خرج المئات من أبناء مدينة قامشلو شمال شرقي سوريا يوم الإثنين الخامس والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر، في مظاهرة حاشدة للتنديد بالهجمات التركية على المرافق والمؤسسات الخدمية ومنشآت البنية التحتية، التي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين ودمار كبير في المناطق المستهدفة التي تقدم خدمات للسكان.
وتجمع مئات المتظاهرين عند دوار “أوصمان صبري” غربي مدينة قامشلو، وساروا في مظاهرة حاشدة وصولاً إلى دوار مدينة الشباب وسط المدينة، حاملين لافتات ومرددين شعارات تندد بالهجمات التركية على المنشآت الخدمية والمناطق المدنية واستمرار استهداف المدنيين وسبل عيشهم، وداعين إلى تدخل دولي عاجل لوقف الاعتداءات التركية على المنطقة.
سليمان عيسى، وهو أحد المشاركين بالتظاهرة، قال لمنصة “تارجيت” الإعلامية بإن “هجمات الدولة التركية الفاشية التي تستهدف البنية التحتية والخدمية للشعب في مناطق شمال وشرق سوريا هي تعبير صريح عن مدى إرهاب الرئيس التركي رجب أردوغان وحزبه وحكومته، وتزيد من معاناة الشعب وعدد المهجرين في المنطقة”، مضيفاً أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدعي السلام ويواصل ضرب المدنيين في المنطقة بشكل لا يقل وطأة عن الهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزة على حد وصفه.
وطالب المتظاهرون الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة، بالتدخل لوقف الهجمات التركية على المنشآت والمرافق الحيوية والبنية التحتية الأساسية، داعين إلى إعلان منطقة حظر طيران فوق شمال وشرق سوريا لمنع الطائرات التركية من استهداف المدنيين وسبل عيشهم.
ومن جانبه، قال المحامي خالد عمر وهو من أبناء مدينة قامشلو “نحن اليوم خارجين في تظاهرة شعبية للتعبير عن استنكارنا للهجمات التركية على موارد العيش والمنشآت المدنية، مضيفاً خلال تصريحات لـ”تارجيت”، أن هذه الهجمات ليس لها أي مبرر وتأتي في إطار الجرائم التي ترتكبها الدولة التركية بحق مناطق شمال وشرق سوريا.
كما دعا عمر إلى ضرورة تدخل دولي لوضع حد لهذه الهجمات التي تهدد الأمن والسلم وتندرج في إطار “الإبادة الجماعية” ضد السكان وتهدف لإفراق المنطقة من سكانها الأصليين في إطار مخطط التغيير الديمغرافي الذي يهدف الاحتلال التركي إلى تطبيقه في المنطقة، على حد تعبيره.
الإدارة الذاتية تندد
الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا من جانبها، عقدت مؤتمراً صحفياً في مدينة الرقة تلت خلاله بياناً، قالت فيه: “إنه وفي أقل من ثلاثة أشهر وعلى مدى أكثر من 10 سنوات تمارس تركيا نهجها في تكريس الإبادة والتدمير وتسعى لخلق الفوضى، حيث لازمت ولا تزال على ضرب مناطقنا واستهداف البنى التحتية ومواقع نفط ومنشآت خدمية تنشط في خدمة الأهالي وتقديم الدعم الخدمي والإنساني وتساهم في التخفيف من عبء الحصار والحرب على المنطقة، معربةً عن رفضها واستنكارها لهذه الهجمات ومطالبةً التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي بموقف صريح من الهجمات التركية التي تستهدف المنطقة”.
وقال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا حسين عثمان في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية بعد المؤتمر الصحفي: “إن الاعتداءات التركية تستهدف البنى التحتية وهذا النهج يؤثر بشكل كبير على الخدمات الأساسية الموجودة في المنطقة، مشيراً إلى أنهم وجهوا رسائل خلال البيان إلى جميع الفاعلين في الشأن السوري بما في ذلك الأمم المتحدة والتحالف الدولي وروسيا الاتحادية بالإضافة إلى حكومة دمشق، للتدخل لوقف الهجمات التركية.
وأوضح عثمان، أنهم شددوا خلال البيان على ضرورة أن تكون جميع مكونات شمال وشرق سوريا على قدر المسؤولية في الدفاع عن مكتسبات الإدارة الذاتية التي تم تحقيقها، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن تزامن هذه الهجمات مع أعياد الميلاد التي ترمز للسلام والمحبة، تدل على السياسة التي تنتهجها الدولة التركية في ضرب الاستقرار والأمن والسلام.
بدوره، أوضح نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا حمدان العبد في تصريحات لـ”تارجيت”، أن هذه الهجمات ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لتركيا حيث أن الهجمات مستمرة على عموم سوريا ومناطق شمال وشرق سوريا بشكل خاص، حيث أن الدولة التركية تعمل على تنفيذ خططها من خلال تواجد الإرهاب وفي محاربة الشعب بقلمة عيشه عبر قطع مياه نهر الفرات ومياه الشرب عن مدينة الحسكة، وقال: “إن هناك أهداف عديدة تسعى إليها الدولة التركية في إطار حجج حماية أمنها القومي، ولكن ما نلاحظه اليوم من هجمات على المنشآت الحيوية هو جرائم بحق الإنسانية بموجب قانون الأمم المتحدة، والهدف منها بعد احتلال رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض/ كري سبيه وعفرين، تفعيل الخلايا النائمة لتنظيم داعش ومجموعات أخرى، وهذا خطر يهدد سوريا بأكملها”.
وأضاف العبد، أنهم في الإدارة الذاتية متوقعون أن تنفذ الدولة التركية هذه الهجمات نتيجة تصادف حادثتين في إقليم شمال وشرق سوريا، هما التصديق على العقد الاجتماعي وانعقاد المؤتمر الرابع لمجلس سوريا الديمقراطية الذي حضرته شخصيات من خارج شمال وشرق سوريا للمشاركة في البحث عن حل للأزمة السورية، مطالباً حكومة دمشق والقوات الروسية المتواجدة في المنطقة بالقيام بدورهما في وقف هذه الهجمات.
أحزاب وتنظيمات سياسية تندد
وسبق التظاهرة الحاشدة في قامشلو وبيان الإدارة الذاتية، إصدار بيان من قبل ممثلين وممثلات عن 33 حزباً وتنظيماً سياسياً سورياً اجتمعوا في مركز العلاقات العامة في حي المحطة بقامشلو، نددوا خلاله بالهجمات التركية على المنشآت المدنية والبنى التحتية في إقليم شمال وشرق سوريا، وقالوا إنها تهدف لضرب الأمن والاستقرار وترهيب المواطنين وكسر إرادة الشعب السوري الذي يسعى لاستعادة السيادة السورية وتحقيق التحول الديمقراطي بمواجهة الاستبداد المركزي، مضيفين أن تركيا دولة محتلة احتلت عفرين ورأس العين/ سري كانيه وتل أبيض/ كري سبيه، وترتكب جرائم حرب وإبادة بحق السكان الأصليين وخاصة الكرد، عبر تهجيرهم وتغيير التركيبة السكانية وتوطين موالين لها وللإيديولوجيا المتطرفة التي يتبناها حزب العدالة والتنمية، وداعين القوى الدولية لاتخاذ مواقف واضحة تجاه السياسات التركية.
وتقول تقارير، إن الهجمات التركية المستمرة على المنشآت الخدمية في شمال وشرق سوريا تندرج في إطار مخطط يتم العمل عليه منذ احتلال عفرين شمال غربي البلاد عام 2018، يقضي بإفراغ مناطق الشمال السوري من سكانها الأصليين وإسكان غيرهم وتغيير ديمغرافية المنطقة، خدمة لمشروع تركي طويل الأمد، وعليه يتم تركيز القصف خلال هذه الفترة على محطات النفط والمياه والكهرباء والمؤسسات الأخرى التي تقدم خدمات للمدنيين، لفرض حالة من الحصار والتجويع وفقدان المواد الأساسية على السكان، من أجل تنفيذ المخطط، وهذا ما أكده وزير الخارجية التركي حقان فيدان، الذي أعلن بشكل صريح مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن البنى التحتية في شمال وشرق سوريا أصبحت هدفاً للجيش التركي.