أمراض بالجملة في ظل واقع مأساوي لقاطني مخيم “واشو كاني” بريف الحسكة

الحسكة ـ إيفا أمين

تقول إيمان محمود الأم لثلاثة أطفال وهي خارجة من النقطة الطبية في مخيم “واشو كاني” قرب مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، إنها تتردد بشكل شبه يومي على هذه العيادة منذ دخول فصل الشتاء واشتداد البرد وانتشار الأمراض الموسمية، التي يكون الأطفال أكثر عرضة لها وأقل مقاومة.

إيمان المهجرة من ريف رأس العين/سري كانيه بعد دخول تركيا والفصائل التابعة لها للمدينة عام 2019، والقاطنة في مخيم “واشو كاني” رفقة أسرتها، تضيف في حديث لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن مراجعاتها المتكررة للنقطة الطبية التابعة للهلال الأحمر الكردي في المخيم، لا تجدي نفعاً رغم المواظبة على الدواء والاستماع لإرشادات الطبيب، في ظل عدم موائمة البيئة في الخيمة والمخيم للشفاء من الأمراض، وسط اشتداد البرد والافتقاد لوسائل التدفئة الكاملة.

وتوضح إيمان، أنهم واقعون بين مخاطر البرد وخوف إبقاء المدفئة مشتعلة داخل الخيمة ليلاً وهم نائمون لما يحمله ذلك من مخاطر احتراق الخيمة على اعتبار أنها من مواد قابلة للاشتعال السريع، أو الاختناق والإصابة بالأمراض التنفسية من رائحة المحروقات، وتقول بلهجتها المحلية “عايشين عالفراغ وما حدا معترف فينا، لا أحد يهتم لأمرنا”.

ويأوي مخيم “واشو كاني” الذي يقع على بعد نحو 13 كم شمال غربي مدينة الحسكة، نحو 12 ألف شخص يتوزعون على أكثر من 1700 خيمة، جميعهم مهجرون من مدينة رأس العين/سري كانيه وريفها، بعد دخول تركيا والفصائل التابعة لها في العشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2019، حيث يفتقد المخيم لأبسط مقومات العيش في ظل نقص المساعدات المقدمة من المنظمات الإنسانية والإغاثية والاعتماد على المساعدات التي تقدمها الإدارة الذاتية بحدود إمكانياتها والخدمات الطبية التي يقدمها الهلال الأحمر الكردي.

معاناة متكرر مع كل شتاء

بدوره، يؤكد عز الدين دربو، وهو مهجر من قرية “رجلة الحمرا” التابعة لرأس العين/ سري كانيه، أنهم في المخيم يعيشون معاناة مع كل دخول لفصل الشتاء وهطول الأمطار، من حيث صعوبة تصريف المياه التي تجتاح خيمهم، على اعتبار أن المخيم يقع عند نهاية منحدر، وما يتبع ذلك من غمر الخيم بشكل متكرر بالمياه في ليالي الشتاء القارسة.

ويوضح دربو في حديث لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن الأطفال معرضون للإصابة بالأمراض بشكل متكرر في ظل البرد القارس واهتراء الخيم ودخول مياه الأمطار إلى داخلها بشكل متكرر، مشيراً إلى أنهم لا يستطيعون إبقاء المدفئة مشتعلة ليلاً خوفاً من الحرائق، ويردف: “أنهم مضطرون أيضاً لشراء الأدوية من الخارج في ظل ارتفاع كبير في أسعارها، وفقدان أغلبها في عيادات الهلال الأحمر الكردي.

ووثقت منظمات إغاثية، مئات حالات التسمم في مخيم “واشو كاني” خلال صيف عام 2021، حيث أكدت عيادات الهلال الأحمر الكردي حينها أن تستقبل ما بين 15 و 20 حالة يومياً، وأرجعت انتشار هذه الحالات إلى الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والاعتماد على مياه ملوثة وغير صالحة للاستعمال البشري، مؤكدةً أن أغلب خزانات المياه في المخيم بدون أغطية وعرضة للامتلاء بالأوساخ والملوثات، إلى جانب اعتماد البعض على مياه غير صالحة للشرب، في ظل قطع تركيا والفصائل التابعة لها لمياه محطة “علوك” بريف رأس العين/ سري كانيه، التي تغذي مدينة الحسكة وريفها بمياه الشرب.

سامية المحميد، وهي مهجرة من ريف رأس العين/ سري كانيه، تحدثت من جانبها لمنصة “تارجيت” الإعلامية، عن المعاناة التي يعيشونها في المخيم صيفاً بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة المياه وانقطاع الكهرباء، وما يتبع ذلك من أمراض أغلبها هضمية وحالات تسمم، وشتاءً بسبب البرد القارس وعدم كفاية وسائل التدفئة.

وتقول “لما يمرض واحد من ولادي يمرض البقية، لأنو كلياتنا بخيمة وحدة وفيها نفس وريحة مازوت” وتشير خلال حديثها لمنصتنا، إلى أنهم يعانون من ارتفاع أسعار الأدوية التي يضطرون لشرائها من الخارج لعدم توفرها في عيادات الهلال الأحمر الكردي.

وكانت منظمات إنسانية وإغاثية، أعلنت في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تعليق برامجها الإغاثية في مخيم “واشو كاني” مؤقتاً، احتجاجاً على تعرض محيط المخيم لقصف بالطائرات المسيرة من قبل الاحتلال التركي، منددةً حينها بأي استهداف للمدنيين ولمخيمات النازحين والمهجرين في المنطقة.

حالات مرضية عديدة

وتحدثت قائدة فريق مخيم “واشو كاني” في الهلال الأحمر الكردي خناف أحمد، لمنصتنا عن الحالات المرضية والظروف الصحية في المخيم، وتؤكد أن أكثر المرضى الذين يراجعون عيادات الهلال هم من الأطفال، وغالباً ما يعانون من أمراض إنتانية وربو ورشح والتهابات صدرية، كون بيئة المخيم لا تساعد على الشفاء من الأمراض في ظل انتشار الملوثات والبرد الشديد ووجود مرافق الخدمات خارجياً.

وقالت أحمد بإن أغلب الخيم جميعها مهترئة ولم يتم تغييرها منذ تأسيس المخيم أواخر عام 2019، مؤكدةً بأنه لا تتوفر في المخيم وسائل الوقاية المناسبة، لذلك تنتشر الحالات المرضية، حيث يراجع بين 150 إلى 200 مريض يومياً النقاط الطبية للهلال الأحمر الكردي بشكل وسطي، لافتةً إلى أن الأهالي يفتقدون لتطبيق الخطط العلاجية ولا يتقيدون بها بالشكل المطلوب.

ويقول مسؤولو الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، إن الإدارة ومنذ تأسيسها للمخيم في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019، لا تدخر جهداً في حدود إمكانياتها لتجهيز المخيم بالمستلزمات والخدمات الأساسية حيث تم افتتاح مدرسة للتعليم الابتدائي وتنظيم المخيم إدارياً، كما أن فرق الهلال الأحمر الكردي تنتشر هناك لتقديم الخدمات الطبية، في ظل التقصير من قبل المنظمات الإغاثية الدولية ومحدودية مساعداتها.

قد يعجبك ايضا