لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا تدعو لوقف الهجمات ضد المدنيين

في أحدث تقرير لها، دعت لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا أطراف الصراع السوري إلى وقف الهجمات ضد المدنيين والاستجابة للاحتياجات الملحة، محذرةً من تفاقم معاناة السوريين بسبب القتال والاضطراب على العديد من الجبهات بالبلاد، إلى جانب التدهور الاقتصادي الشديد واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل أطراف عدة.

وأكد التقرير، مواصلة أطراف الصراع ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، عبر اعتقال وتعذيب وإعدام المدنيين وتعريضهم للاختفاء القسري في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الأطراف، مطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين بشكل تعسفي، والسماح بوصول مراقبين مستقلين إلى السجون وأماكن الاحتجاز، مشددةً في الوقت نفسه على الحاجة لقيام الدول بمراجعة التدابير القسرية أحادية الجانب وتأثيرها على السوريين والجهات الفاعلة في المجال الإنساني.

 

عرقلة وصول المساعدات الإنسانية

اللجنة وثقت أيضاً في تقريرها، قيام حكومة دمشق وأطراف أخرى مسيطرة في سوريا بشكل غير مبرر بعرقلة وصول المساعدات المنقذة للحياة للمتضررين في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في شباط/ فبراير الماضي، إلى جانب مواصلة قصف أهداف في المنطقة المتضررة من الزلزال، داعيةً لإجراء استعراض عاجل لعملية إيصال المساعدات الإنسانية وفعاليتها، كما طالبت دمشق بإيلاء العناية والأهمية للمطالب والحقوق المشروعة للسوريين كحل للأزمة القائمة، في إشارة إلى الاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء جنوبي البلاد منذ نحو شهر.

وفي تطور لافت، قالت اللجنة إنها أحيطت علماً بإعلان محكمة العدل الدولية عن عقد جلسات استماع علنية يومي 10 و11 تشرين الأول/ أكتوبر بشأن الإجراءات الموجهة ضد الحكومة السورية عملاً بالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، معربةً عن أملها في أن ينعم السوريون بفرصة المشاركة بصفة مجدية في هذه الإجراءات، معتبرةً أن فشل مجلس الأمن في التوصل إلى توافق بشأن تمديد آلية وصول المساعدة الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع سوريا في تموز/ يوليو الماضي، يمثل تذكيراً صارخاً بأن الأعمال العدائية والتسييس والتشتت في سوريا عوامل تلحق الأذى بالمدنيين وتحرمهم من مساعدة هم في أمس الحاجة إليها.

 

تقرير مهم جداً ومعتمد للمحاسبة

رئيسة تحرير منصة “وايت هاوس إن أرابيك” مرح البقاعي، قالت في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن العالم كله منذ أكثر من اثني عشر عاماً شاهد على أن النظام السوري هو من يقصف المدنيين بالطائرات التي لا تملكها المعارضة ولا يملكها سواه وحليفه الروسي والبراميل المتفجرة، وعليه فإن الأمر مؤكد بالنسبة للعالم عن انتهاك النظام لحقوق المدنيين وأمنهم، ناهيك عن انتهاك آخر يتمثل بعشرات الآلاف من المعتقلين في السجون، مشيرةً إلى أن أي تقرير يصدر عن أي جهة بما في ذلك التقرير الصادر عن لجنة التحقيق الأممية بشأن سوريا، هو معتمد ضمن المحاسبة والمحاكمات التي ستحدث للنظام وأفراده وكل من تعاون معه بانتهاك حقوق المدنيين، فالتقرير مهم جداً ويضاف إلى تقارير أخرى موثقة أيضاً سواءً من جهات رسمية أو جهات حقوقية مدنية تم إجراؤها على مدى سنوات الازمة حول الانتهاكات التي ارتكبها النظام”.

وتضيف مرح البقاعي، “أن تقارير اللجنة لا تنفصل في أهميتها عما تستند إليه المؤسسة الأممية التي تم تشكيلها للكشف عن مصير المفقودين والذين يقصد بهم المعتقلين السياسيين والذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف بالمعتقلات السورية، حيث أن المعلومات التي تجمعها كلا اللجنتان، ستساعد الملف السوري بشكل عام، وفي مقدمة ذلك ملف المعتقلين ومن ثم الانتقال السياسي بالبلاد”، لافتةً إلى أن الحراك الشعبي السلمي الذي تشهده السويداء ليس منفصلاً عن الحراك في سوريا الذي لم يتوقف خلال السنوات التي تلت اندلاع الثورة السورية، وهو ضمن العملية المتكاملة للتغيير السياسي المطلوب ويحرك المياه الراكدة بعد أن جرّت الدول بعض أطراف المعارضة إلى “أستانا” وتم هناك تسليم المناطق الثائرة منطقة إثر أخرى”.

ويأتي تقرير اللجنة، على وقع تطورات متسارعة ومتلاحقة تشهدها الأزمة السورية أبرزها الانهيار المتسارع للاقتصاد والليرة السورية وما تبع ذلك من أزمات معيشية واحتجاجات شعبية في مناطق سيطرة حكومة دمشق لاسيما بمحافظة السويداء جنوبي البلاد، وتحركات دبلوماسية للمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون آخرها زيارة للعاصمة دمشق، لبحث استئناف اجتماعات “اللجنة الدستورية” السورية في العاصمة العمانية مسقط، على أمل إحداث اختراق في ملف الأزمة والوصول إلى حل سياسي شامل، بات ينظر إليه محللون على أنه بعيد جداً نظراً لتدهور الأوضاع على الأرض واستمرار تمسك حكومة دمشق بالحل الأمني ورفضها التقدم خطوة واحدة نحو الحل، إلى جانب تعدد الأطراف المتدخلة بالأزمة السورية كتركيا وإيران وروسيا، ومحاولة كل طرف البحث عن مصالحه خلال أي محادثات.

وتشير رئيسة تحرير منصة “واست هاوس إن أرابيك” مرح البقاعي، “إلى أن أياد كثيرة تدخلت بالشأن السوري، ودول كبرى بجيوشها النظامية وميليشياتها موجودة على الأرض السورية وهذا شيء سيء، لكن في النهاية لابد أن ينتصر صوت الحق مهما طال الزمن، وما يحدث بالسويداء يدل على أن الثورة مستمرة بمدنيتها وسلميتها ورغبتها بالتغيير السياسي السوري نحو دولة تعددية ديمقراطية، دولة القانون وسيادة المواطن”.

يشار، إلى أن لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا هي هيئة أممية تم تشكيلها عام ألفين وأحد عشر، للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في سوريا على مدار سنوات الأزمة، إلا أن حكومة دمشق ترفض الاعتراف بها وبالتقارير التي تصدر عنها وتتهمها بعدم الحياد والتحيز والارتباط بأطراف ودول معينة.

قد يعجبك ايضا