“تفاجئنا بدخول المياه عبر الجدران إلى الغرف، وتبللت أمتعتنا بشكل كامل بعد أن هطل المطر بغزارة خلال الليل”… هذا ما رواه مصطفى العيس، أحد النازحين جراء الزلزال المدمر من ريف حلب شمالي سوريا، خلال حديثه عن أوضاعهم في الكتل السكنية التي تم بناؤها من قبل الهلال الأحمر التركي بريف إدلب لإيوائهم بعد أن وضعوا في مخيمات لأشهر.
مصطفى واحد من 3000 آلاف نازح بينهم نحو 1000 طفل من مدينة الأتارب بريف حلب الغربي يسكنون في أكثر من 1000 كتلة سكنية تم بناؤها على أرض مشاع جنوب شرقي مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي من قبل “الهلال الأحمر التركي” على مساحة حوالي عشرين هكتاراً، حيث تم نقلهم إليها في تموز/ يوليو الماضي بعد أن سكنوا في مخيمات لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء منذ الزلزال المدمر في شباط/ فبراير الماضي.
غرف بدون تجهيزات وبعيوب كثيرة
ويضيف العيس في حديثه لمنصة “تارجيت” بأن “الغرف التي تم بناؤها جيدة لكنها لم تجهز بشكل كامل، وتحتاج إلى وضع عوازل داخلية للجدران لمنع دخول المياه لداخل الغرف” مضيفاً أنهم لم يحصلوا على أي مواد تدفئة حتى الآن، رغم دخولهم فصل الشتاء وهطول الأمطار وتوالي ليالي البرد القارسة.
وعلى الرغم من مضي ما يقارب العشرة شهور على الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في جنوبي تركيا وشمالي سوريا في السادس من شباط/ فبراير الماضي، إلا أن عشرات الآلاف من السكان لا يزالون يعانون من أثاره وتبعاته، التي يأتي في مقدمتها النزوح والسكن في مخيمات وغرف مسبقة الصنع غير مجهزة بشكل كامل وسط غياب لأي إعادة للإعمار على المدى المنظور.
ومنذ الزلزال، عملت العديد من المنظمات الإغاثية ومنظمات المجتمع المدني على إنشاء مخيمات وكتل سكنية لإيواء النازحين الذين تهدمت منازلهم، إلا أن قدوم فصل الشتاء كشف عن عيوب كثيرة في تلك الكتل خاصة تلك التي أنشأها “الهلال الأحمر التركي”، في ظل افتقارها لأي تجهيزات وتسليمها للنازحين على الهيكل، ووسط مخاوف من معاناة إضافية تنتظرهم مع دخول الشتاء واشتداد البرد.
“في الداخل كما في الخارج“
مهند ياسين، هو نازح آخر من القاطنين في الكتل السكنية قرب مدينة سرمدا، تحدث لمنصتنا عن معاناتهم هناك منذ دخول الشتاء، قائلاً “بعد الزلزال تهدمت بيوتنا وخرجنا بأرواحنا، وتم وضعنا في مخيمات الإيواء التي أنشأتها المنظمات الإغاثية، وفي فصل الصيف تم نقلنا إلى هذه الكتل السكنية الدائمة، التي لم يظهر لنا ضعف تجهيزها في فصل الصيف، إلا بعد هطول الأمطار ودخول المياه للغرف”.
ويضيف ياسين إنه عندما يهطل المطر يصبح داخل الكتل السكنية مثل الخارج تماماً، في ظل عدم تجهيزها بشكل كامل وعدم وجود عوازل للمياه، لافتاً إلى شح المساعدات الإنسانية التي تقدم إليهم منذ نقلهم إلى داخل هذه الكتل، واقتصار المساعدات على بعض المواد، في حين يؤكد محمد منذر وهو نازح آخر ذاق المعاناة داخل الكتل السكنية خلال هطول الأمطار، أن عائلته المؤلفة من 8 أشخاص اضطرت للمبيت بالمطبخ بعد دخول المياه إلى جميع الغرف”.
ويطلق سكان هذه الكتل السكنية، نداء استغاثة للمجتمع الدولي والمنظمات الإغاثية، من أجل تقديم المساعدات لهم وإيجاد حلول تنهي معاناتهم في ظل أجواء تعد ببرد قارس، وتأمين وسائل التدفئة لمحاولة تجنيب النازحين الذين يمثل الأطفال ثلثهم كارثة إنسانية ومخاطر انتشار الأوبئة في ظل انعدام الخدمات الأساسية.
استيلاء على المساعدات
وتتهم سلطات الأمر الواقع شمال غربي سوريا وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام” والفصائل التابعة لتركيا، بتوجيه المنظمات الإغاثية وفق توجهات معينة والاستيلاء على أغلب المساعدات المقدمة للنازحين جراء الزلزال المقدمة من المجتمع الدولي وإعطائها لعوائل العناصر ومقربين منها، حيث جرى توثيق سيطرتها إبان الزلزال على العديد من شاحنات الإغاثة بريف عفرين، كما تقول جهات حقوقية إن المنظمات التركية هي من تولت عمليات الإغاثة هناك، وتقتصر مساعداتها على بعض المواد، رغم حصولها على دعم كبير من جهات خليجية وغربية.
وفي أعقاب الزلزال، الذي أسفر عن مقتل نحو ستة آلاف شخص وإصابة آلاف آخرين في شمال غربي سوريا، تحدثت تقارير حقوقية عن محاولات من قبل حكومة دمشق لاستثمار الكارثة من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وكسر العزلة المفروضة على رئيس النظام السوري بشار الأسد وإعادة تعويمه، وأخرى من جانب تركيا تتعلق بمكاسب انتخابية للحزب الحاكم، بعيداً عن أي خطط ممنهجة لإعادة الإعمار أو حتى إزالة العراقيل وعدم منع المنظمات الدولية والأممية من تولي مهمة إعادة الإعمار وتقديم المساعدات من خلال إغلاق المعابر ووضع شروط معينة للسماح بمواصلة الجهود الإغاثية تتعلق بتحقيق المكاسب.