كنان إسماعيل – الرقة
شدد سياسيين سوريين على هامش مؤتمر مجلس سوريا الديمقراطية الرابع أمس الأربعاء في مدينة الرقة بشمال سوريا على أهمية توحيد المواقف السياسية السورية ضمن إطار عام يضمن حقوق مختلف الأقليات والمكونات العرقية والآينية ضمن سياق تطبيق القرار 2254.
وجدد مجلس سوريا الديمقراطية عبر مؤتمره الرابع التأكيد على أن لا حل للأزمة السورية إلا سياسياً وعن طريق الحوار بين السوريين أنفسهم بعيداً عن أي تدخلات أو أجندات خارجية، وأن الظروف الحالية التي تمر بها البلاد والمنطقة تحتم على القوى السورية المؤمنة بالحل تكثيف الجهود لإنهاء المعاناة التي يعيشها السوريون منذ أكثر من عقد.
وتضمنت خارطة طريق لحل التي طرحها “مسد” في مؤتمره على التشديد على ضرورة تنشيط الحوار السوري – السوري والتفاوض المباشر وفق القرارات الأممية ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2254 وبضمانة دولية، والتأكيد على وحدة التراب السوري ورفض أي احتلالات للأراضي السورية وأية حلول عسكرية، وأي عمليات تهجير أو تغيير ديمغرافي في سوريا.
الدعوة لمؤتمر وطني وتشكيل مجلس عسكري سوري
فيما اعتبر المجلس في استرسال خارطة طريقه بأنه “يجب العمل على عقد مؤتمر وطني سوري ينبثق عنه مجلس تأسيسي عام يناط به مهمة التشريع والرقابة، يمثل كافة مكونات الشعب السوري بشكل عادل”، إضافةً لتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات واسعة، وإيقاف العمل بالدستور الحالي وإعلان مبادئ دستورية، وتشكيل لجنة لصياغة مشروع دستور ديمقراطي توافقي جديد حسبما ما ورد في الخارطة.
كما دعا إلى تشكيل هيئة للعدالة والمصالحة والسلم الأهلي وتحقيق العدالة الانتقالية، وتشكيل مجلس عسكري سوري يعمل على دمج المقاتلين الذين يؤمنون بالحل السياسي في جيش وطني جديد وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، معتبراً أن مشاركة المرأة بالعملية السياسية هو شرط أساسي لإنجاح العملية التفاوضية والتغيير في سوريا، ولافتاً إلى أن هدف خارطة الطريق هو إنهاء حالة الاستبداد والمركزية وإحداث التغيير الديمقراطي الجذري الشامل وإعادة بناء سوريا وفق نظام لا مركزي تعددي ديمقراطي يضمنه دستور توافقي يستجيب لإرادة السوريين في العيش المشترك والانتماء الوطني الواحد.
وقالت الرئيسة السابقة للهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، في تصريحات لمنصة “تارجيت” بأن “مسد له دور كبير على الساحة السورية خاصةً في نشاطاته الوطنية التي يمارسها بشكل دائم بالتواصل مع قوى متعددة من مرجعيات مختلفة بين القوى السورية الديمقراطية والشخصيات الديمقراطية، ورغم أن مسد مقصي من العملية السياسية إلا أن دوره مهم في العملية السياسية للتقدم نحو الحل النهائي”.
وكان مجلس سوريا الديمقراطية قد عقد يوم الأربعاء في العشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري، مؤتمره الرابع في مدينة الرقة بمشاركة نحو 400 شخصية من أحزاب سياسية ومستقلين ومنظمات مجتمع مدني ومن الداخل السوري، وجرى خلاله انتخاب كل من محمود دحام المسلط وليلى قره مان رئيسين مشتركين للمجلس خلفاً لرياض درار وأمينة عمر، كما تم إجراء تغييرات في هيكلية المجلس.
وأضافت أحمد، بأنه تمت دعوة شخصيات متعددة وتنظيمات سياسية من الداخل السوري ومن الخارج وقبلت هذه القوى المشاركة في هذا المؤتمر كضيوف وإعطاء رسائل مهمة تشير إلى أهمية وحدة السوريين، مشيرةً إلى أن القضية السورية تفتقد وحدة السوريين فمشاركة هكذا قوى وبعدد كبير وشخصيات في هذا المؤتمر “تعتبر نقطة مفصلية تفتح الأبواب أمام التواصل وحوارات متعددة في المستقبل بين السوريين”.
وأردفت بأن لـ”مسد” له إطار عام وصيت على المستوى الدولي وتواصلات دولية قيمة، وبأنهم سيواصل المجلس هذا العمل، كما أنه سيفتح أبواب جديدة وقنوات جديدة مع دول إقليمية وأيضاً على المستوى الوطني سيكون للمجلس هذا الدور، وسيأخذ واجب ومهمة تاريخية على عاتقه على حد وصفها.
تغييرات في هيكلية المجلس
ومن بين التغييرات في هيكلية المجلس التي تم التوافق عليها خلال المؤتمر، إلغاء الهيئة التنفيذية من هيكليته الجديدة في نظامه الداخلي الجديد الذي يتكون من ثمانِ مواد، وبحسب المادة الثامنة منه والمتضمنة الهيكلية التنظيمية يتشكل المجلس من المؤتمر العام، المجلس العام، الرئاسة المشتركة، والهيئة الرئاسية، والمراكز الفرعية. في حين كانت المادة السابعة من الهيكلية السابقة، تتضمن أن هيكلية المجلس تتألف من المؤتمر العام، الرئاسة المشتركة، المجلس الرئاسي، الهيئة التنفيذية، المراكز الفرعية، اللجان المختصة، وتضم لجنة حقوق الإنسان، لجنة عوائل الشهداء واللجنة الاستشارية والقانونية.
بدروه، يقول عضو الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية علي رحمون في تصريحات لمنصة “تارجيت” بأنه “بعد أكثر من خمس سنوات على المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية يعقد المجلس مؤتمره الرابع الذي تأخر نتيجة عدة ظروف منها الاحتلال التركي عام 2019 وبعض الظروف الأمنية التي أعاقت عقده”.
وبحسب رحمون بأنه من الطبيعي أن يتم تداول أي سلطة بالعالم كمسؤولية ديمقراطية، وبالتالي كأي هيئة ديمقراطية هناك من يعتذر عن متابعة عمله نتيجة ظروف خاصة، أيضاً من أسباب التغيير هو رفد مجلس سوريا الديمقراطية بطاقات وكفاءات جديدة وبالتالي لابد أن يكون هناك تغييرات بالمجلس، معتبراً أن إقرار العقد الاجتماعي من قبل الإدارة الذاتية هو محاولة لحوكمة منطقة شمال وشرق سوريا، ومؤكداً في الوقت نفسه أنهم ما زالوا يعملون على عقد مؤتمر القوى الوطنية الديمقراطية، ليكون لها الأثر الفعال بالعملية السياسية بعد أن أصبح الحل السياسي في سوريا ضرورة على حد قوله.
ومن جانبه، قال الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم بأن “مسد الذي يعبر عن كافة المكونات السورية سيكون له رأي في مجمل القضية السورية وليس بشأن الهجمات والاعتداءات التركية فقط” وذلك على اعتبار أن مجلس سوريا الديمقراطية هو الذي يمثل الجانب السياسي لقوات سوريا الديمقراطية في علاقاته الدبلوماسية في الخارج وفي الداخل.
مسؤولة مكتب علاقات مجلس سوريا الديمقراطية جيهان خضرو، تقول من جهتها في تصريح لمنصتنا بأن عقدهم لمؤتمرهم في هذه الظروف “الصعبة” التي تمر بها المنطقة بشكل خاص وسوريا بشكل عام هو “حدث سياسي مهم”.
المحامي أحمد الحسين الذي كان حاضراً في المؤتمر الرابع لمسد، قال بدوره في تصريحات لـ”تارجيت” بأن أن الرؤية التي يطرحها مسد هي “سبيل الخلاص للحالة التي يعيشها السوريون منذ أكثر من عشر سنوات”.
ويأتي عقد مجلس سوريا الديمقراطية مؤتمره الرابع وطرحه خارطة طريق للحل في سوريا، على وقع تطورات تشهدها الساحة السورية يتصدرها إقرار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عقدها الاجتماعي الجديد، والذي ينظر إليه على أنه قد يكون بوابة لبدء حراك سياسي شامل عبر حوار وطني، إلى جانب جمود شامل في العملية السياسية السورية منذ سنوات ما عدا اجتماعات متقطعة لـ”اللجنة الدستورية السورية” التي يعتبر كثير من السوريين أنها لا تمثلهم، وأنها محاولة من قبل حكومة دمشق و”المعارضة” لإظهار استمرار الحراك السياسي.
يضاف إلى ما سبق أيضاً، استمرار الاحتلالات الأجنبية للأراضي السورية وما تبع ذلك من أزمات وانتهاكات وعمليات تغيير ديمغرافي وتغيير التركيبة السكانية، وإغراق البلاد بالمخدرات وجعلها سوقاً للمتاجرة بها وطريقاً لتهريبها، حيث تيقن السوريون أن السبيل الوحيد لإنهاء أزمتهم المستمرة هو عبر الجلوس لطاولة الحوار الوطني الشامل الذي لا يقصي أي طرف، ويقود للتغيير الديمقراطي وللتغييرات الجوهرية في بنية الدولة ونظام الحكم على أساس القرارات الأممية ذات الصلة.