يرزح حيا الأشرفية والشيخ مقصود في حلب ومناطق أخرى بريف المدينة الشمالي تأوي مئات الآلاف من مهجري منطقة عفرين المحتلة شمالي سوريا، تحت وطأة حصار خانق تفرضه قوات حكومة دمشق وسط تحذيرات من كوارث إنسانية تهدد حياة المدنيين هناك مع قرب دخول فصل الشتاء، ومنع دخول ما يكفي من الأدوية والمستلزمات الطبية والمحروقات.
وأفادت وكالة أنباء “هاوار” السورية نقلاً عن مصادر من داخل حيي الأشرفية والشيخ مقصود، أن المجلس العام في الحيين وزع 100 لتر فقط من مادة مازوت التدفئة على السكان هناك، بسبب النقص الكبير في المحروقات بعد استهداف الاحتلال التركي المنشآت النفطية في شمال وشرق سوريا، والحصار الذي تفرضه حكومة دمشق على المنطقة ومنع مرور الصهاريج إليها.
مخاوف من سيناريو الشتاء الماضي
وبموازاة الهجمات التركية المستمرة على مناطق ريف حلب الشمالي التي تأوي مهجرين من عفرين المحتلة، تعاني هذه المناطق إلى جانب حيي الأشرفية والشيخ مقصود من حصار تفرضه الفرقة الرابعة التابعة لقوات حكومة دمشق منذ 2020، وما يتبع ذلك من معاناة إنسانية لاسيما في ظل وجود عشرات آلاف الأطفال وكبار السن الذين يحتاجون إلى رعاية طبية.
ويتخوف الأهالي في الحيين ومناطق ريف حلب الشمالي، من تكرار سيناريو العام الماضي في ظل استمرار الحصار من قبل حكومة دمشق، حيث جرى تسجيل فقدان طفلين لحياتهما جراء البرد الشديد نتيجة عدم كفاية المازوت الموزع للتدفئة وتأخر توزيعه حتى شباط/ فبراير بسبب الحصار، إلى جانب نقص الرعاية الطبية، وانعدام شبه تام للأدوية والمواد الطبية وحليب الأطفال خلال فصل الشتاء.
الإدارة المشتركة للمجلس العام في حيي الشيخ مقصود والأشرفية هيفين سليمان، قالت في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن الحصار الخانق المفروض على الشيخ مقصود والأشرفية لا يزال مستمراً ووصل إلى مرحلة خطيرة خاصةً بعد الزلزال المدمر الذي أثر على المباني السكنية والبنية التحتية في ظل قلة الإمكانيات والآليات الكبيرة حيث يتعذر إزالة المباني المهددة بالانهيار ويصعب إصلاح البنى التحتية بما في ذلك خدمات الصرف الصحي مع دخول فصل الشتاء.
وأكدت هيفين سليمان، أن الحكومة السورية تشترط الاستفادة من ثلث كمية المحروقات اللازمة للتدفئة المرسلة من قبل الإدارة الذاتية إلى حلب ومناطق الشهباء، حيث تم توزيع 100 لتر فقط على قسم من الأهالي بمبلغ رمزي بقرار من إدارة الحيين نظراً لسوء الأوضاع المعيشية، ومازال أكثر من ثلث السكان لم يحصلوا على هذه الكمية في ظل العراقيل والصعوبات التي تضعها حواجز الفرقة الرابعة مدعومة بالميليشيات الإيرانية والإتاوات المالية التي تفرضها مقابل دخول الصهاريج.
الاحتلال التركي وحكومة دمشق
ورغم أن الحصار الذي تفرضه الفرقة الرابعة بقوات حكومة دمشق على المنطقة متواصل منذ 2020، إلا أنها أحكمت من هذا الحصار وكثفت من الحواجز العسكرية في محيط المنطقة بالتزامن مع بدء الاحتلال التركي هجماته على مناطق شمال وشرق عام 2022، حيث منعت هذه القوات دخول حتى المواد الأساسية إلى المنطقة، ما اعتبرته جهات حقوقية تنسيقاً واضحاً بين دمشق وأنقرة ضد سكان المنطقة في إطار تفاهمات معينة خدمةً لمصالحهما.
وتشير سليمان، إلى احتياجات الأفران ومولدات الكهرباء والمشفى الوحيد الموجود في حي الشيخ مقصود للكهرباء وأنها مهددة بالتوقف في أي لحظة في حال استمرار الحصار وانقطاع المحروقات، لافتةً إلى احتياجات المدارس التي تضم 20 ألف طالب وطالبة والروضات ودور حضانة الأطفال لهذه المادة، مؤكدةً أنهم اضطروا السنة الماضية لتعليق الدوام بالمدارس وتوقيف العملية التعليمية لفترة بسبب البرد الشديد وقلة المحروقات، وسط مخاوف من تكرار السيناريو نفسه خلال هذا العام.
وبحسب الإدارة المشتركة للمجلس العام في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، “فإن الكثير من ورشات العمل توقفت بسبب نقص المحروقات وما تبع ذلك من بطالة لعدد كبير من الشباب، الذين أجبروا على الهجرة لخارج البلاد، في إطار سياسة ممنهجة من حكومة دمشق لإفراغ الحيين من سكانهما، إلا أن إدارة الحيين تعقد جلسات حوارية لمناقشة آليات مواجهة الحصار والاعتماد على الذات لتجاوز التبعات قدر المستطاع بتكاتف المكونات”
العفو الدولية تندد وتحذر
وكانت منظمة العفو الدولية قد قالت في تقرير مطلع العام الجاري، إنه على قوات الحكومة السورية رفع الحصار المفروض على المدنيين في حيي الأشرفية والشيخ مقصود ذات الأغلبية الكردية في مدينة حلب، واصفةً الحصار بالوحشي الذي يعيق إمكانية حصول السكان على الوقود والأدوية والدقيق وغيرها من الإمدادات الأساسية.
ونقل تقرير المنظمة عن سكان في الحيين، أن قوات الفرقة الرابعة قيدت دخول الوقود إلى المناطق المتضررة منذ آب/ أغسطس 2022، ونتيجة لذلك لا يحصل الحيان إلا على ساعتين من الكهرباء يومياً بعد أن كانا يحصلان على سبع ساعات قبل إطباق الحصار، مؤكدين أن الكثير من المرافق الأساسية بما في ذلك الأفران تواجه خطر الإغلاق في حال استمرار الحصار، ومشيرين في الوقت نفسه إلى أن الفرقة الرابعة فتحت طرقاً للتهريب من أجل تحقيق عوائد مالية كما أن حواجزها تفرض إتاوات مالية كبيرة على من تجد بحوزته مواد طبية أو حليب أطفال.