اعتماد تسمية “جمهورية سوريا الديمقراطية”.. الإدارة الذاتية تصادق على “دستورها” الجديد

كنان إسماعيل – الرقة

 

أثار مصادقة المجلس العام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا على مسودة العقد الاجتماعي الجديد في مدينة الرقة بعد تحضيرات استمرت لنحو عامين جدلاً في الأوساط المحلية، وحضر جلسة التصديق 110 من أعضاء المجلس العام وممثلين عن الإدارات الذاتية والمدنية من سبعة أقاليم وأعضاء اللجنة الموسعة لصياغة العقد الاجتماعي.

وتألف العقد الجديد من خمسة فصول وأربعة أبواب من “134” مادة، من جديدة تم استحداثها وأخرى تم تعديلها من العقد السابق الصادر في عام 2014، للخروج “بمنجز مثالي وتلافي الثغرات ومواطن النقص في العقد السابق” بحسب ما أكدت اللجنة المصغرة المكلفة بصياغة العقد المؤلفة من “30” عضواً والمنبثقة من اللجنة الموسعة المؤلفة من “158” عضواً والمشكلة بقرار من المجلس العام في حزيران/ يونيو عام 2020.

وتضمنت ديباجة ومواد العقد الاجتماعي، اعتماد تسمية “جمهورية سوريا الديمقراطية” بدلاً من “الجمهورية العربية السورية” وتغيير الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا المؤلف من 7 مقاطعات هي الجزيرة ودير الزور والرقة والطبقة والفرات وعفرين والشهباء، مع تجديد التأكيد على أن ما أسسته الإدارة من نظام “ديمقراطي” وأبدته من مواقف سياسية يشكل أرضية لبناء “جمهورية سوريا الديمقراطية”.

ترسيخ قيم العيش المشترك

واعتبر العقد الجديد، أن الإدارة الذاتية جزء لا يتجزأ من “جمهورية سوريا الديمقراطية” ولها علم يرفع إلى جانب علم الجمهورية ولها شعار خاص، وأن اللغات الموجودة في جغرافيا شمال وشرق سوريا متساوية في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والتعليمية والثقافية، إلى جانب ترسيخ قيم العيش المشترك، كما أن الثروات والموارد الطبيعية ملك للمجتمع ويتم استخدامها واستثمارها وفق احتياجات المقاطعات وبشكل عادل.

ومن بين ما تضمنه العقد أيضاً، تعديل اسم المجلس العام بالإدارة الذاتية إلى “مجلس الشعوب الديمقراطي لإقليم شمال وشرق سوريا”، وتغييرات طالت هيكلية البلديات في جميع المناطق حيث ستتحول من هيئة البلديات إلى اتحاد البلديات، إلى جانب استحداث بعض المؤسسات كمؤسسة الرقابة المالية والمحاسبة التي ستكون تابعة لمجلس الشعوب، ومكتب النقد والمدفوعات المركزي ومحكمة حماية العقد التي ستكون بمثابة محكمة دستورية.

هجمات تركيا وداعش عرقلت سير الإعداد

وفي بيان تلي خلال الجلسة الافتتاحية لمناقشة العقد، أكد المجلس العام للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أن الأحداث التي عصفت بالمنطقة من “الاعتداءات الإرهابية” في سجن الصناعة وغويران بمدينة الحسكة وصولاً إلى القصف الممنهج والعشوائي من قبل الاحتلال التركي، أدى إلى تأخير عمل اللجنة المصغرة وحالت دون إصدار العقد في الوقت المناسب.

الرئيس المشترك للمجلس العام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا فريد عطي، قال في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية: “إن النظام المجتمعي للإدارة الذاتية يبدأ من الكومين وهو أصغر خلية مجتمعية ومجلس البلدة ومجلس المدينة والمقاطعات وينتهي بمجلس الشعوب الديمقراطي على مستوى شمال وشرق سوريا”.

 دستور ينظم عمل الإدارة

وتعرف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا العقد الاجتماعي على أنه مجموعة الأسس النظرية والعملية والقوانين والقواعد التنظيمية، التي توضع لتحديد العلاقة بين الإدارة والشعب وتبين حقوق وواجبات الأفراد والمسؤولين داخل المجتمع، مشددةً على أن العقد هو بمثابة دستور ينظم عمل الإدارة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأنه جرى كتابته وصياغته اعتماداً على اللقاءات الجماهيرية للجنة الصياغة وبنود العقد السابق، إلى جانب الاستعانة ببعض الدساتير كالدستور السويدي والسويسري.

وتأتي المصادقة على العقد الاجتماعي من قبل المجلس العام للإدارة الذاتية، وسط استمرار تعثر انعقاد اجتماعات “اللجنة الدستورية السورية” المكلفة بدراسة تعديل الدستور السوري الحالي أو اعتماد دستور جديد، وتضم ممثلين عن حكومة دمشق و”المعارضة” ومنظمات مجتمع مدني، والتي لم تحقق جولاتها الثماني السابقة أي نتائج تذكر بعد أكثر من 4 سنوات على تشكيلها، في ظل اعتبار الكثير من الأطراف السورية أن اللجنة لا تمثلها وتعترض على اجتماعاتها، وتقول إن دمشق تستخدمها كوسيلة لإظهار انخراطها في حراك سياسي ومحاولة اختزال العملية السياسية بهذه اللجنة، في حين تحاول “المعارضة” استثمارها في إثبات وجودها وأنها لا زالت على الساحة السياسية بعد ما يمكن تسميته بـ”إفلاسها” وتخلي المجتمع الدولي ودول الإقليم عنها.

ورغم إصدار حكومة دمشق في عام 2012 دستوراً جديداً كجزء مما أسمته مجموعة إصلاحات، في إطار محاولات احتواء الحراك الشعبي الذي اندلع في سوريا عام 2011، إلا أن حقوقيين سوريين وأطراف معارضة يقولون إنه لا يختلف عن الدستور السابق الصادر في عهد رئيس النظام السوري السابق حافظ الأسد والد بشار الأسد عام 1973، من حيث استمرار تكريس السلطة في يد رجل واحد وحزب واحد، ومواصلة الحكم المركزي بعيداً عن التعددية السياسية والاعتراف بالحقوق الثقافية لأطياف ومكونات الشعب السوري.

 

قد يعجبك ايضا