“جيشنا جاهز للرد”.. تفاصيل مثيرة في رسالة “بايدن” للكونجرس حول ضربات الميليشيات الموالية لإيران

هيڤي سليم

يبدو أن ضربات الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق باتجاه أهدف أمريكية بدأت تأخذ منعطفاً أكثر إثارة في أروقة صانعي القرار بالولايات المتحدة، إذ أبلغ  الرئيس جو بايدن الكونجرس رسميا يوم الجمعة الماضي أنه أمر بضربات عسكرية تستهدف المنشآت المدعومة من إيران في سوريا، رداً على “سلسلة من الهجمات” ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.

وتمثل رسالة بايدن إلى رئيس مجلس النواب مايك جونسون ورئيس مجلس الشيوخ المؤقت باتي موراي، إجراءً شكلياً يقتضيه قرار سلطات الحرب، والذي بموجبه يتعين على الرئيس إخطار الكونجرس باستخدامه للقوة العسكرية، في وقت تتواصل الضربات باتجاه القوات الأمريكية منذ السابع من أكتوبر المنصرم كأبرز الأوجه لتداعيات الحرب في قطاع غزة.

أهم ما جاء في رسالة بايدن

موقع “أميريكان ميليتري نيوز” العسكري الأمريكي نشر بعض أجزاء من رسالة الرئيس بايدن إلى الكونجرس، إذ قال فيها إن الجماعات الإرهابية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني نفذت “سلسلة من الهجمات ضد أفراد ومنشآت أمريكية” في كل من سوريا والعراق بدءًا من 17 أكتوبر، موضحاً أن الهجمات نفذت باستخدام “أنظمة جوية بدون طيار ونيران غير مباشرة”، مما أدى إلى إصابة العديد من أفراد الخدمة الأمريكية وتسبب في إصابة مقاول أمريكي بالعراق بنوبة قلبية أفضت إلى موته.

وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن “الضربات الدقيقة” التي نفذها الجيش الأمريكي استهدفت على وجه التحديد المنشآت التي يستخدمها الحرس الثوري الإيراني والجماعات الإرهابية المدعومة من إيران في عمليات القيادة وتخزين الذخائر ولأغراض أخرى، مؤكداً أن الضربات كانت تهدف إلى تحقيق الردع وتم تنفيذها بطريقة تحد من مخاطر التصعيد وتتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.

وفي جانب من رسالته إلى الكونجرس، قال الرئيس الأمريكي إنه قد وجه تلك الضربات من أجل حماية أفراد الجيش الأمريكي، وإضعاف وتعطيل سلسلة الهجمات المستمرة ضد الولايات المتحدة وشركائها، وردع إيران والميليشيات المدعومة من إيران من شن أو دعم مزيد من الهجمات على الولايات المتحدة والموظفين التابعين لها والمرافق، مشيراً إلى أن تلك الهجمات عرضت حياة أفراد أمريكيين وقوات التحالف العاملة جنباً إلى جنب مع قوات الولايات المتحدة لتهديد خطير.

رد أمريكي يخشى تمدد الصراع

في هذا السياق، يقول الدكتور محمد اليمني الخبير في العلاقات الدولية إن الولايات المتحدة بالفعل لديها خطط للرد على ضرب القواعد الأمريكية من قبل الحشد الشعبي العراقي وكذلك جماعة الحوثيين في اليمن، ولكن في الوقت ذاته هناك لقاءات  تجرى أو رسائل يتم تناقلها عن طريقة سلطنة عمان بين واشنطن وطهران بخصوص الأمور العالقة بين الطرفين وتحديداً حالة القلق بشأن أن يحاول الجانب الإيراني الاستفادة من الوضع الحالي لتحقيق بعض المكاسب، وأن يعمل على تمدد الصراع لينتقل من غزة إلى مناطق أخرى.

وأضاف “اليمني”، في اتصال هاتفي لـ”منصة تارجيت الإعلامية”، أنه من جهة أخرى، فإن الجانب الإيراني يعمل على ضرب المصالح الأمريكية في منطقة البحر الأحمر، في المقابل فإن الإدارة الأمريكية ردت على تلك الضربات في سوريا والعراق وكذلك بخصوص الحوثيين، ولكن هنا نحن أمام سؤال آخر حول ما إذا كان هناك رغبة لدى الولايات المتحدة في توسيع دائرة الضربات للرد على استهداف القواعد الأمريكية، والواقع يقول إن هذا التوسع ترى فيه الإدارة خطراً، وبالتالي تتعامل واشنطن بحكمة شديدة في هذا الملف حتى لا تتسع دائرة الصراع.

محاولات “بايدن” لإرضاء الرأي العام الأمريكي

وقد أبلغ “بايدن” الكونجرس أنه أمر بتوجيه ضربات عسكرية ضد المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران كجزء من “مسؤوليته” عن حماية المواطنين الأمريكيين في جميع أنحاء العالم ومن أجل حماية “مصالح الأمن القومي والسياسة الخارجية” للولايات المتحدة بحسب ما جاء في رسالته، مشدداً على أن الضربات العسكرية كانت “ضرورية ومتناسبة”، وكذلك “متوافقة مع القانون الدولي” بموجب ميثاق الأمم المتحدة، كما حذر من أن الجيش الأمريكي مستعد لاتخاذ خطوات إضافية للدفاع عن مصالحه إذا لزم الأمر، وحسب الضرورة للتصدي لمزيد من التهديدات أو الهجمات.

بدوره، يرى دكتور رامي عاشور خبير العلاقات الدولية، في اتصال هاتفي لـ”منصة تارجيت الإعلامية”، أن رسالة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الكونجرس لا تعبر عن اتجاه لتوسيع الصراع، بقدر ما تحمل نوعاً من الردع للجانب الإيراني، فليس من مصلحة واشنطن توسيع الجبهات في الوقت الحالي على الأقل حتى تنتهي من أزمة غزة، لأن أي رد فعل تجاه طهران يعني على الفور أن الأخيرة ستحرك وكلائها في المنطقة ويتم تزويدهم بصواريخ متوسطة المدى ومعدات لوجيستية من شأنها تسجيل خسائر كبيرة لدى إسرائيل الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة.

ويؤكد “عاشور” أن إيران في المقابل من خلال هذه الضربات أو الصواريخ التي يحركها حزب الله اللبناني – على سبيل المثال – فإنها تحاول إثبات أنها موجودة، وأن واشنطن إذا وجهت ضربات لإيران في يوم ما، فإنها قادرة على الرد على الولايات المتحدة ولكن داخل إسرائيل، إضافة إلى أن القواعد الأمريكية في دول الخليج العربي يمكن أن تكون محل استهداف من قبل إيران أو وكلائها، وهذا يجعل الرئيس الأمريكي جو بايدن حذراً، لأنه ليس من مصلحته حدوث ذلك، خاصة أنه يواجه انتكاسة في الرأي العام الداخلي ضد الموقف الأمريكي وموقف الإدارة الأمريكية من الوضع في فلسطين.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية أن الرد الأمريكي سيكون قاصراً على ضربات معينة، قد يكون نطاق هذه الضربات في سوريا ضيقاً بسبب النفوذ الروسي هناك ووجود منظومة إس 400، ولكن المسألة بالأساس أن الرئيس الأمريكي يخشى اتساع دائرة الصراع، وعندما يتحدث عن إرسال شيء ما إلى الكونجرس فهو يهدف بالأساس إلى إرضاء الرأي العام الأمريكي والحفاظ على ماء وجهه بالحديث عن ردود على الضربات.

ومما يؤكد أن الولايات المتحدة ليس لديها رغبة في توسيع الصراع، كانت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال جولته في الشرق الأوسط خلال الأيام الماضية، والتي ناقش خلالها ضرورة عدم اتخاذ أفعال تؤدي إلى فتح جبهات جديدة، كما أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أكد أن الضربات الأمريكية تبقى ضيقة النطاق بهدف حماية القوات الأمريكية وكذلك الأفراد الأمريكيين.

قد يعجبك ايضا