خطاب عنصري وحملات تضييق ضد اللاجئين السوريين في لبنان

تتواصل حملات التضييق ضد اللاجئين السوريين في دول الجوار السوري خاصةً تركيا ولبنان، في ظل تصاعد في خطاب الكراهية ضدهم وتزايد الدعوات المطالبة بترحيلهم إلى بلادهم رغم تأكيد منظمات حقوقية أن الظروف ليست ملائمة حالياً لعودتهم مع استمرار الحرب وانهيار البنية التحتية الأساسية.

وبرزت خلال الأشهر الأخيرة في لبنان توجهات بشكل ممنهج على المستويين الرسمي والشعبي لتضييق الخناق على السوريين تمهيداً لترحيلهم، حيث أعلنت حكومة تصريف الأعمال عن خطة يجري العمل عليها لهذا الغرض، وأنها تحاول خلال الفترة المقبلة التنسيق مع حكومة دمشق من أجل هذا الغرض، رغم التنديد الواسع من منظمة العفو الدولية التي قالت في نيسان/ أبريل الماضي، إن على السلطات اللبنانية التوقف فوراً عن ترحيل اللاجئين السوريين قسراً، وسط مخاوف من أنهم معرضون لخطر التعذيب أو الاضطهاد على أيدي الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق.

وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية حينها: “إنه من المقلق للغاية أن نرى الجيش اللبناني يقرر مصير اللاجئين السوريين دون احترام الإجراءات القانونية الواجبة أو السماح لأولئك اللاجئين بالطعن في قرارات ترحيلهم أمام القضاء، مضيفةً أن لبنان ملزم بموجب مبدأ عدم الإعادة القسرية في القانون الدولي الإنساني، بعدم إعادة أي شخص إلى بلد قد يواجه فيه خطر التعذيب أو الاضطهاد، مطالبةً السلطات اللبنانية بحماية اللاجئين من المداهمات والاعتقالات التعسفية وعمليات الترحيل غير القانونية”.

أحزاب سياسية

وفي آخر حملات التضييق ودعوات التحريض ضد السوريين، طالب حزب “الكتائب اللبنانية” على لسان نائب رئيسه النائب سليم الصايغ، بوضع اللاجئين السوريين في مخيمات تشرف عليها مؤسسات الحكومة في إطار العمل على ترحيلهم، وقال إنه يجب على كل لبناني أن يدرك أن وجود اللاجئين السوريين خطر عليه، مطالباً البلديات والمخاتير بالمناطق اللبنانية بالتشدد في تطبيق القوانين مع السوريين وعلى رأسها قانون العمل، تطبيقاً لتوصيات مجلس النواب في هذا الشأن.

ومن جانبه، دعا جورج عقيص النائب في البرلمان اللبناني عن “حزب القوات” الذي يترأسه سمير جعجع، إلى وقف المساعدات المالية والإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية للاجئين السوريين من أجل إجبارهم على العودة إلى بلادهم، واصفاً وجود اللاجئين السوريين في لبنان بـ”الاحتلال” الذي قال إن منظمات دولية وأممية ترعاه.

 

فشل في إدارة الدولة

عضو المجلس السوري للتغيير المستشار حسن الحريري، قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن هذه التصريحات ليست مستغربة وليست الأولى من نوعها التي تأتي من السياسيين اللبنانيين الذين يدعون أنهم يمثلون أحزاباً سياسية التي هي تتاجر بهذا الشكل الفج بقضية اللاجئين السوريين، وهي تلجأ لذلك بسبب فشلها في إدارة الدولة واختيار رئيس وتشكيل حكومة وتحاول أن تنقل أزماتها وتصدير أمور أخرى للشارع اللبناني، بأن السبب في تعطل التنمية وانهيار العملة والأزمة التي تعانيها البلاد هم اللاجئون السوريون.

ويضيف المستشار الحريري، “أن سبب الفشل الذي تعانيه الدولة اللبنانية ناتج عن ضعف الأداء في الإدارة ونظام المحاصصة الطائفية السائد في لبنان إلى جانب أمور أخرى كثيرة، لافتاً إلى أن هذه التصريحات أصبحت تساهم في المزيد من العنصرية ضد اللاجئين السوريين الذين هجروا من بلادهم وتم إحلال آخرين مكانهم بينهم لبنانيون”.

 

خطة حكومية لترحيل السوريين

وكانت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، قد اتخذت خلال الأشهر الأخيرة سلسلة إجراءات ضد اللاجئين السوريين لإجبارهم على العودة إلى بلادهم، شملت تشدد الإجراءات لضبط الحدود البرية والبحرية وإجراء مسح للسوريين القاطنين في النطاق البلدي وتكوين قاعدة بيانات عنهم، وتشدد القيود على العمل والتنقل وتنفيذ حملات مداهمات لعدة مخيمات تأوي سوريين واعتقال العشرات تمهيداً لترحيلهم وقطع شبكة الانترنت عن بعضها، كما شكلت لجنة وزارية للتواصل مع حكومة دمشق لمتابعة ملف اللاجئين، قبل أن تكشف مصادر لبنانية قبل أيام عن أن دمشق أبلغت لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا والجانب اللبناني أنها تخلت عن ملف إعادة اللاجئين، وقالت إن رفع العقوبات المفروضة على سوريا والبدء بإعادة الإعمار شرط مسبق لتحقيق ذلك.

وبحسب الحريري، “فإن هؤلاء السياسيين لا يستطيعون إخراج السوريين من لبنان، لأن لبنان كدولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، كما أن معظمهم لديهم حماية، التي تمنع البلد المضيف من ترحيله حتى في حال انتهاء النزاع، لأن القانون ينص على عودة آمنة وطوعية وليست قسرية”.

وبدورها، كانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قد قالت في تقرير صدر في تموز/ يوليو الماضي، إن الجيش اللبناني اعتقل تعسفياً ورحّل آلاف اللاجئين السوريين بينهم نساء وأطفال غير مصحوبين بذويهم، مشيرةً إلى وجود تقارير عن أن كثير منهم تعرضوا للاعتقال والتعذيب على يد الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق.

قد يعجبك ايضا