظر نشاطها كما ألقى بقياداتها في السجون، إلا أنها لاحقاً أصبحت تحمل اسم “ألنهضة”، واستطاعت الوصول إلى حكم البلاد بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي ضمن الأحداث التي سميت بـ”الربيع العربي”.
وقد واجهت الحركة كذلك انتقادات شديدة خلال سيطرتها على الحكم بشأن علاقتها مع تركيا، ليس فيما يتعلق بالتعاون مع “أردوغان” في مسألة تسفير الشباب، وإنما كذلك رفضاً لاتفاقات تجارية واقتصادية كانت تبرم بميزات مفصلة لمصلحة “أنقرة” اُعتبر أن من شأنها فرض الهيمنة التركية على اقتصاد البلاد.