في وقت ينشغل العالم بالحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، ومع استمرار الهجمات الإسرائيلية على مواقع لقوات حكومة دمشق ومنشآت حيوية سورية بينها المطارات الدولية كنوع من إرسال الرسائل التحذيرية لإيران، تحرك قوات حكومة دمشق مجموعات مسلحة تابعة لها لشن هجمات على قرى وبلدات في ريف دير الزور شرقي سوريا.
المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، قال في بيان إن “مرتزقة” النظام السوري والأجهزة الأمنية التابعة له، نفذوا قصفاً بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون وشنوا هجوماً بأسلحة الدوشكا على قرى وبلدات أبو حردوب وذيبان وأبو حمام، دارت على إثر ذلك اشتباكات عنيفة مع قسد، ما أسفر عن مقتل 19 مرتزقاً 6 منهم في ناحية ذيبان و13 في أبو حردوب، إضافةً لفقدان ثلاثة من مقاتلي قسد وأربعة مدنيين لحياتهم وإصابة عشرة مدنيين آخرين، جراء سقوط قذيفة على أحد المنازل.
قسد تتصدى وتتوعد المزعزعين
وأوضح بيان قسد أن الهجوم الذي بدأ فجر يوم الأحد، انطلق خلاله المسلحون من قرى ومدن “صبيحان والدوير والميادين، الواقعة في الضفة الغربية لنهر الفرات تحت سيطرة قوات حكومة دمشق، وتحت القصف بالمدفعية وقذائف الهاون والدوشكا، حاول المسلحون التسلل إلى مناطق ذيبان وأبو حمام وأبو حردوب في الضفة الشرقية للفرات قبل أن تتصدى لهم قوات قسد، ما أسفر إلى جانب القتلى بصفوفهم عن السيطرة على كميات من الأسلحة والذخيرة والعتاد العسكري.
وجدد البيان التأكيد على أن قوات سوريا الديمقراطية لن تتهاون في الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة وضرب بيد من حديد لكل من يحاول زعزعة الاستقرار وتهديد سلامة الأهالي والمنطقة، بتحريض ودعم من أطراف وجهات أخرى.
إثارة القلاقل لحرف الأنظار عن الأزمات
ويذهب محللون إلى أن حكومة دمشق تحاول من خلال إثارة الفتن والقلاقل وزعزعة استقرار مناطق شمال وشرق سوريا في هذا التوقيت عبر توجيه مجاميع مسلحة تابعة لها للهجوم على مناطق بشرق الفرات، حرف الأنظار عن فشلها في إدارة مؤسسات الدولة خدمياً واقتصادياً وسياسياً وعدم قدرتها على الرد على الانتهاكات الإسرائيلية للأراضي السورية التي تحولت إلى بريد لإرسال الرسائل وساحة للصراع وتصفية الحسابات بين أطراف عديدة بينها إسرائيل وإيران، التي باتت بدورها إلى جانب روسيا تتحكم بمجريات الأمور في سوريا وتوجه دفة الصراع حسب مصالحها ورغباتها.
وإلى جانب ذلك، يقول المحللون إن حكومة دمشق وإيران تحاولان إظهار أن جبهات عديدة في سوريا تشهد توترات، خاصةً أمام المؤيدين لهم والمعولين على ما يسمى “محور المقاومة” في التدخل بالحرب الدائرة في قطاع غزة، والتي يؤكدون أنها وضعت الطرفين ومعهم حزب الله اللبناني والفصائل التابعة لطهران في إحراج كبير من حيث اقتصار مشاركتهم على محاولة استهداف القواعد الأمريكية بسوريا والعراق وقصف محدود لا يحدث أي تأثير لمناطق في شمال إسرائيل.
ومما يدلل على محاولة دمشق وإيران زعزعة أمن واستقرار المنطقة، تركيز وسائل الإعلام التابعة لهما والمحسوبة عليهما على إظهار أن هناك صراعاً بين قوات سوريا الديمقراطية والعشائر العربية، في مخالفة لواقع الأمر الذي يتمثل بحسب قسد بملاحقة بعض قيادات وعناصر مجلس دير الزور العسكري الذين ارتكبوا انتهاكات بحق المدنيين، وذلك رغم انتهاء عملية “تعزيز الأمن” وعقد مؤتمراً بدير الزور للاطلاع على الواقع الخدمي ومطالب الأهالي والعمل على خطة ممنهجة لتطوير الواقع الخدمي والسياسي والأمني في المحافظة، وتمديد قسد قبل أيام قرار العفو عن المتورطين بالأحداث التي شهدتها دير الزور قبل شهرين.
ويرى مراقبون للشأن السوري، أن حكومة دمشق ورغم استعادتها خلال السنوات الأخيرة السيطرة على عدة مناطق من الفصائل المسلحة في جنوب ووسط البلاد، إلا أنها تمر بأكثر فتراتها تأزماً، من حيث أنها أصبحت مسلوبة الإرادة من قبل روسيا وإيران، وتواجه احتجاجات شعبية في جنوب البلاد وخشيتها من امتدادها إلى مناطق أخرى في ظل الواقع الاقتصادي والمعيشي المتردي واستمرار تدهور الليرة وشح المواد الأساسية، كما أنها لا تملك القدرة على الرد على الهجمات الإسرائيلية التي باتت تستهدف المنشآت الحيوية، لذلك تحاول حرف الأنظار عن كل هذه الأزمات وإظهار أنها تقاتل على جبهات أخرى وتحقق انتصارات لذلك تصعد من قصفها وتشعل جبهات شمال غربي البلاد في كل من إدلب وحماة واللاذقية وحلب، بالتزامن مع تحريكها مجموعات تابعة لها لشن هجمات وإثارة الفوضى في ريف دير الزور الشرقي.