يواصل أهالي السويداء حراكهم الجماهيري للشهر الثاني على التوالي، مُطالبين بالتغيير ورحيل السلطة الحاكمة وتطبيق القرار الأممي 2254، فيما لم تستخدم سلطة دمشق العنف ضدهم حتى الوقت الراهن، إلا عندما حاول المتظاهرون إغلاق مقر “حزب البعث”، قبل فترة، حيث جوبهوا بالرصاص الحي.
ولا شك بأن الحراك في السويداء، يجذب أنظار الخصوم والأصدقاء على حدً سواء، خاصة عقب أن التزم الحراك بالاستقلالية عن مُحاولات امتطائها من قبل المعارضين المحسوبين على تركيا.
حيث رفعت المحافظة الجنوبية لافتات تضامنية مع مناطق سورية عدة خاصةً التي تحتلها تركيا وكان لمدينة عفرين وهي منطقة ذات خصوصية كردية شمال غرب سوريا، غزتها تركيا ومليشيات المعارضة في العام 2018، وهجروا معظم سكانها الأصليين نصيب في تِلك اللافتات ،بجانب لافتات أخرى تتبرأ من “الائتلاف المعارض”، لتخفت عقبها الأصوات الداعمة للسويداء، في مناطق السيطرة التركية شمال غرب سوريا.
أمريكا والسويداء
أما على الصعيد الدولي، فقد توجهت الأنظار نحو السويداء، على اعتبار أنها حراك قد يبنى عليه التغيير المتأخر منذ 12 عاماً في سوريا، ليبدأ هاتف شيخ العقل حكمت سلمان الهجري، باستقبال المكالمات من جهات مختلفة داخلية وخارجية، للتضامن وإبداء الدعم، أهمها اتصال من سيناتور أمريكي.
حيث اتصل النائب الجمهوري فرينش هيل، في السادس عشر من سبتمبر الجاري، مع الشيخ حكمت الهجري، في مكالمة دامت أكثر من نصف ساعة، استفسر خلالها النائب عن “حقيقة ما يجري في السويداء” وعن الأوضاع الأمنية في المحافظة، خصوصاً بعد إطلاق النار على المتظاهرين أمام فرع حزب البعث في مدينة السويداء.
ووفق المعلومات المتداولة، عبّر هيل عن اعتزازه بالتواصل مع القائد الروحي للموحدين الدروز، متمنياً بناء علاقة وطيدة معه، ورداً على ذلك، وجّه النائب في مجلس الشعب التابعة لحكومة دمشق، خالد عبود رسالة مفتوحة للهجري، في صفحته الرسمية على منصة فيسبوك، قائلاً إنه “إذا صحّ الخبر” فإنه يدل على “هوية هذا الحَراك” و”من يدعم هذا الحَراك” و”جوهر أهداف هذا الحَراك” و”يضعنا جميعاً في مواجهة هذا الحَراك” حسب تعبيره.
كورقة بين الأمريكان والإيرانيين
وللتعقيب على الاتصال، والردّ المتوقع للسلطة في دمشق، عليها مستقبلاً، قال صالح سيطان النبواني، وهو ناشط سياسي من محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، وأحد مؤسسي “هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي”، في تصريح خاص لمنصة تارجيت: “برأيي الشخصي هذا اتصال دبلوماسي، وليس له أي أبعاد على الساحة، وجاء نتيجة تواصلات الجالية السورية عموماً، وأبناء المحافظة المهاجرين إلى أمريكا، ولم يستغرق إلا دقائق، بسبب انشغال سماحة الشيخ بالوفود الزائرة، ويبدو أن الترجمة أخذت وقتاً، والواقع أن الغرض منها، كان دعاية انتخابية واستغلالاً للاتصال كورقة بين الأمريكان والإيرانيين”.
وفي إجابته لـ منصة تارجيت، حول إن كان الشيخ حكمت الهجري، قد بات هدفاً للسلطة في دمشق، أوضح النبواني: “نتيجة الموقف الوطني لسماحة الشيخ حكمت الهجري، والذي يعكس النهج والتوجه الحقيقي للحراك في سوريا عموماً، حتماً سيكون هدفاً للنظام والإيرانيين ولغيرهم، لأنه رافض لكل الاحتلالات المتواجدة في سوريا، وكل الرافضين للمشاريع والأجندات الخارجية مستهدفون”.
مرحلة إحراق السفن
وضمن استفسار آخر لـ تارجيت، حول اعتقاده أن كانت السلطة قد تستغل الاتصال بين الشيخ الهجري والنائب الأمريكي لقمع احتجاجات السويداء، لفت المعارض السوري إلى أن “النظام لا يستطيع أن يتهم الحراك الشعبي في السويداء بالأسلمة، أو بأنهم إخوان مسلمون أو إرهابيون أو متشددون، كونهم أقلية دينية، وتاريخهم وهويتهم واضحة”.
مردفاً: “لذلك لعب (النظام) منذ اليوم الأول على الاتهامات بالتبعية لجهات خارجية، وهذه الأسطوانة باتت معروفة، وليست مُستغربة عن النظام وأبواقه، وهي تهمة جاهزة لكل من يُعارض”.
وحسب النبواني “هذا الحراك شعبي عفوي بانطلاقته، وطني بمنهجيته وأهدافه، ونتيجة لما وصل إليه الشعب السوري من ظلم وقهر، وكونه عاجزاً عن تطبيق أبسط حقوق الإنسان، وهو حق الحياة، بسبب سياسات النظام خلال أكثر من خمسين عاماً”.
مٌختتماً بالقول: “بعد انطلاق هذا الحراك، أصبحت القناعة راسخة بعدم ترك الشارع، إذ وصلت إلى مرحلة اللاعودة وإحراق السفن حتى تتحقق المطالب، وهي تطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤، وبداية الحل السياسي في سوريا، والوصول إلى دولة المواطنة العلمانية”.
لكن ولكونها محافظة على الأطراف الجنوبية، وتأثيرها محدود على سطوة السلطة في دمشق، فإن المرجح أن لا تستمع دمشق لمطالب السويداء، في ظل الحديث عن إمكانية ربط السويداء مع الأردن، إلى أن يؤذن للحل السياسي بالولوج إلى سوريا.