تتواصل الانتقادات والإدانات الدولية للقصف التركي على عدة مناطق في شمال وشرق سوريا، والذي تسبب في سقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء بين قتلى ومصابين إصابات بالغة، وكذلك طال منشئات تتعلق بالبنية التحتية ومصانع لإنتاج المواد الغذائية والزراعية ومواد البناء ومستشفى ومحطة للوقود.
وتعليقاً على تلك الضربات، قال الدكتور أيمن نصري رئيس المنتدى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان في جنيف إن الهجمات التركية على شمال وشرق سوريا تأتي ضد المعايير والضوابط الدولية التي تحمي المدنيين من القصف والقتل، وهذا ما أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948 والذي أكد على سلامة المدنيين وعدم استخدامهم كدروع بشرية أو قصفهم أو إدخالهم في حرب أو أن يكونوا وسيلة للضغط على طرف سياسي.
حملة تطهير عرقي واضحة
وأضاف “نصري”، في اتصال هاتفي لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن ما يجري في شمال شرق سوريا حملة تطهير عرقي واضحة للكرد من قبل تركيا، بل إننا نجد أن النظام التركي وصل به الأمر إلى وصف الكرد بالكفار، وهذا أمر يتضمن عنصرية وتعصب يتم استخدامه لخدمة أغراض النظام السياسية، لأنه بتلك الكلمات يحول الأمر إلى صراع عرقي وديني الهدف منه الحصول مكاسب سياسية من خلال القيام بحملة تطهير عرقي.
وقال إن الرئيس التركي يحاول القضاء على العرق الكردي، وهذا أمر يتنافى مع المعايير والضوابط الدولية لحماية الأقليات، لافتاً إلى أن القانون الدولي يضع للأقليات حماية خاصة جداً، موضحاً أن النظام التركي يسعى للقضاء على الكرد في شمال وشرق سوريا من أجل أن يكون له نفوذ ويسيطر على الأرض أكثر عبر تلك الضربات.
ويرى “نصري” أن ما يقوم به النظام التركي لا يوصف إلا بأنه “أسوأ أنواع الحروب”، لأنه يحارب أقلية، فالحروب بين الجيوش النظامية تكون متكافئة، لكن ضرب المدنيين تطهير عرقي وهذا كما قلت أسوأ أنواع الحروب، ويجب أن يتحرك المجتمع الدولي وكذلك المنظمات، والجانب الكردي المتضرر يجب أن يتحرك عبر المنظمات الدولية والأمم المتحدة والمجلس الدولي لحقوق الإنسان؛ للضغط على الأتراك.
وأتت الضربات التركية الأخيرة للمرة الثانية خلال 3 أشهر، إذ كانت المرة الأولى في مطلع أكتوبر الماضي أي تزامناً مع العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، وقد قام جيش الاحتلال التركي باستهداف البنى التحتية ومحطات المياه والسدود، على نحو تسبب وقتها في قطع المياه والكهرباء عن حوالي مليون إنسان في مناطق شمال وشرق سوريا.
غياب الضغط الدولي والانشغال بحرب غزة
ويرى رئيس المنتدى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان أن غياب الضغط على النظام التركي بشأن الملف الكردي جعله ينفرد بالساحة ويمعن في زيادة الضربات التي تطال المدنيين والمصانع والمستشفيات، على غرار ما يحدث من إسرائيل في قطاع غزة، مضيفاً أنه بالتالي نحن أمام أسوأ نموذجين وهما ما يحدث في شمال سوريا وما يحدث في فلسطين، مؤكداً أن ما يحدث مع الكرد لا يقل وطأة عما يجري في فلسطين، ونفس جرائم الحرب ترتكب ضدهم، لكن مع اختلاف الوضع السياسي والأمني والجغرافي.
وقال “نصري” إنه بسبب تركيز المجتمع الدولي بشكل كبير على ما يحدث في قطاع غزة، فإن “أردوغان” يستغل هذا الغياب وانشغال المجتمع الدولي، ليوجه ضربات قد تكون غير كبيرة لكنها محدودة ومؤثرة، حتى لا تلتفت أنظار الإعلام والمجتمع الدولي لما يجري من إبادة في شمال وشرق سوريا، في ظل الانشغال بما يجري في غزة.
وفي ختام تصريحاته لمنصة “تارجيت” الإعلامية، جدد “نصري” تأكيده على أهمية أن يكون هناك تحرك لمنظمات المجتمع المدني في هذا الملف، وأن تكون هناك بعض الزيارات لمسؤولين أمميين وبعض المنظمات الدولية لرصد ما يحدث في قطاع غزة وتوثيقه، لأن غياب الرصد والتوثيق يساعد الأتراك بشكل كبير على الاستمرار في القصف والجرائم، لا سيما ونحن نتحدث عن جيش تركيا وهو جيش قوي ومنظم ويقوم باستهداف مدنيين وبالتالي غياب التكافؤ.
وطالت الضربات التركية الأخيرة بصفة رئيسية مدينة قامشلو، لكنها امتدت كذلك إلى قرى كوباني وعامودا وتربسبيه، ما تسبب في سقوط 8 قتلى و11 مصاباً، كما شنت الميليشيات الموالية لتركيا كذلك هجمات هي الأخرى في المناطق الواقعة على خطوط التماس بين الأراضي التي تحتلها تركيا والمناطق الأخرى الباقية في شمال وشرق سوريا.