زيتون عفرين.. 6 مواسم منهوبة والصمت العالمي يُشجع الأدوات التركية

لا يتوقف النشطاء في عفرين، عن توجيه نداءات الشجب والاستغاثة، مما يقوم به المسلحون التابعون لتركيا ” ميليشيات الجيش الوطني السوري”، الذي لا تقتصر انتهاكاتهم على البشر، بل وتشمل الشجر، قطعاً وحرقاً وقطافاً للثمار.

وبالصدد قال ناشطون بداية أكتوبر الجاري، إن المليشيات المسلحة في مناطق مختلفة من عفرين، منعت الأهالي من قطاف الزيتون قبل بداية شهر نوفمبر القادم، علماً أن عملية جني الزيتون كانت تبدأ في منتصف أكتوبر من كل عام، قبل احتلال تركيا لـ عفرين مارس العام 2018.

وفتح المنع باب التأويل لتفسيرات عدة، فبينما تُبررها المجالس المحلية التابعة للاحتلال التركي في عفرين، بذريعة منع السرقة، فإن الواضح وهو ما تكرر خلال السنوات السابقة، بأن المنع يكون لغايات أخرى، حيث يجري منع السكان الأصليين الكُرد من القطاف، فيما تشكل كل عام مجموعات سرقة ليلية، تقطف الزيتون من الأشجار خلسةً في الليل، ويسمح المسلحون بعبور الزيتون المسروق عبر حواجزهم المنتشرة في كل قرى عفرين، مقابل إتاوات وحصص من الزيتون المسروق.

كما تلجأ كلّ مليشيا ضمن منطقة سيطرتها في قرى عفرين، إلى إرغام المواطنين الكُرد على عصر الزيتون ضمن معاصر خاضعة لهم، أو لديهم نسبة من إنتاجها، وهو ما لجأ إليه أصحاب المعاصر كرهاً، تحت طائلة التهديد والوعيد في أغلب الحالات.

أيضاً عمدت كل مليشيا ضمن نطاق سيطرتها، إلى فرض إتاوة مالية على شجرة الزيتون الواحدة، تباينت بين 2.5 دولار، إلى 20 دولاراً، وهو تباينٌ يعود إلى مزاجية كل مليشيا، وإلى وجود مالك الأرض أو وجود وكيل له، يقوم برعايتها وجنيها بدلاً عنه.

هذا عدا طبعاً عن عمليات قطع جائر للأشجار، تتم بعد سرقة الزيتون منها، والتي يتوقع أن تتوسع بعد نهاية الموسم أواخر نوفمبر القادم، إذ يلجاً المسلحون وذوهم الغرباء عن عفرين، إلى تحطيب وقطع الأخشاب من أشجار لا تمت لهم بصلة، في ظل غياب ذويها أو ليلاً بشكل سري، لاستخدامها في التدفئة، أو بيعها كحطب.

المستوطنون يسرقون.. ويفوقون الكُرد عدداً
وللتعقيب على جملة المعطيات الواردة أعلاها، قال “إبراهيم شيخو” الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان في عفرين، في حديث خاص إلى منصة تارجيت: “يبدأ موسم الزيتون من منتصف شهر أكتوبر الجاري، لكن المجالس أصدرت قراراً بمنع جني الزيتون حتى بداية شهر نوفمبر تشرين الثاني”، مُردفاً: ما يلاحظ بأن هذه القرارات تبقى حبراً على ورق، في ظل وجود عمليات نهب وسلب وسرقات من قبل المستقدمين الذين هم من المستوطنين النازحين، حيث تم استقدامهم إلى عفرين بعد صفقة عفرين مقابل الغوطة، من قبل روسيا وتركيا، من مناطق سورية رفضت التسوية مع النظام السوري، وعددهم يتجاوز 450 ألفاً، وهم أكثر من السكان الأصليين بأضعاف”.

وأكمل: هؤلاء يلجؤون إلى تشكيل مجموعات لصوصية، يقومون بسرقة موسم الزيتون ليلاً، بمُساندة ودعم من الفصائل وحواجزها التي تأخذ دورها في هذا المجال، عندما تحصل على حصتها من السرقات”.

مشيراً كذلك إلى قضية الإتاوات المفروضة على أشجار الزيتون فقال لـ تارجيت: “الفصائل تفرض إتاوات كبيرة جداً على أصحاب بساتين الزيتون المتواجدين وغير المتواجدين، فمثلاً في ناحية شيه\شيخ الحديد، المشكل من مركز الناحية ونحو 15 قرية، تُسيطر عليها مليشيا العمشات بقيادة المدعو محمد جاسم أبو عمشة التركماني المدعوم تركيا، يقوم بفرض إتاوات على أصحاب الزيتون تم تحديدها بـ3 دولارات على كل شجرة، تحت طائلة الاستيلاء على الموسم كاملاً، بجانب الحبس والغرامة”.

وتابع: “اجتمع سيف جاسم شقيق أبو عمشة مع سكان القرى برفقة مخاتيرها، وقام بإبلاغ الأهالي بأنه بالنسبة للملاك الغائبين (مُهجرين قسريين أو مغتربين)، تحدد الإتاوة من 20 حتى 40%، وفي حالات أخرى دفع إتاوة تصل إلى 20 دولاراً عن كل شجرة، وهو مبلغ كبير جداً”.

أكثر من ربع مليون شجرة لـ أبو عمشة
وأكد شيخو أن “أبو عمشة يُسيطر على أكثر من 275 ألف شجرة زيتون، في سهول شيه وقرمتلق وقرى جقاليات الثلاث، عدا آلاف شجر الزيتون للمغتربين الذين رفضوا دفع الإتاوة، وتم الاستيلاء عليها، وجرى دهن ساقها باللون الأزرق، دلالة على أنها أصبحت من ممتلكات الفصيل، ويمنع ذوو المغتربين من الاقتراب منها”.

ولا يقتصر فرض الإتاوة على مليشيا دون غيرها، ففي مناطق أخرى في قرى خاضعة لسيطرة مليشيات العمشات والحمزات في قرى ناحية معبطلي، تم عقد اجتماع مع الأهالي وفرض إتاوات ليرتين ونصف تركية على كل شجرة، وفي مناطق خاضعة لسيطرة مليشيا السلطان مراد، تم فرض إتاوة 1 دولار أمريكي على كل شجرة، وفقاً لـ شيخو دائماً.

وشدد شيخو على أن “الاحتلال التركي يعتبر المسؤول الأول والأخير عن تلك الانتهاكات، بحكم التبعية الولائية لهؤلاء، وبحسب المادة 43 من لائحة لاهاي لعام 1907، تعتبر تركيا شريكة مع هؤلاء ومسؤولة عن انتهاكاتهم، وهو ما أشار إليه تقرير الأمم المتحدة للجنة تقصي الحقائق الأخير، الذي صدر في شهر سبتمبر الماضي، حيث لفت إلى مسؤولية تركيا التبعية عن تصرفات هؤلاء قيادات ومسلحين”.

نصف مليون شجرة زيتون مقطوعة
وحسب شيخو “قدرت الأرقام الأولية منذ بداية الاحتلال التركي لـ عفرين وحتى الآن، بحدود 500 ألف شجرة، قد تم قطعها، إضافة لعشرات الآلاف تم اقتلاعها من جذوعها، عندما قاموا بتوسيع طريق معبر حمام الذي يربط مع تركيا، أو أخرى اقتلعت انتقاماً من أصحابها، بجانب حرق الأشجار والغابات بأرقام كبيرة جداً، عدا الغابات الحراجية”.

ودعا شيخو منظمات المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ومجلس الزيتون العالمي، لإدانة تركيا، ومنع إرسال الزيت العفريني من تركيا إلى الأسواق أوروبية وبيعها كمنتج تركي.

وأستدرك: “في ظل الوضع المعيشي السيئ الذي يعيشه سكان منطقة عفرين الأصليون الكُرد، نتيجة الحصار وويلات الحرب وارتفاع الأسعار وسياسات الاحتلال والاختطاف، فإن أهل المنطقة محرومون من الاستفادة من مواسمهم، وهؤلاء المرتزقة الذين يسمون أنفسهم بالجيش الوطني وتدعمهم تركيا، يقومون بمساعدة تركيا في كل هذه الجرائم والانتهاكات، والدول الأوروبية معنية بهذا الشيء، وعليها أن تضع حداً لتركيا، فيما يلعب صمتها يلعب دوراً أساسياً في تشجيع تركيا، على المزيد من هذه الممارسات والانتهاكات”.

دعوة لا تعتبر جديدة، فـ عفرين الخاضعة حالياً لتركيا كسلطة احتلال، شهدت على مدار نحو 5 سنوات ونصف، ويلات كبيرة، أهمها تهجير الغالبية العظمى من سكانها، والذين يقدرهم البعض بنسبة 80% كمهجرين قسريين، بفعل آلة الحرب التركية، وهي واحدة من أكبر عمليات التغيير الديموغرافي التي شهدتها الحرب المندلعة في سوريا منذ العام 2011.

قد يعجبك ايضا