سياسي أمريكي: إدارة بايدن مستاءة من عمليات أردوغان في شمال سوريا

تؤكد عديد من المؤشرات أن الإدارة الأمريكية لا تزال غير راضية تجاه تمادي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عملياته على شمال شرق سوريا، والتي يدعي أنها لحماية الأمن القومي لبلاده، إلا أن واشنطن لديها رؤية واضحة بأن تلك العمليات تقوض جهود محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، لا سيما أنها تستهدف الكرد الذين لعبوا الدور الرئيسي في دحر التنظيم.

في هذا السياق، يقول البروفيسور جبريال صوما عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: “إن الفترة الأخيرة تشهد خلافات كبيرة ين تركيا والولايات المتحدة حول عدة قضايا، لكن النقطة الأكثر خلافاً تتمثل في دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يتألف معظمه من المقاتلين الكرد، وهم الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

 

تقويض العمليات ضد تنظيم “داعش

ولفت السياسي الأمريكي البارز، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إلى أن الخلاف بين أنقرة وواشنطن وصل إلى أعلى مستوى له في الخامس من أكتوبر الجاري عندما أطلقت الطائرات الأمريكية (إف 16) صواريخ ضد طائرة تركية بدون طيار وأسقطتها على بعد بضعة مئات من الأمتار من القوات الأمريكية المتواجدة في شمال شرق سوريا، مؤكداً أن إدارة الرئيس جو بايدن مستاءة من العمليات التركية في تلك المناطق.

وأكد صوما أن واشنطن ترى أن محاولة أردوغان القيام بعمليات عسكرية في شمال وشرق سوريا من شأنها أن تقوض القتال ضد تنظيم “داعش”، كذلك الهجمات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية ضد شمال وشرق سوريا تهدد أمن مخيم الهول الذي يتواجد فيه حوالي 50 ألف فرد من عائلات “داعش”، كذلك يوجد حوالي 10 آلاف داعشي في السجون الخاضعة لحماية قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي القيام بتلك العمليات يهدد أمن المنطقة.

 

تجاهل أمريكي للرئيس التركي

وسرد مستشار الرئيس الأمريكي السابق مزيداً من أوجه الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة، إذ أكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مستاء من انتشار حاملات الطائرات الأمريكية في الشرق الأوسط التي رافقت حرب غزة، كما أن الإدارة الأمريكية مستاءة من أردوغان استعمل وضعه كعنصر أو جزء في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، واستعمل هذه الصلاحية منع السويد من الدخول إلى الحلف، وإن كان قد غير موقفه ووافق البرلمان التركي في 23 أكتوبر من هذا الشهر.

ولفت كذلك إلى أن الرئيس التركي مستاء أيضاً – ضمنيا ولم يتحدث عن ذلك علناً – من أن الرئيس بايدن لم يدعوه لزيارة واشنطن في أية زيارات رسمية كما يدعو بقية رؤساء الدول، وبالتالي نحن نتحدث عن خلافات كبيرة بين الرئيس التركي والإدارة الأمريكية، ويمكن في إطار هذه الخلافات الحديث كذلك عن شكوك الأمريكيين بشأن علاقة أردوغان بحركة حماس الفلسطينية.

ويقول دكتور جبريال صوما إن الخلافات بشأن الوضع في شمال سوريا انعكس على طبيعة الاتصالات بشأن أزمة غزة، إذ أن أردوغان يريد أن يلعب دور الوساطة، لذلك أجرى عدة مكالمات هاتفية عندما بدأت الحرب في غزة مع القادة الإقليميين ومع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش ومع الرئيس السوري فلاديمير بوتين ولكنه لم يتصل بالرئيس بايدن، وكذلك وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زار عدداً من الدول العربية إلى جانب إسرائيل عندما بدأ النزاع في غزة، ولكنه لم يذهب إلى زيارة أنقرة، بل اكتفى بالتشاور مع وزير الخارجية التركي.

 

بداية الخلاف بين واشنطن وأنقرة حول شمال سوريا

مسألة الخلاف بين واشنطن وأنقرة تستحوذ كذلك على اهتمامات مراكز البحث الأمريكية، فقبل أيام صدر تقرير عن مجلس الشؤون الخارجية الأمريكي يتفق مع نفس وجهة نظر الدكتور جبريال صوما، إذ أكد أن دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية واحد من أبرز القضايا التي تؤجج الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة، لا سيما أن غالبية مقاتلي قوات “قسد” من الكرد، وقد كانوا الحلفاء الأساسيين لواشنطن في حربها ضد داعش، وصولاً إلى إسقاط القوات الأمريكية مسيرة تركية هذا الشهر.

ويقول تقرير مجلس الشؤون الخارجية الأمريكي إن الجيش التركي ينفذ عديداً من العمليات العسكرية على الأرض وفي الجو ضد الكرد السوريين، إذ ترى واشنطن أن تلك العمليات تقوض القتال ضد داعش، فيما تصر تركيا على وصف القوات الكردية السورية بأنها ليست أكثر من مجرد امتداد لحزب العمال الكردستاني، مشيراً إلى أن الخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا حول هذه القضية بدأ مع ظهور تنظيم داعش واجتياحه شمال سوريا والعراق في عام 2014، إذ رفض أردوغان طلباً من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما للمساعدة في محاربة الجماعات الإرهابية، مما أجبر الولايات المتحدة على العمل مع قوات سوريا الديمقراطية.

 

أمريكا و”قسد” ونجاح في مواجهة “داعش

ولفت التقرير إلى أن القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية نجحتا في هزيمة تنظيم داعش، ومع ذلك، وفي غياب أي سلطة دولة في شمال سوريا، احتفظت واشنطن بنحو 900 جندي هناك وتعاونت مع قوات “قسد” بهدف احتواء خطر التنظيم الإرهابي، كما أن قوات سوريا الديمقراطية يقع تحت حمايتها مخيم الهول الذي يضم حوالي خمسين ألف فرد لهم صلات مختلفة بتنظيم داعش.

يشير التقرير كذلك إلى أن تركيا مؤخراً أعربت عن استيائها من اللغة التي استخدمتها إدارة بايدن في بيان صدر في 12 أكتوبر الجاري بشأن تمديد تفويض استخدام القوات العسكرية التركية خارج حدود البلاد أو القيام بعمليات عسكرية في شمال سوريا والعراق، إذ أكد البيان الأمريكي أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية لشن هجوم عسكري في شمال شرق سوريا، تقوض الحملة الرامية إلى هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا، كما أن تلك العمليات تعرض المدنيين للخطر، وتهدد بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، كما أنها تعني استمرار وجود تهديد غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ بداية الشهر الجاري تقريباً تنفذ القوات التركية ضربات مكثفة على عديد من المناطق في شمال وشرق سوريا، مستخدمة جميع أنواع الأسلحة تقريباً، وقد طالت تلك الضربات عديداً من الأهداف المدنية وصلت إلى صوامع الغلال ومرافق المياه والسدود، كما أسقطت ضحايا من المدنيين، على نحو يخالف القانون الدولي الإنساني والأعراف والمواثيق الدولية.

قد يعجبك ايضا