الرقة – كنان إسماعيل
تتزايد المخاوف والتحذيرات من قبل شيوخ ووجهاء العشائر بالرقة من مساعي إيران لخلف الفتن والتمدد في الشمال السوري خاصةً بعد الأحداث التي شهدتها دير الزور قبل أشهر قليلة والتي كشفت عن دعم وتمويل من قبل حكومة دمشق والفصائل التابعة لإيران لمسلحين محليين من أجل ضرب استقرار المنطقة واللعب على وتر الفتنة العشائرية، إلى جانب ما يمكن تسميته بتصاعد الصراع الأمريكي الإيراني بالمنطقة بعد اندلاع الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس بغزة إثر هجوم الأخيرة على مناطق جنوب إسرائيل بالسابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والذي تقول تل أبيب إنه أسفر عن مقتل 1400 شخص.
ويرتبط تصاعد الهجمات بين الجانبين الأمريكي والإيراني شرقي سوريا بالحرب بين إسرائيل وحماس، حيث تتواجد في جغرافيا شمال وشرق سوريا (شرق نهر الفرات) قواعد للقوات التحالف الدولي وعلى رأسها القوات الأمريكية في دير الزور والحسكة والقامشلي وريفها، في حين بتواجد ميليشيا تتبع لقوات حكومة دمشق وإيران في دير الزور غربي نهر الفرات.
حرب المطامع
يوسف الأسعد أحد وجهاء قبيلة الولدة في الرقة، يقول في هذا السياق: “إن الخطر الإيراني متواجد منذ سنين في سوريا، اليوم يركزون على دير الزور ويخلقون حالة عدم استقرار للاستفادة منها غداً ستكون وجهتم الرقة.
ويضيف في تصريحات لمنصة “تارجيت” بأن الميلشيات جندت أشخاص من أبناء المنطقة ليعملون معها كخلايا لزعزعة الأمن في شمال وشرق سوريا وبأن المليشيات “لديها خطط لضرب الاستقرار في الرقة، لأنها تتغلغل في بادية الرقة الجنوبية وريف المدينة الغربي”.
وبحسب مصادر ميدانية وشهود عيان لمنصة “تارجيت” فإن ميليشيات إيرانية مثل زينبيون وفاطميون وحركة النجباء ينتشرون في أرياف الرقة الجنوبية الغربية وبادية الرصافة، مشيرةً إلى أن هذه الميليشيات تتغلغل في أرياف الرقة بعيداً عن الطرق الرئيسية مستغلة الانشغال العسكري للقوات الروسية بالحرب الأوكرانية.
وتبلغ مساحة البادية السورية نحو (80) ألف كيلومتر مربع، وتربط دير الزور، الرقة، حلب، حماة، حمص، ريف دمشق، والسويداء، ببعضها، وتشغل البادية السورية حوالي (55%) من مساحة سوريا، وتعد جرءاً من بادية الشام التي تتوزع بين سوريا ولبنان والأردن وتتصل بالصحراء العربية.
ويشير الأسعد، إلى تعدد المخاطر المتأتية من إيران والميليشيات التابعة لها، خاصةً في مجال نشر المخدرات بين السوريين وفي دول الجوار، حيث أصبحت لدى هذه الميليشيات معامل لإنتاج المواد المخدرة في الميادين والبوكمال شرقي دير الزور على حد قوله، لافتاً إلى أن إيران تتغلغل اليوم في أرياف دير الزور والرقة الأقرب إليها، وترسل تلك الميليشيات خلايا لضرب استقرار المنطقة وزعزعة الأمن.
وفي الثامن والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي لموقع “المونيتور” الأمريكي، إن مسيّرة إيرانية هاجمت مستودع ذخيرة لقواتنا وتسببت بإصابة عدد من المقاتلين.
فيما يشدد الأسعد على أن سكان المنطقة سيدفعون فاتورة التصعيد الإيراني – الأمريكي، معزياً ذلك لكون الخاسر الأكبر في الحرب دوماً هم أبناء المنطقة، مطالباً في نفس الوقت التحالف الدولي والقوات الأمريكية بإبعاد الميليشيات الإيرانية والحد من التمدد الإيراني بالمنطقة، ويستشهد بالتاريخ العراقي بعد العام 2003 مع الميليشيات الموالية لإيران، ويقول “رأينا ماذا فعلوا، وكيف هجروا العراقيين ودمروا منازلهم”.
وفي نهاية الشهر الفائت، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمكافحة الإرهابيين في سوريا والعراق تعرضت منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر الفائت لما لا يقل عن 16 هجوما في سوريا والعراق، متهما “ميليشيات مدعومة من إيران” بالوقوف خلف هذه الهجمات.
وتعمل إيران عبر أذرعها في سوريا وخاصة المناطق الشرقية الواقعة على الحدود العراقية السورية والبادية السورية، على تشكيل ميليشيات عسكرية مؤدلجة على العداء للغرب والقوات الأمريكية ومحاربتها في سوريا والعراق لاعبة على الوتر الديني عبر محاولة نشر المذهب الشيعي بالمطقة مستغلة حاجة السكان المادية، حيث تؤكد تقارير إعلامية ومصادر محلية من دير الزور لمنصة تارجيت، أن وكلاء إيران على الأرض يجندون الأطفال ويعملون على نشر التشيع.
وتتعرض قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر النفطي شرقي دير الزور لاستهدافات عبر صواريخ موجهة غالباً ما يكون مصدرها من مناطق سيطرة ميليشيات إيرانية غربي نهر الفرات، في حين تتعرض المقرات العسكرية الإيرانية ومستودعات الأسلحة لاستهدافات بين حين وآخر، من قبل طائرات مسيرة وأخرى حربية وخاصة في مدينتي البوكمال والميادين شرقي دير الزور.
محاولات لخلق الفتن
محمد تركي السوعان أحد شيوخ عشيرة السبخة بالرقة، قال من جانبه، “إن سبب الفتنة العشائرية هي القوات الإيرانية المتواجدة غربي نهر الفرات، في دير الزور، عبر بعض ضعفاء النفوس من وجهاء العشائر التي عملت مع إيران، لتخريب المنطقة واقتصادها وبث الرعب والفتنة.
وبدأت إيران باستقطاب العشائر العربية في دير الزور، فور دخولها للمنطقة الشرقية في سوريا عام 2017، بحجة مساندة قوات حكومة دمشق، في قتال تنظيم “داعش” الإرهابي، لتبدأ بوسائل وأدوات عديدة للتغلغل في المنطقة ومنها استقطاب العشائر، حيث تقول مصادر إنها عزفت على وتر الأنساب العشائرية كبداية للتغلغل عبر الحديث عن العشائر الهاشمية التي يعود نسبها لآل البيت كـ”البكارة والمشاهدة والمراسمة”.
وأضاف السوعان لمنصة تارجيت الإعلامية، أنه مرت على المنطقة سبع سنوات بعد تحريرها من “داعش” ولا تزال تعاني من خلايا التنظيم الإرهابي، لتزيد عليها إيران عبر تحريض بعض أبناء العشائر على محاربة قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي التي ساهمت في القضاء على داعش، مطالباً التحالف بالعمل بحزم لقطع الطريق على الفتنة التي تقوم بها إيران في الرقة ودير الزور”.
ويتخوف سكان المنطقة ووجهائها من امتداد الحرب إلى شمال وشرق سوريا، بعد سنوات مريرة من الحرب التي شهدتها المنطقة ضد تنظيم داعش والدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والذي تجاوز في الرقة نسبة 90 بالمئة بحسب مسؤولين في مجلس الرقة المدني”.