قال مجلس منبج العسكري، إنه رصد تمركزاً لـ “مرتزقة” هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في قرى ريف منبج شمالي سوريا، بعد إفراغها من سكانها، ذاكراً عبر موقعه الرسمي، إن التنظيم المصنف على لوائح الإرهاب العالمية، رصد بشكل خاص في قريتي الياشلي والشيخ ناصر شمال غربي منبج، البعيدتين بمسافة 19 كم عن مركز منبج.
وأضاف المجلس أن “النصرة” نصبت في تلك القرى أسلحة ثقيلة وأفرغتها من سكانها، وأن تلك التحركات تأتي بعد إحباط قوات المجلس جميع الهجمات التي شنتها فصائل المعارضة الموالية لتركيا خلال الأيام الفائتة، في وقت يتعرض فيه ريف منبج لهجمات عسكرية واسعة، منذ حصول أزمة تمرد عسكري من قبل بعض عناصر مجلس دير الزور العسكري، على قوات سوريا الديمقراطية، والتي جرى انهاؤها بتطهير آخر معقل لهذه الشرذمة في بلدة ذيبان بريف دير الزور، في السادس من سبتمبر.
فيما أكدت وسائل إعلامية في شمال شرق سوريا، إن النصرة أرسلت أرتالاً عسكرية ضمت عشرات المركبات والمسلحين إلى ريف منبج تحت ذريعة فزعة “العشائر العربية”، التي حاولت كلاً من أنقرة والسلطة في دمشق الترويج لها والتحريض عليها، حيث وجهت قوات سوريا الديمقراطية، اتهامات للطرفين بمحاولة الصيد بالمياه العكرة وايقاد نار الفتنة، لتحقيق مكاسب على الأرض.
العلاقة بين السويداء وأحداث دير الزور
وقد أدى إرسال النصرة لمسلحيها إلى خطوط المواجهة مع مجلس منبج العسكري، لفتح باب الاستفهام أمام استفسارات عدة، أهمها حول كيفية حصول ذلك في الوقت الذي تُدك فيه إدلب، من قبل قوات السلطة في دمشق والروس، وهو ما يعني حاجة إدلب لهؤلاء المسلحين أكثر من جبهات منبج.
إضافة إلى أن تمدد النصرة في مناطق ميليشيات “الجيش الوطني السوري”، لا يمكن أن تتم دون علم الجانب التركي، الذي يرمي كما يبدو لفتح المواجهة مع قسد في منبج، لجس نبط الجانبين الأمريكي والروسي، حول إمكانية السيطرة على منبج، الغاية التي لطالما كانت تطمح لها أنقرة، منذ بدء تدخلها العسكري في شمال حلب، بعملية عسكرية واسعة النطاق تحت مسمى “درع الفرات”، العام 2016.
وحول ذلك رأى المعارض السوري “بدر منصور” في حديث خاص لـ منصة تارجيت، إن “كل التحركات الحاصلة في شرق الفرات، وقضية العشائر وقسد، هي للتغطية على ما يحدث في جنوب السوري، ولفت لانتباه وأنظار السوريين إلى شرق الفرات، بدل من أن نوجه عيوننا وقوانا إلى الجنوب السوري”.
وقد أصدرت قوات سوريا الديمقراطية، جملة من البيانات الرسمية، التي أكدت فيها على حصول تجاوزات وانتهاكات خلال تزعم أحمد الخبيل لـ مجلس دير الزور العسكري، وتعهدت قسد بتلبية مطالب الناس المحقة في دير الزور، وتصحيح الأخطاء والتجاوزات التي ارتكبها الخبيل وأعوانه وأشقائه، الذين اشتكت منهم العشائر العربية في المنطقة، لكن الخلفيات العشائرية لم تسمح لـ قسد بالتحرك الفوري آنذاك، إلا بعد أن جمعت الوثائق والبراهين التي تُدين الخبيل بشكل قاطع.
وحول ذلك قال منصور: “الحقيقة أن قسد أخطأت، وهناك مطالب محقة لأهالِ دير الزور وأريافها، وكانت قسد تغض النظر، مما جعل بعض الأمور وهي مطالب محقة، تسمح بتدخل بعض القوى على الخط، منها النظام، تركيا، إيران، ومنها أمريكا حتى، لتحريك العشائر” حسب وصفه.
ونوّه إلى ما حدث في شرق الفرات، يخدم النظام بشكل أو بآخر، فيما استغلت تركيا الموقف وحركت الجبهات على منطقة منبج، بإدخال جبهة النصرة، مؤكداً إن إدخال النصرة إلى منبج، لا يمكن أن يتم دون موافقة تركية، فقال: “دخول النصرة على الخط هو بموافقة تركية، ولا يستطيع الجيش الوطني أو أي قوة عسكرية أخرى متواجدة في المنطقة، أن تقرر دون الرجوع إلى القيادة التركية، والجانب التركي هو الذي يحدد مسار هذه الفصائل”.
النصرة والتحالف الدولي
ولم يستبعد المُعارض السوري إمكانية “نقل قوى النصرة بكاملها، إلى المناطق الشمالية، ومنح إدلب للنظام، ضمن اتفاق روسي-إيراني-تركي مع السلطة السورية”، متمنياً ألا يحدث ذلك”.
أما حول موقف التحالف الدولي وروسيا في حال فتح “النصرة” للجبهات مع منبج، فقد أوضح منصور بأن “الدول لها مصالحها، حيث يعملون وفق مصالحهم، ونحن نعرف أن القوى الدولية والإقليمية منذ بداية الثورة السورية، وهي تلعب على التوازنات ما بين النظام وبين المعارضة”، وأكمل: “أتصور لن يستطيعوا إنهاء قسد، والتحالف الدولي لن يقبل بإنهاء قسد، كحالة موجودة في المنطقة، ولكن أيضاً لن ينهوا النصرة والفصائل الأخرى”.
وبخصوص احتمالية انتقال “قسد” لاجتياح المناطق في غرب الفرات، حيث بدأت “النصرة” بالانتشار ضمن مناطق الفصائل السورية العاملة تحت الإمرة التركية، فقد ذكر منصور: “لا أتصور أن قسد تنوي شنّ حملة عسكرية كاملة، والتحالف لن يدعم هذا القرار، لأن النظام وروسيا وإيران، يتواجدون في غرب الفرات، وهناك كثير من القضايا المٌتشابكة فيها”.
وختم منصور حديثه لـ تارجيت بالقول: “لن توسّع قسد مساحتها العسكرية، بمواجهة النظام والجيش الوطني وإيران، وكلنا نعلم أن أمريكا طلبت من قسد مُحاربة المليشيات الإيرانية، وقسد رفضت ولم تقبل بفتح جبهة جديدة، لذلك كان لأمريكا دور في تحريك العشائر”، علماً أن قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي نفوا نفياً قاطعاً الانباء التي تحدثت عن نيتهما مًهاجمة المليشيات الإيرانية في غرب الفرات.
ورغم أن الموقف الدولي لا يبدو جلياً بعد، من تدخل النصرة على خط المواجهة مع مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية، لكن لا يبدو أن الأفق يحمل لتركيا أملاً بالتوسع في شرق الفرات من جهة منبج، خاصة مع توجه “قسد” لحلّ أزمة دير الزور بطرق دبلوماسية وحوارية، قاطعةً بذلك الطريق أمام التحريض التركي والإيراني عبر النظام السوري، على العنف والفتنة الاثنية.