جددت الطائرات الحربية والمسيرة التركية، غاراتها المكثفة والعنيفة على أحياء سكنية ومرافق خدمية ومنشآت بنية تحتية في شمال وشرق سوريا، بما في ذلك محطات للكهرباء والنفط، ما أدى لسقوط ضحايا مدنيين وخروج المرافق المستهدفة عن الخدمة، في موجة تصعيد جديدة ضد المنشآت الخدمية بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بمعظمها جراء قصف تركي مماثل في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقصفت الطائرات المسيرة التركية، منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الإثنين، كلاً من محطة القطار ومركز غسيل الكلى وسجن علايا الذي يضم محتجزين من عناصر تنظيم داعش الإرهابي وصوامع للحبوب وشركة للإنشاءات ومطبعة ومركزاً للأعلاف ومعملاً للسيراميك في مدينة القامشلي ومجبل للإسمنت شرقي المدينة، ما أسفر عن فقدان 7 أشخاص لحياتهم بينهم امرأتان وإصابة 9 آخرين كحصيلة أولية، إضافةً لاستهداف معمل للزيتون وصالة أفراح في مدينة عامودا، ومرآب للسيارات في مدينة كوباني على الشريط الحدودي السوري التركي، ما أسفر عن إصابة مدنيين اثنين بجروح.
ومساء السبت الماضي، شنت الطائرات الحربية التركية غارات على كل من حقل عودة ومحطة سعيدة للنفط بريف القحطانية/ تربة سبيه، ما أدى لاشتعال النيران فيهما وخروجهما عن الخدمة وإصابة مدني بجروح، ومعملاً للإسفنج بريف الناحية، إضافةً لاستهداف محطة الكهرباء في قرية “باني شكفتي” بمنطقة كوجرات بريف المالكية/ ديرك أقصى شمال شرقي سوريا، ما أدى لخروجها عن الخدمة.
انقطاع التيار الكهربائي
وأعلنت هيئة الطاقة في إقليم شمال وشرق سوريا منذ الأحد، انقطاع التيار الكهربائي عن عدة قرى في نواحي القحطانية/ تربة سبيه والجوادية/ جل آغا، والمالكية/ ديرك، جراء استهداف الطائرات التركية ضواغط الغاز في محطة “عودة” النفطية التي تغذي محطة السويدية المخصصة لتزويد المنطقة بالتيار الكهربائي عن طريق العنفات التي باتت تعمل بطاقة إنتاجية أقل من 50%، إلى جانب استهداف محطة الكهرباء بمنطقة كوجرات بريف المالكية/ ديرك.
ومن جانبها، أعلنت الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا في بيان رسمي على موقعها الإلكتروني، تعليق الدوام في جميع مؤسساتها عدا التي تتطلب طبيعة عملها الاستمرار، جراء القصف التركي المتواصل على المنشآت والمرافق المدنية وحداداً على أرواح الضحايا، كما أمرت بتوجيه كافة فرق الطوارئ والإسعاف لتكون في جهوزية تامة والتحرك الفوري عند وقوع أي حدث أو قصف.
الإدارة الذاتية تندد وتطالب بتدخل دولي
الإدارة الذاتية قالت أيضاً في بيان آخر تلاه الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي حسين عثمان خلال مؤتمر صحفي في الرقة، “إن تركيا تمارس منذ أقل من ثلاثة أشهر وعلى مدى 10 سنوات نهجها في تكريس الإبادة والتدمير، وتسعى لخلق الفوضى، حيث لازمت ولا تزال على ضرب مناطقنا واستهداف البنى التحتية ومواقع نفط ومنشآت خدمية وغيرها من مؤسسات تنشط في خدمة الأهالي وتقديم الدعم الخدمي والإنساني وتساهم في التخفيف من عبء الحصار والحرب على المنطقة، وعليه فإننا في الإدارة الذاتية نندد بهذا العدوان والتصعيد التركي واستهداف المنشآت المدنية والخدمية، ونؤكد أن هذا العدوان يزيد من المعاناة الإنسانية والاقتصادية ويهدد جهود الحفاظ على الاستقرار والحرب على الإرهاب، وذلك بعد إصدارها بياناً يوم الأحد أكدت خلاله رفضها واستنكارها لهذه الهجمات التي ترقى لجرائم حرب، مطالبةً جميع من أسمتهم بالقوى الحريصة على تحقيق الاستقرار والحفاظ عليه والأطراف التي تنشط في مكافحة تنظيم داعش والإرهاب، بضرورة اتخاذ مواقف رادعة لهذه الهجمات الغير مبررة من قبل الاحتلال التركي، إلى جانب مطالبة المنظمات الحقوقية والإنسانية بالقيام بالدور المنوط بها وإدراك تأثير هذه الهجمات وتداعياتها على الوضع الإنساني، داعياً الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة لإجراء تحقيق وتشكيل لجان تقصي حقائق لرصد وتوثيق الهجمات التركية واستهدافها الغير مبرر لمنشآت خدمية تخدم أهالي المنطقة في ظل ظروف الحرب والحصار التي تمر بها سوريا.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي قد ندد من جانبه في منشور على منصة “إكس” بالهجمات التركية على البنى التحتية بشمال وشرق سوريا، وقال إن تكرار استهداف البنى التحتية وسبل عيش المدنيين في المنطقة للمرة الثالثة في غضون عام، هي سياسة تجويع واحتلال ترتقي لجرائم حرب تنتهجها تركيا وتستهدف أمن شعوب المنطقة واستقرارها، مضيفاً أن تركيا تصر على سياساتها العدوانية غير المبررة وتصدير مشاكلها الداخلية رغم جهود قسد لتحقيق الاستقرار، في حين قالت عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف في تصريحات إعلامية: “إن استهداف البنية التحتية جريمة حرب وجزء من سياسة الأرض المحروقة، وتسعى تركيا من خلالها للقضاء على مقومات الحياة في إقليم شمال وشرق سوريا، وضرب مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية، مؤكدةً أن الهجمات تعتبر استهداف لوحدة الأراضي السورية وعلى جميع القوى الديمقراطية بالعالم التدخل لوضع حد لانتهاكات الاحتلال التركي بالمنطقة.
يشار، إلى أن الاستهدافات التركية للمرافق الحيوية والخدمية ومنشآت البنية التحتية في المنطقة، تأتي بعد أيام من إقرار الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا العقد الاجتماعي بحلته الجديدة، وعقد مجلس سوريا الديمقراطية مؤتمره الرابع، واللذين ينظر إليهما على أنهما استحقاقان مهمان وخطوة نحو بدء حوار وطني سوري وصولاً إلى حل سياسي نهائي للأزمة السورية، حيث يعتبر سكان المنطقة أن الهجمات إلى جانب أنها استهداف لسبل عيش السكان ومحاولة لفرض سياسة تجويع وحصار عليهم، هي جزء من أهداف ومخططات لضرب المشروع السياسي في شمال وشرق سوريا، على اعتبار أن هذه الهجمات دائماً ما تأتي بعد أي استحقاق سياسي أو ديمقراطي.