يبدو أن الخلافات التي تعكر أجواء العلاقات الأمريكية – التركية في الفترة الأخيرة تتشعب وتتعقد، فإلى جانب رفض واشنطن ضربات النظام التركي على شمال وشرق سوريا، جاءت عملية حماس الفلسطينية في السابع من أكتوبر الجاري ضد إسرائيل لتدفع مشرعين أمريكيين إلى مطالبة إدارة جو بايدن بالتحقيق في صلات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالحركة الفلسطينية وما إذا كان هناك تنسيقاً مشتركاً لتنفيذ تلك العملية.
وتقول تقارير أمريكية إن أعضاء بالكونجرس الأمريكي بقيادة السيناتورين كريس باباس وجوس بيليراكوس قاموا بتسليم رسالة مفصلة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، تناولت المخاوف بشأن دعم أنقرة لحركة حماس خاصة في ضوء هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل، ما يعني ارتفاع المخاوف في الأوساط الأمريكية بشأن تنسيق تركي مع الحركة الموضوعة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة.
أردوغان وحماس وداعش
يقول الدكتور جبريال صوما عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية إن علاقات أردوغان مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ليست على ما يرام، والأخير يعرف جيداً أن رئيس تركيا يدافع عن حركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية وبالتالي فإنه يجب القضاء عليها كما فعلت الولايات المتحدة مع تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأضاف أنه عندما كان بايدن نائباً للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، طلب هذا الأخير مساعدة أردوغان في القضاء على حركة حماس، ولكنه رفض ذلك، وبالتالي إدارة جو بايدن تعرف أن أردوغان لن يساعد في القضاء على حماس، والرئيس الأمريكي يعرف كذلك بأن جماعات داعش الإرهابية كانت تمر في طريقها إلى سوريا من الأراضي التركية، وأن أردوغان كذلك كان يجتمع مع قيايي حماس داخل بلاده، وأن تركيا كانت مقراً لتك المجموعات الإرهابية كما هو الحال بالنسبة لحركة حماس.
وفي ختام تصريحاته، أعرب السياسي الأمريكي البارز عن اعتقاده أنه إذا قرر الكونجرس الأمريكي فرض عقوبات على تركيا فإن الرئيس بايدن لن يعترض، مشيراً إلى أن الأمر لا يقتصر على الرئيس التركي فقط، بل تجدر الإشارة إلى أن الكونجرس يدرس جدياً طبيعة العلاقة بين أمير قطر تميم بن حمد أيضاً بحركة حماس، فهو الآخر يوفر لهم ملاذاً آمناً، وهو الآخر يتعامل معهم كما كان يتعامل أردوغان فهناك شبه كبير بين النظامين التركي والقطري.
ويؤكد أعضاء الكونجرس الأمريكي في رسالتهم لوزير الخارجية أن تركيا وفرت الدعم السياسي واللوجستي لحركة حماس، مما يثير مخاوف جدية لا سيما أنشطة الحركة داخل تركيا، وأن أردوغان ارتبط بتلك الحركة على مر السنين، كما استشهدوا في هذا السياق بدعم الرئيس التركي المستمر لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية في عديد من الدول.
الكونجرس قد يتخذ عقوبات
بدوره، يقول توم حرب رئيس التحالف الأمريكي – الشرق أوسطي للديمقراطية إنه من المعروف أن تركيا تأوي جماعة الإخوان، وكذلك تأوي مجموعات متحالفة مع حماس أو منها، وكذلك الأمر هنالك ربما مجموعة من حركة حماس ذهب إلى إيران للتدريب عن طريق تركيا، والكونجرس الأمريكي اليوم يعرف أن تصرفات أردوغان التي توفر الحماية للإخوان والتنسيق معهم وكذلك حماس.
وأوضح حرب، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أنه في ضوء ذلك يجب أن يكون هناك تدقيقاً فيما إذا كانت العملية التي تمت في السابع من أكتوبر من قبل حماس الموجودة على لائحة الإرهاب في الولايات المتحدة كانت بتنسيق مع أنقرة، أو ما إذا كان قد تم السماح لعناصر حماس بالمرور إلى إيران عبر الأراضي التركية، مؤكداً أنه إلى هذا اليوم فإن الكونجرس يرى هذه العملية كما لو كانت مثل أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة وحوادث القطار في إنجلترا وكذلك الإرهاب في فرنسا.
وتابع قائلاً إن الجميع يتعاونون للتدقيق في من نسق مع الإرهاب وموله ووفر له المأوى، فهذه عملية ليست فقط ضد الإسرائيليين وإنما عبرت عن شبكة دولية يحاول الكونجرس والدول الغربية كشفها والاطلاع على جميع هذه التنسيقات التي تمت سواء كان ذلك في تركيا أو الضفة الغربية أو في قطر وصولاً إلى إيران في نهاية المطاف.
وقال السياسي الأمريكي إن عملية الإرهاب عملية يأخذها الغرب بأنها أمر جلل وليس كما تفعل الدول العربية التي لا تفرق بين مطالب القضية الفلسطينية وما تقوم به حماس ويبررون أفعالها ضد الإسرائيليين، وهذا في الغرب مرفوض كلياً، ولهذا فقد رأينا تعاوناً دولياً غريباً لا مثيل له وتحالفات غربية مع الإسرائيليين لأنهم ينظرون إلى هذه الجريمة باعتبارها عملية إرهابية ولا ينظرون إلى شيء آخر.
ويرى أنه بناء على ذلك فإنه على الدول العربية المعنية أن تنظر إلى هذه العملية كعملية إرهابية وتفصلها عن القضية الفلسطينية، حتى لا يكون هناك انتصار للإرهاب وتفتيت المجتمعات والدول. ويرى توم هارب كذلك أنه بناء على ما سبق، فإن الكونجرس يحاول التدقيق فيما فعلته تركيا وإذا كان لها أية أذرع نسقت مع حماس، وإن كان ذلك صحيحاً فإنه سيتم محاسبة أنقرة بالوسائل المتاحة لدى الكونجرس.
يذكر أن رسالة أعضاء الكونجرس تؤكد أنه رغم أن هناك عديد من الأدلة على تورط تركيا في أنشطة حركة حماس، إلا أن الإدارة الأمريكية لم تولي اهتماماً كافياً لهذه القضية التي وصفوها بـ”الحاسمة”، والتي تستلزم محاسبة أنقرة ومطالبتها أن تلتزم بالمعايير التي يطبقها الحلفاء الآخرون للولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن منصة “تارجيت” الإعلامية تواصلت مع السيد صامويل وربيرج المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية وسألته حول موقف وزارة الخارجية من تلك الرسالة، ورأيها بشأن طبيعة العلاقة بين حركة حماس وتركيا، إلا أنه رد بأن السؤال عن طبيعة العلاقة بينهما يجب أن يوجه إلى حركة حماس أو حكومة تركيا وليس إلى الخارجية الأمريكية.