اغتيالات وتفجيرات واختطاف.. فوضى أمنية جنوبي سوريا وحكومة دمشق متفرجة

مع استمرار الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، تتواصل وتتصاعد حالة الفوضى والفلتان الأمني بالمحافظة وفي درعا المجاورة وصولاً إلى العاصمة دمشق وريفها، وسط تزايد الهجمات المجهولة وعمليات الاغتيال التي تطال مدنيين وضباط وعناصر بقوات حكومة دمشق، التي تتخذ موقف المتفرج دون أن تقدم على أي إجراءات لوضع حد للظاهرة.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الأيام القليلة الماضية، عدة عمليات استهداف وهجمات مجهولة لاسيما في محافظة درعا، أبرزها مقتل ضابط في قوات حكومة دمشق وسائقه إثر استهداف سيارتهما من قبل مسلحين مجهولين على طريق نوى – الشيخ سعد بريف درعا الغربي، وذلك بالتزامن مع فقدان مدني لحياته وإصابة اثنين آخرين بانفجار قنبلة قرب أحد المخابر بقرية سليم بريف السويداء الشمالي.

وجاء ذلك بعد ساعات على مقتل شخص بمدينة إنخل بريف درعا الشمالي الغربي، إثر استهدافه بالرصاص من قبل مسلحين مجهولين أثناء خروجه من المسجد، فيما لاذ المهاجمون بالفرار، واختطاف مجهولين رجلاً مسناً من أمام إحدى المزارع في بلدة صيدا شرقي درعا، واقتياده إلى جهة مجهولة، تزامناً مع عثور الأهالي على جثتي شابين قرب مقام النبي إسحاق بريف السويداء، بعد مقتلهما على بطلقات نارية على يد مجهولين

وسبق ذلك مقتل ضابط في قوات حكومة دمشق، بعد استهدافه من قبل مجهولين على الطريق الواصل بين مدينتي معظمية القلمون وجيرود بريف دمشق الشمالي وذلك بعد يوم واحد فقط من مقتل ضابط بقسم شرطة بلدة الجبة بريف دمشق جراء استهدافه من قبل مجهولين حيث يتهم الضابط بحماية تجار المخدرات بالمنطقة وفرض الإتاوات على المدنيين، وذلك في ظل تزايد عمليات الاستهداف للضباط والعناصر بقوات حكومة دمشق، خلال هذه الفترة مع تنامي تجارة المخدرات واتهام جهات حكومية بالتواطؤ فيها.

فوضى برعاية حكومة دمشق

الباحث السياسي والمعارض السوري المستقل عصام زيتون، قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن كل الفوضى والحوادث الأمنية التي أصبحت جزءاً من يوميات الجنوب السوري، تتم برعاية نظام الأسد وبالتنسيق مع حلفائه لتحقيق مجموعة من الأهداف وبعث مجموعة من الرسائل للداخل والخارج، مشيراً إلى أنه وبحسب تسوية عام 2018 التي رعاها رباعي أستانا وتقاسم على أساسها النفوذ على الأرض السورية بقيادة روسيا، فإن الجنوب السوري كان من نصيب إيران”.

وأضاف زيتون، “أنه تم ترحيل عدد كبير من مسلحي الفصائل التي قاتلت النظام إلى المناطق التي باتت من نصيب تركيا، ومن اختار منهم البقاء تم تسوية وضعه بضمه إما للفرقة الرابعة والتي أشاعوا أنها تتبع لإيران، أو للأمن العسكري الذي أشاعوا أنه يتبع لروسيا، وتم فبركة خلاف جوهري بين سياسة روسيا وإيران بالجنوب، وتم وضع شباب التسويات بمواجهة بعضهم لتصفيتهم ويبقى النظام وحلفاؤه هم المستفيدون.

وتتهم جهات حقوقية وناشطون في محافظتي السويداء ودرعا، الأجهزة الأمنية بقوات حكومة دمشق بتشجيع عمليات الاغتيال والاختطاف ونشر الفوضى وتجارة المخدرات وإطلاق يد فصائل محلية ومسلحون تابعون لها ضد أبناء المنطقة، كنوع من العقاب على الحراك الشعبي المناهض لحكومة دمشق ورئيس النظام السوري بشار الأسد المستمر منذ نحو أربعة أشهر بالسويداء، واستمرار رفض أبناء درعا لسياسات دمشق ومسؤوليها والخضوع لسلطتها، رغم استعادة السيطرة على المحافظة الجنوبية منذ عام 2018.

تجارة وتهريب المخدرات

وبحسب الحقوقيين، فإن دمشق تحاول أيضاً الإبقاء على حالة التدهور المعيشي وغياب الخدمات الأساسية في جنوب البلاد، لدفع بعض أبناء المنطقة نحو العنف وعمليات الاختطاف مقابل الفدى والانخراط في عمليات تجارة وتهريب المخدرات التي تتهم بالمسؤولية عنها الفصائل التابعة لإيران وجماعة حزب الله اللبناني، في ظل غياب لأي خطط تنموية وإلقاء دمشق باللوم في كل ذلك على العقوبات الغربية المفروضة عليها.

ولفت الباحث عصام زيتون، إلى أنه لابد من ذكر عصابات إنتاج وتهريب المخدرات والتنافس بين مختلف الفصائل التابعة لإيران والأفرع الأمنية على المردودات المالية العالية لهذه التجارة، وما نتج عن ذلك من حرب خفية واغتيالات بالجملة، لافتاً إلى أن النظام لا يغفر لمن عارضه وانتفض ضده لذلك تجه يشرف على هذه الفوضى ويوجهها بخبث ودهاء لينتقم من معارضيه وهم غالبية عظمى بمحافظات الجنوب، وليجني مبالغ مالية طائلة من إنتاج وتهريب المخدرات وأموال الفدى، وليوجه رسائل للعالم بأنه الوحيد القادر على إدارة الفوضى والحد من امتدادها ووصول شرارها وإرهابها للجوار، وأنه قادر على وضع الجنوب كمنطلق لهجمات الميليشيات الإيرانية على الجولان”.

وكانت عشائر في درعا والسويداء اتفقت قبل أسابيع على تشكيل المجلس الموحد للعشائر في الجنوب، خلال اجتماع عقد في منزل الشيخ طلال أبو سليمان في قرية حامر وسط منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي، وحضره سبعون شخصاً ووجيهاً يمثلون غالبية العشائر بالجنوب، وممثلون عن عشائر الشنابلة والجوابرة والحسن والعمور وغيرها من العشائر من محافظة السويداء، من أجل توحيد جهود العشائر لحفظ الأمن والاستقرار وتعزيز التواصل وحل النزاعات، وفق ما نقلت وكالة “السويداء 24″، وذلك بعد تزايد عمليات الاغتيال والاختطاف بالجنوب السوري.

يشار، إلى أنه وحتى الثامن عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، 455 استهدافاً في محافظة درعا فقط منذ مطلع كانون الثاني/ يناير الماضي، جرت بطرق وأساليب مختلفة وأسفرت عن مقتل 360 شخصاً من مدنيين وعسكريين.

قد يعجبك ايضا