مستشار سابق لـ”الخارجية” الأمريكية: واشنطن لديها إشكاليات في العمل مع تركيا وقطر بشأن مكافحة الإرهاب
قبل أيام قليلة توجه بريان نيلسون وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية إلى تركيا في زيارة أتت تحت عنوان العمل على حث تركيا لاتخاذ مزيد من الإجراءات بشأن مصادر تمويل الجماعات الإرهابية وأيضاً الالتزام بتنفيذ العقوبات الأمريكية والدولية على روسيا والكيانات ورجال الأعمال الموالين لها.
وقد صرح المسؤول الأمريكي بمنتهى الوضوح عقب اجتماعات مع مسؤولين أتراك بأن الإدارة الأمريكية لديها قلق بالغ من قدرة حركة حماس الفلسطينية على تأمين مزيد من الأموال من خلال التبرعات التي تجنيها في تركيا، ومن ثم استخدامها في تنفيذ “عمليات إرهابية” مستقبلا، بحسب تعبيره.
أولويات واضحة للزيارة
في هذا السياق، يقول حازم الغبرا المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إنه كما نعلم فإن وزارة الخزانة الأمريكية تهتم بموضوع التحركات المالية ليس فقط في الولايات المتحدة، بل في العالم أجمع وتحديداً عندما يتعلق الأمر بمكافحة الإرهاب والعقوبات الأمريكية حتى تنجح يجب تطبيقها من أكبر عدد ممكن من الدول لا سيما تلك الحليفة لواشنطن.
وأضاف “الغبرا” أنه قبل هذه الزيارة كانت هناك زيارات أخرى لوزارة الخزانة الأمريكية خلال الأسابيع الماضية وكان أهمها إلى قطر، وأساس تلك الزيارات تجفيف المصادر المالية لحركة حماس، والأخيرة يصلها أموال وتبرعات هائلة من قطر وتركيا، قائلاً كذلك إن تلك الأموال وجهتها الرسمية المعلنة أنها لدعم الشعب الفلسطيني، لكن حماس تستخدمها لدعم عمليات مسلحة وإرهابية ضد إسرائيل كما رأينا في السابع من أكتوبر.
إشكاليات رئيسية مع تركيا وقطر
وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية كشريك وحليف لإسرائيل تريد مساعدتها في تجفيف المنابع المالية لحماس، والزيارة جزء كبير من هذا الموضوع، ولكن في التفاصيل يكمن الشيطان، فهناك مشكلة مع قطر بشأن هذه الأموال لكن المشكلة الأكبر مع تركيا، لأن الأخيرة دول عضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو” وهي جزء من فلك الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبي.
وتابع أنه في الوقت الذي تصنف فيه الدول الغربية حماس كمنظمة إرهابية، فإن أنقرة لا تقوم بذلك، وبالتالي فإن حماس يمكنها جمع الأموال من الشارع والشعب التركي، وتستطيع العمل بسهولة ومرحب بها بشكل أو آخر في الأراضي التركية التي هي ضمن حلف الناتو الذي يصنف الحركة حماعة إرهابية.
وقال “الغبرا” إن تصرفات حماس وعملها في تركيا ليس فقط انتهاكاً للعقوبات والقوانين الدولية، بل كذلك انتهاكاً لقوانين محلية تركية فيما يتعلق بالإرهاب وتمويله وتبييض الأموال وجني التبرعات وصرفها لأهداف مختلفة عن الهدف الذي جمعت من أجله، وما قبل للمتبرع من أجل أن يتبرع.
ولفت إلى أن كل هذه النقاط طرحت على طاولة الحوار، والولايات المتحدة تريد العمل مع تركيا لكن هناك صعوبات، لأن الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية يتحول إلى دعم لحماس، كما أن الحكومة التركية أبدت إعجابها بما فعلت حركة حماس بشكل مبالغ فيه، وقد تحدثنا عن ذلك في الولايات المتحدة من أنه لم تكن هناك ضرورة لكل ما أظهره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من دعم، ولم يكن هناك ما يكفي من لوم على حماس على الأقل في عملية السابع من أكتوبر.
ويرى المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن لا تعمل على تغيير السلوك التركي، وإنما تغيير تبعات هذا السلوك، بحيث لا تستطيع حماس استغلال تركيا كمصدر أموال لشراء وصناعة الصواريخ والأسلحة وتدريب عناصرها وكل ما تحتاجه “منظمة مسلحة إرهابية مثل حماس”، بحسب تعبيره.
ووفقاً لتقرير سابق لوكالة أنباء “رويترز” الأمريكية، فقد فرضت الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، عقوبات على العديد من الكيانات والأفراد الأتراك في إطار جهودها للحد من تمويل حماس في أعقاب هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر، فيما قال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية إن تركيا كانت على صلة بجهود حماس السابقة لجمع الأموال من المانحين والمحافظ الاستثمارية والجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية.
الإشكاليات بين أنقرة وواشنطن تمتد إلى عقوبات روسيا
في نفس السياق، أثار وكيل وزارة الخزانة الأمريكية احتمال فرض المزيد من العقوبات الأمريكية على الكيانات التركية المشتبه في أنها تساعد روسيا على التهرب من العقوبات من خلال نقل البضائع بما في ذلك الرقائق وأشباه الموصلات والمكونات الأخرى المستخدمة في حربها في أوكرانيا، موضحاً أنه خلال فترة من 18 إلى 24 شهراً ، كانت هناك زيادة بمقدار 6 أضعاف في عبور المكونات “ذات الاستخدام المزدوج ذات الأولوية العالية” إلى روسيا عبر تركيا.
تعليقاً على هذه الإشكالية، يقول حازم الغبرا إن هناك كثير من المواطنين الروس لديهم أموال واستثمارات في تركيا صناعية وسياحية وتجارية، وبالتالي وجب التخاطب مع الحكومة التركية للتأكيد على أن الولايات المتحدة لا تريد أن يتم استخدام الأراضي والبنوك التركية كوسيلة لتجنب العقوبات الأمريكية على روسيا كحكومة، وأيضاً على رجال الأعمال الروس الذين يعملون بشكل مباشر مع حكومة موسكو وتشملهم العقوبات.
واتهم وكيل وزارة الخارجية الأمريكية تركيا بعدم الصدق فيما يتعلق بحديثها عن دعم أوكرانيا، مشيراً إلى أن بلاده لا ترى النتائج الملموسة فيما يتعلق بالالتزام بالعقوبات المفروضة على الكيانات الروسية، في المقابل تؤكد أنقرة أنه لا يتم التحايل على العقوبات على أراضيها.
وتشهد العلاقات التركية – الأمريكية حالة من التوتر المتصاعد خلال الأشهر الماضية ارتبط جزء منها في البداية بمسألة الابتزاز التي قام بها الرئيس التركي من أجل الموافقة على عضوية السويد في حلف “الناتو”، وكذلك مسألة مساعدة جهات روسية للإفلات من العقوبات الأمريكية، ثم أتت مسألة الدعم التركي لحركة حماس لتزيد الطين بلة، لدرجة أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زار كثيراً من دول المنطقة في إطار التعامل مع تباعت الوضع في غزة وتجاهل تركيا.