بعد إعلان الاستخبارات التركية الكارثي.. خبراء: العلاقة بين “أنقرة” و”داعش” تكاملية تقوم على تبادل الأدوار
يؤكد خبراء سياسيون وفي شؤون الحركات الإسلامية أن العلاقة بين تركيا وتنظيم “داعش” الإرهابي وثيقة، مشيرين إلى أن الاستخبارات التركية وقعت في خطأ يؤكد تلك العلاقة حين أعلنت مسؤوليتها عن استهداف مواطن مدني في مدينة الطبقة شمال شرق سوريا والذي للمفارقة كان “داعش” أعلن مسؤوليته عن استهدافه سابقاً.
وكان التنظيم أعلن في أغسطس/آب الماضي اغتيال المواطن عمر محمد عبدالله الدحام وهو مدني على يد الخلايا النائمة التابعة له في مدينة الطبقة، ثم عادت الاستخبارات التركية لتعلن قبل أيام أنها استهدفته بزعم أنه كان أحد عناصر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وأنه كان ينفذ عمليات ضد قوات الاحتلال التركي.
علاقة وثيقة
في هذا السياق، يقول ماهر فرغلي الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، في اتصال هاتفي لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إنه من المعروف أن العلاقة بين تركيا وتنظيم “داعش” الإرهابي وثيقة، وهي بالأساس من مررت دخول عناصر التنظيم إلى الأراضي السورية وتم ذلك على مدار سنوات سابقة، وبالتالي كانت نقطة مرور رئيسية للإرهابيين بل كانت كل الانتقالات تمر عبر الأراضي التركية.
وأضاف “فرغلي” أن تركيا كانت تمرر داعش للسيطرة على مناطق في الشمال السوري، لأنها بالأساس لا تريد لا وجود الكرد في تلك المناطق ولا تريد كذلك حتى وجود النظام السوري، أي أن التنظيم وجوده في تلك المناطق أفضل بالنسبة لـ”أنقرة”، وعليه فإن الهجمات التركية على مناطق وشمال شرق سوريا التي تتكرر من وقت لآخر سيكون لها تأثيرها على الإرهاب في تلك المناطق.
وأوضح الخبير في شؤون الحركات الإسلامية أن هذه الضربات لها تأثيراتها المباشرة عندما تطال المراكز أو المقار الأمنية في شمال وشرق سوريا، وبالتالي إمكانية هروب مقاتلي التنظيم المقبوض عليهم في تلك المناطق، وقد يكون التأثير بشكل غير مباشر كذلك لأن هذه الضربات تسبب حالة من الارتباك والاضطرابات تساعد على نشاط “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية.
وقد أصدر المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية بياناً أكد فيه أن المواطن الذي تدعي تركيا أنها قد استهدفته بداعي صلته بقوات “ٌقسد” لا علاقة له بها ولم يشارك في أي من فعالياتها العسكرية، معتبرة أن هذا الإعلان من قبل الاستخابرات التركية يؤكد أن هناك علاقة واضحة بين استخبارات الاحتلال و”داعش” للعبث بأمن واستقرار المنطقة وتبادل الأدوار في استهداف السكان.
تركيا توظف تنظيم “داعش”
من جهته، يقول حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، في اتصال هاتفي لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن العلاقة بين تركيا وتنظيم “داعش” الإرهابي أتت في إطار التوظيف من قبل النظام التركي الحالي له في إطار الاستفادة منه في تحقيق عديد من المصالح والأهداف السياسية، كما هو الحال في تعامله مع معظم حركات ما يسمى بـ”الإسلام السياسي”.
وأوضح أن النظام التركي لعب دوراً محورياً في إحداث حالة الفوضى في المنطقة و”داعش” وغيره من الحركات الإرهابية المختلفة كانت الأداة الرئيسية في إحداث تلك الفوضى، وهي التي ساعدت كذلك النظام التركي للتدخل في شمال سوريا واحتلال كثير من المناطق، وقد نشر في أكثر من مرة أدلة متعددة بشأن الدعم الذي تقدمه أنقرة للتنظيمات الإرهابية في سوريا وفي دول المنطقة، وفي إطار تبادل الأدوار بين الطرفين.
ولفت المحلل السياسي العراقي إلى أن النظام التركي كان يشتري كذلك النفط المسروق من قبل التنظيم بأسعار بخسة للغاية مقابل السلاح الذي كان يتم تقديمه لهؤلاء الإرهابيين والذي كان ينقل في سيارات تابعة للمخابرات التركية، مشيراً إلى أن روسيا سبق ونشرت لقطات مصورة تكشف عن التعاون بين “داعش” والنظام التركي، وكذلك بعض التحقيقات الصحفية التركية والتي تعرض من كتبوها للاعتقال والسجن بتهم مختلفة.
وحذر “العبيدي” من خطورة الضربات التركية التي تطال شمال وشرق سوريا من وقت لآخر، معتبراً أن من شأنها إحداث حالة من الفوضى الأمنية وعدم الاستقرار الذي يوفر بيئة خصبة لإعادة التنظيمات الإرهابية نشاطها وعلى رأسها تنظيم “داعش”، وهذا أمر من شأنه تقويض جهود مكافحة الإرهاب والذي دفع ثمن محاربته أهالي شمال وشرق سوريا وكذلك العراقيون.
وأشار “العبيدي” كذلك إلى وثاق مسربة في عام 2020 تتعلق بنشاط الاستخبارات التركية، حيث أفادت تلك التسريبات بأن انفجارات قد طالت مستودعات أسلحة وذحائر تركية عدة كان الهدف منها محو أدلة بشأن أسلحة متنوعة تم تقديمها من الجانب التركي إلى تنظيم “داعش”، وبعض تلك المستودعات كانت في مناطق قريبة من الحدود السورية وأخرى في قبرص الشمالية.
واعتبر المحلل السياسي العراقي أن الاستخبارات التركية قد وقعت في خطأ استخباراتي كبير عندما أعلنت تبنيها استهداف هذا المواطن، فمن الواضح أن هناك حالة من الارتباك لديها، لأن إعلانها يقدم دليلاً جديداً دون قصد على علاقة التكامل بينها وبين التنظيم الإرهابي، وأن الأخير ما هو إلا إحدى الأدوات التي يستخدمها النظام التركي في الأراضي السورية مثل غيره من الميليشيات التي تتحالف معه في تلك المناطق.
يذكر أنه مع كل هجوم تركي تشن الميليشيات المنضوية تحت ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري” هجمات مماثلة عند خطوط التماس الفاصلة بين المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال التركي وبقية مناطق شمال وشرق سوريا، وعادة ما يكون المدنيون هم من يدفعون الثمن الأكبر لاعتداءات الاحتلال وأعوانه وكذلك البنية التحتية والمرافق الحيوية التي يجرم القانون الدولي استهدافها.