هيڤي سليم
بعد أسبوع من هجمات وقصف جوي وبري هو الأعنف نفذه الاحتلال التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، كشفت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا عن حصيلة هذه الهجمات، مؤكدةً أنها استهدفت المنشآت الحيوية الأساسية وسبل عيش المدنيين.
وقالت دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في بيان تلي خلال مؤتمر صحفي بمدينة القامشلي، إنه واستمراراً لسياساتها العدائية وبهدف تدمير مقدرات المنطقة الاقتصادية والبشرية والأمنية، نفذت الدولة التركية 580 هجمات على المرافق الحيوية ومنشآت البنية التحتية الأساسية في شمال وشرق سوريا عبر الطيران الحربي والمسير والقصف المدفعي، ما أسفر عن فقدان 44 شخصاً لحياتهم وإصابة 55 آخرين من مدنيين وعسكريين، بما في ذلك أعضاء قوات مكافحة المخدرات الذين قضوا بقصف مركز مكافحة المخدرات بريف المالكية/ ديرك.
المشافي ومحطات الكهرباء والمياه
وأوضحت دائرة العلاقات الخارجية، أن القصف التركي استهدف مشفيين في المالكية وكوباني ما أسفر عن خروجهما عن الخدمة، إلى جانب استهداف أحد عشر موقعاً لمحطات الكهرباء، إضافةً لتضرر محطتين للمياه ما أدى لتوقف 18 محطة مياه في المنطقة بينها محطة علوك التي تغذي مدينة الحسكة بمياه الشرب، وما تبع ذلك من تضرر ما يزيد على مليوني نسمة في كل من عامودا ورميلان والقحطانية/ تربه سبيه والقامشلي والدرباسية وأريافها.
المنشآت التعليمية
وأكد البيان، استهداف الاحتلال التركي 48 موقعاً تربوياً وتعليمياً ما أسفر عن فقدان طفلين لحياتهما وإصابة طفلة وتوقف العملة التربوية في المنشآت المستهدفة، مشيراً إلى تضرر أكثر من خمسة ملايين شخص نتيجة استهداف تركيا سبعة عشر موقعاً ومنشأة نفطية تقدم خدمات الغاز والمحروقات للسكان، بينها محطة السويدية الحيوية التي تغذي عموم مناطق شمال وشرق سوريا بالكهرباء والغاز، إلى جانب منشآت أخرى في ريف القحطانية/ تربه سبيه والجوادية/ جل آغا والمالكية/ ديرك.
واعتبرت دائرة العلاقات الخارجية في بيانها، أن الاحتلال التركي يتذرع بحجج واهية لاستهداف المنشآت الخدمية والحيوية البنى التحتية بمختلف صنوف الأسلحة، بهدف ضرب الأمن والاستقرار بالمنطقة وإضعاف جهود الإدارة الذاتية في تطوير الواقع الخدمي والاقتصادي ومنع القوات العسكرية والأمنية من إتمام مهامها في الدفاع وحماية المنطقة ومحاربة خلايا تنظيم داعش الإرهابي، داعيةً القوى الفاعلة ومؤسسات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ومجلس الأمن والفعاليات المجتمعية لاتخاذ مواقف حيال ممارسات تركيا ضد المنطقة وعرقلتها الواضحة لمساعي مكافحة الإرهاب، والمساهمة بإعادة تأهيل المرافق المدمرة.
وكان الاحتلال التركي نفذ بين الخامس والتاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري قصفاً جوياً عبر الطيران الحربي والمسير وبرياً بالمدفعية الثقيلة قذائف الهاون، على المنشآت الحيوية بالمنطقة، بعد يوم واحد فقط من تصريحات لوزير الخارجية التركي حقان فيدان قال فيها إن المنشآت الخدمية والبنى التحتية بشمال وشرق سوريا أصبحت هدفاً للقصف والهجمات التركية.
أطماع توسعية وتغيير ديمغرافي
ورغم أن مناطق شمال وشرق سوريا هي ساحة للهجمات والقصف التركي منذ 2016، إلا أن التوجه الجديد للاحتلال التركي باستهداف سبل عيش المدنيين والمرافق الحيوية ومنشآت البنية التحتية من نفط وغاز ومياه وكهرباء، يؤكد صحة التقارير عن اتباع أنقرة سياسة الحصار والتجويع والتهجير وتغيير التركيبة السكانية، إلى جانب الحرب والقصف ضد سكان المنطقة، في إطار مخطط كبير لتغيير الواقع وفرض أمر واقع جديد، يتماشى مع أهداف وطموحات الرئيس التركي رجب أردوغان، المبنية بالدرجة الأولى على ما يعرف بـ” الميثاق الملي” الذي ينص على السيطرة على مناطق في شمال سوريا والعراق.
صمت دولي مطبق
وتقابل الهجمات التركية على المنشآت المدنية بصمت مطبق من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بات محل انتقاد من قبل الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية وشعوب شمال وشرق سوريا التي تتهم الأطراف الدولية بالكيل بمكيالين، رغم أن هذه الهجمات تتعارض مع القانون الدولي الإنساني والقوانين الأممية الأخرى وبنود اتفاقية جنيف لعام 1949 التي تمنع استهداف المدنيين والبنى التحتية، وتطالب بتحييدها خلال الصراعات، إلى جانب رفض تعدي أي دولة على حدود دولة أخرى وتنفيذها هجمات داخل أراضيها.
وما يؤكد توجهات تركيا في المضي في خطط التوسع ومواصلة الهجمات بشمال وشرق سوريا، تصويت البرلمان التركي بالتزامن مع بيان الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لصالح مشروع قرار يفوض الجيش التركي بمواصلة حربه وهجماته في سوريا والعراق، بموافقة أغلب الأحزاب وعلى رأسها حزبا العدالة والتنمية الحاكم وحليفه الحركة القومية والأحزاب المتحالفة معهما، ورفض حزبي المساواة وديمقراطية الشعوب والشعوب الديمقراطي، ما يثير المخاوف من جولات تصعيد تركية جديدة ضد المرافق الحيوية والمدنية في المنطقة، في ظل استمرار ما يمكن تسميته بـ”التواطؤ” أو غض الطرف من قبل الولايات المتحدة، واحتمالية عقد صفقات وتسويات بين الأطراف الفاعلة في سوريا تطلق يدها لتنفيذ هجمات والتوسع بالشمال السوري، على غرار تفاهمات أخرى اختبر السوريون على مدى سنوات الأزمة التوصل إليها بين هذه الأطراف.