مشاريع استعمارية.. تركيا تعزل المناطق المحتلة شمالي سوريا بالخنادق والسياجات

تواصل تركيا عمليات حفر الخنادق ورفع السواتر الترابية في المناطق المحتلة شمالي سوريا لاسيما منطقة عفرين بالشمال الغربي، في إطار ما تقول منظمات حقوقية إنه خطط لعزل وتقسيم هذه المناطق تمهيداً لضمها إلى تركيا لاحقاً بموازاة ممارسات أخرى على رأسها تهجير السكان الأصليين وبناء المستوطنات لتغيير ديمغرافية المنطقة.

رئيس إدارة تنسيق العمليات الأمنية في وزارة الدفاع التركية سيركان بيرجان قال خلال عرضه للإجراءات المتخذة على الحدود في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية أمام البرلمان التركي، إنهم أنهوا حفر 317 كيلومتراً من الخنادق المخطط إنشاؤها بطول 657 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، إلى جانب بناء “نظام السياج عالي الأمان” بمسافة نحو 74 كيلومتراً في المنطقة الواصلة بين نهري عفرين والعاصي.

وأشار بيرجان بحسب ما نقل موقع “سي إن إن ترك”، إلى اكتمال بناء الجدران الإسمنتية على معظم الحدود البرية مع سوريا التي يبلغ طولها 837 كيلومتراً من إجمالي طول الحدود البالغ 911 كيلومتراً، إلى جانب إجراءات أخرى تشمل وضع 85 منصة رصد حديثة ذات حماية عالية، و119 مركزاً عسكرياً مسلحاً قيد الإنشاء، لافتاً إلى أنه تم منع مرور أكثر من 183 ألف لاجئ وجرى توقيف أكثر من 10 آلاف منهم.

ومنذ عام 2020 أكدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أن تركيا حفرت خنادق ورفعت سواتر ترابية بطول أكثر من 15 كيلومتراً بمحاذاة الطريق الدولي “M4” في محيط ناحية عين عيسى بريف الرقة شمال شرقي سوريا، كما أنشأت 5 قواعد عسكرية على أطراف الناحية مقابل خمس قرى على الطريق الدولي، بالتزامن مع استقدام أسلحة ثقيلة ورادارات متطورة إلى قواعدها وقصف متكرر تتعرض له المناطق المحاذية للمناطق المحتلة، ما أدى لتهجير سكان 6 قرى في المنطقة.

وكان الاحتلال التركي وميليسيات ما يسمى “الجيش الوطني” التابعة له، قد بدأوا في نيسان/ أبريل 2022 بحفر خندق ضمن المناطق المحتلة بريف الباب شرقي حلب بين بلدة تادف وقرية السكرية بمحاذاة الطريق الدولي “M4” بعرض 4 أمتار وعمق أربعة.

معاهدة “لوزان” ومشروع “إصلاح الشرق

ويقول رئيس المركز الكردي للدراسات نواف خليل في هذا السياق: “إنه حين يأتي الحديث عن تركيا لا يمكن النظر إلى ممارساتها إلا من خلال معرفة التاريخ التركي والذهنية التي تدار بها الحكومات التركية المتعاقبة منذ التوقيع على “اتفاقية لوزان” عام 1923 وبعد التصديق على مشروع “إصلاح الشرق” عام 1925 الذي كان يهدف لتتريك شمال كردستان بما في ذلك هدف أن لا يبقى شخص واحد في ديار بكر يقول أنا كردي بحلول عام 1950، ورغم أن المشروع لم ينجح بفعل الإرادة الكردية والأوضاع الاقتصادية واندلاع الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لم يتوقف ونجح إلى حد ما في غرب الفرات كما في مرعش وملاطيا ومناطق أخرى عبر القتل والتهجير والصهر وغيرها من الممارسات التي تهدف لتغيير ديمغرافية المنطقة، إلى جانب تتريك أسماء أكثر من 12 ألف قرية وبلدة ومدينة كما تم تدمير أكثر من 4500 قرية كردية والآلاف اغتيلوا وحتى الآن لم يتم الكشف عن قتلتهم.

استراتيجية تركية

ويضيف خليل في حديث لمنصة تارجيت، “أنه في إطار مشروع “إصلاح الشرق” الذي كان في الحقيقة يهدف إلى تدمير الشرق الذي هو مناطق شمال كردستان استهدفت منطقة عفرين، أي أن تركيا تعمل في إطار استراتيجي، كما أن الدول الأربع تركيا وإيران والعراق وسوريا كلها تدرك أن هذه الجغرافيا هي جغرافية كردستان ولهذا تستطيع أن تلتمس ببساطة أن الجغرافيا الكردية في الدول الأربع أكثر الأماكن بعداً عن التنمية عدا عن العدالة وتحصيل الحقوق، مشيراً إلى أن تركيا تحاول ترسيخ هذه الوقائع على الأرض من خلال بناء جدار تسميه الجدار العام، إلى جانب مواصلة حفر الخنادق، وذلك رغم أنه ثبت بالدليل القاطع أن قوات سوريا الديمقراطية لم تطلق طلقة واحدة باتجاه تركيا حتى عام 2018 وإلى الآن لا تزال لا تستهدف تركيا أي داخل الحدود الرسمية لها التي هجرت أكثر من 300 ألف من عفرين، وآخرين من رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض/ كري سبيه.

وبحسب رئيس المركز الكردي للدراسات نواف خليل، “فإن لجنة الدراسات العلمية بالبرلمان الألماني الصديق لأردوغان وفي زمن حكومة أنجيلا ميركل التي كانت تدافع بقوة عن علاقاتها مع الحكومة التركية إلى جانب دفاعها بالاتحاد الأوروبي ضد أي تهديدات بعقوبات على تركيا، أكدت أنه لم يوجد أي شيء يدل على إطلاق صواريخ من شمال سوريا على تركيا حتى في الصحافة التركية نفسها، وبالتالي مبررات شن هجوم عسكري على عفرين غير صحيحة.

وتؤكد ممارسات تركيا في المناطق المحتلة شمالي سوريا والتي تقابل بصمت دولي مطبق ما خلا تحذيرات منظمات حقوقية تتبع للأمم المتحدة كـ”هيومن رايتس ووتش” والعفو الدولية، صحة التقارير التي تنشرها جهات حقوقية بينها المرصد السوري لحقوق الإنسان ومنظمة عفرين لحقوق الإنسان، بشأن أهداف أنقرة الاحتلالية في هذه المناطق وصولاً إلى ضمها لتركيا على غرار لواء إسكندرون، إلى جانب سياسات تغيير التركيبة السكانية وديمغرافية المنطقة، التي تغذيها عمليات الترحيل القسري للاجئين السوريين من تركيا إلى هذه المناطق وتوطين سوريين من مناطق أخرى فيها بعد تهجير سكانها الأصليين.

قد يعجبك ايضا