من سيحمي الغرب ودول الجوار السوري؟.. تقرير ألماني يحذر من عودة “داعش” بسبب ضربات أردوغان

لا تزال ردود الفعل المنددة بعمليات تركيا في شمال وشرق سوريا تتواصل، لا سيما وأن تلك الضربات تفاقم المخاوف بشأن إحياء نشاط تنظيم “داعش” الإرهابي، كونها تستهدف قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي لعبت الدور المحوري في إنهاء التنظيم، وأحدث تلك التقارير ما جاء عبر موقع شبكة “دويتشه فيله” الألمانية التي أشارت إلى أن تلك المناطق من شمال سوريا يسجن بها عديد من مقاتلي داعش السابقين في سجون يصعب تأمينها، ومن بين أبنائهم يكبر جيل قادم من الجهاديين.

وتلعب قوات “قسد” أدواراً متعددة في مناطق شمال وشرق سوريا، فمن جهة تواصل جهودها ضد فلول التنظيم الإرهابي، كما أنها تقوم على تأمين سجون ومخيمات تضم أكثر من 70 ألف من الداوعش وأسرهم ونسائهم وأطفالهم، على الأقل 10 آلاف من هؤلاء هم من مقاتلي التنظيم السابقين بحسب تقارير لوزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” ومجلس الأمن الدولي.

 

أكبر سجن في العالم لمقاتلي داعش

وتقول “دويتشه فيله” في تقريرها إن مناطق شمال سوريا عادت إلى دائرة الضوء الدولية مع وقوع زلزال فبراير الماضي، وهي منطقة لا يلاحظها أحد منذ فترة طويلة، على الرغم من أن ما يسمى بتنظيم داعش كان له معقله هنا، وعلى الرغم من هزيمته عسكرياً، إلا أنه يمكن للتنظيم أن يستعيد قوته من نفس المنطقة أيضاً، وسيكون لذلك تداعيات دولية.

ثم يتحدث التقرير عن منطقة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا “روج آفا”، والتي فيها قاتلت القوات الكردية بدعم أمريكي تنظيم داعش حتى عام 2019 وقتل من بين هؤلاء وجرح آلاف المقاتلين، وبعد الانتصار على التنظيم أصبحت تلك المنطقة موطناً لأكبر سجن في العالم لمقاتلي داعش، كما تضم أيضاً أكبر المعسكرات في العالم لنساء وأطفال الجهاديين، بينهم عديد من زوجات الدواعش ينحدرون من دول غربية رفضت استعادتهن.

ويقول تقرير دويتشه فيله إنه في هذه المعسكرات والسجون الهائلة، يُخشى أن يكون هناك جيل قادم من الجهاديين ينمو الآن، إذ تقول نوروز أحمد عضو القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” إن داعش قد تمت هزيمته إقليمياً، لكن أيديولوجيته وتنظيمه لم يختف، فهم لا يزالون نشطين، مؤكدة أن قوات “قسد” تستطيع حراسة المعسكرات والسجون من الخارج، لكنها لا تستطيع السيطرة عليها من الداخل، مشددة على إنها بمثابة نار تحت الرماد.

وبحسب ما يذكر موقع الأمم المتحدة، فإن هناك تقارير تشير إلى أن هناك ما يقدر بنحو 52 ألف شخص محتجز في مخيمي الهول والروج، وأن 60 بالمئة منهم أطفال وغالبيتهم دون سن 12 عاماً، وذكرت كذلك أن من بين هؤلاء نحو 37 ألف يحملون جنسيات دول أجنبية، فيما يرى مراقبون أن هؤلاء الأطفال يعدون ضحايا للإرهاب ويجب أن يعودوا إلى دولهم الأصلية ويتم تأهليهم ليعيشوا حياة طبيعية.

 

تركيا تفاقم المشكلة      

ويقول تقرير “دويتشه فيله” إن المشكلة تتفاقم أكثر بسبب الواقع الذي يقول إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقاتل الكرد في شمال شرق سوريا منذ سنوات ويقول إنهم إرهابيين، وينفذ بشكل متكرر هجمات بطائرات بدون طيار على منطقة “روج آفا”، لافتاً إلى أن عشرات الآلاف من الكرد فقدوا منازلهم ويعيشون الآن في مخيمات اللاجئين بسبب تلك الضربات.

وتختتم الشبكة الألمانية تقريرها بتساؤلات جوهرية حول أنه في ظل هذه الظروف، كيف يمكن للقادة الكرد في شمال شرق سوريا حماية أنفسهم والدول المجاورة والغرب من عودة تنظيم داعش؟ وما هي خطط التعامل مع مقاتلي التنظيم وأبنائهم الذين يتم تربيتهم في المعسكرات ليصبحوا مقاتلين متعصبين لا يرحمون؟.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تحذر فيها تقارير غربية من تداعيات الضربات التركية، فقبل أيام سلط تقرير حديث صادر عن معهد “كريتيكال ثريتس” الأمريكي للدراسات المعمقة والاستخباراتية الضوء على تبعاتها لا سيما تقويض قدرات قوات سوريا الديمقراطية على تنفيذ عمليات ضد تنظيم داعش، فضلاً عن زيادة المخاطر بشأن هروب عناصر التنظيم من السجون التي وقعت ضربات بالقرب منها.

 

خطر يمتد لسنوات قادمة

وتعليقاً على هذا التقرير، يقول أحمد كامل البحيري الباحث المتخصص في شؤون حركات التطرف العنيف، لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن مخيمات الدواعش الموجودة في شمال شرق سوريا مثل الهول والروج بصفة عامة تعد إشكالية كبيرة لا تخص قوات سوريا الديمقراطية فقط، بل تخص العالم كله لا سيما الدول الغربية.

وأوضح أن هذه المخيمات تضم عديداً من العناصر التي تحمل جنسيات كثير من الدول سواء دول عربية أو أخرى، وسواء على مستوى مقاتلي داعش السابقين أو زوجاتهم أو الأبناء والذين تقدر أعداهم بالآلاف، بالإضافة إلى أن هناك عديد من الأطفال في تلك المخيمات بدون جنسيات، وهؤلاء لا يشكلون خطراً في الوقت الحالي فقط، بل يشكلون خطراً على العالم لسنوات قادمة.

وقال “البحيري” إن كثيراً من الضربات التركية التي تتم في العمق السوري تأتي لتحقيق أهداف تتعلق بالداخل التركي، أي ضربات باتجاه قوات سوريا الديمقراطية وبعض العشائر المنضوية تحت تلك القوات، بداعي محاربة الإرهاب حيث تضع أنقرة قوات سوريا الديمقراطية في خانة الجماعات الإرهابية وهذه إشكالية كبيرة ليس لتركيا فقط مع الكرد بل مع كثير من دول المنطقة ودول العالم.

ويرى الباحث المصري المتخصص في شؤون حركات التطرف العنيف أن هناك خلط في الرؤية التركية بشأن مكافحة الإرهاب بوضعها قوات قسد ضمن الجماعات الإرهابية، وهذا الأمر يهيء لأجواء تساعد على استعادة تنظيم داعش نشاطه مجدداً، أو يساعد على هروب عناصر التنظيم الموجودة في مناطق شمال وشرق سوريا بسبب الضربات التركية، مؤكداً في الوقت ذاته أن أي ضربات تركية داخل سوريا تعد بصفة عامة اعتداء على سيادة الدولة السورية.

 

قد يعجبك ايضا