للأسبوع الرابع على التوالي تتجدد المظاهرات الشعبية بالسويداء جنوبي سوريا للمطالبة برحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد وإسقاط الحكومة السورية وتطبيق النظام اللامركزي والانتقال السياسي الديمقراطي بموجب القرارات الأممية بشأن سوريا وعلى رأسها القرار 2254.
ويتجمع المئات من أبناء السويداء بشكل يومي في ساحة “الكرامة” وسط مدينة السويداء ويرتفع العدد إلى الآلاف خلال التظاهرة الرئيسية التي تنظم يوم الجمعة من كل أسبوع في الساحة التي أصبحت مركزاً رئيسياً للاحتجاجات، رافعين شعارات تطالب برحيل الأسد وإطلاق سراح المعتقلين وتحسين الواقع المعيشي والأمني ووقف تجارة المخدرات، إلى جانب تحقيق الانتقال الديمقراطي بموجب قرارات الأمم المتحدة.
وإلى جانب الاحتجاجات اليومية في ساحة “الكرامة”، يتظاهر المئات وينظمون وقفات احتجاجية في عدة قرى وبلدات بريف المحافظة الجنوبية، حيث تجمع العشرات من أهالي بلدة المزرعة والقرى والمجاورة لها على مدى الأيام القليلة الماضية أمام صرح شهداء الثورة السورية الكبرى وسط البلدة، بالتزامن مع تجمع العشرات في مدينة صلخد للتأكيد على استمرار الحراك حتى تحقيق المطالب المشروعة التي يتصدرها رحيل الأسد.
العمل على تشكيل قيادة سياسية
ومع استمرار الحراك الشعبي وتزايد زخمه خلال هذه الفترة، يعمل القائمون عليه من أجل تشكيل قيادة سياسية ومدنية وضمان استمراره والحرص على استمرار سلميته مع الإبقاء على المطلب الأساسي للمحتجين وهو رحيل رئيس النظام بشار الأسد والتغيير السياسي الشامل، ويؤكد ناشطون من السويداء مواصلة العمل من أجل تنظيم الحراك وأدواته وآلياته.
وأفادت مصادر محلية من السويداء، أن اجتماعاً عقد يوم السبت الماضي في بلدة قنوات مقر الشيخ حكمت الهجري أحد شيوخ عقل الطائفة الدرزية، وضم الاجتماع عشرات الشخصيات من القوى السياسية والشبابية والاجتماعية بالسويداء إلى جانب قادة فصائل مسلحة محلية، وأكد المجتمعون على دعم الحراك الشعبي وضمان استمراريته وإزالة العقبات أمام المتظاهرين من جميع مناطق المحافظة للوصول إلى ساحة “الكرامة” للمشاركة في التظاهرات المركزية.
صدى لحراك السوريين نحو الحرية
الأكاديمي السوري المعارض الدكتور يحيى العريضي قال في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن حراك السويداء هو صدى وامتداد واستمرار لصرخة السوريين الأولى في الحرية والكرامة واستعادة الحقوق والخلاص من هذه المنظومة الاستبدادية وذلك كان واضحاً في الشعارات واللافتات التي رفعها المحتجون بمطالبهم واضحة المعالم، وهي في الوقت نفسه كسر لتلك السردية التي مررها النظام على الداخل وإقليمياً ودولياً بأنه حامي الأقليات، وهؤلاء في ساحة الكرامة لا يعتبرون نفسهم أقلية والدليل على ذلك الهتافات التي تصدح بها حناجرهم “الشعب السوري واحد”، وتحياتهم إلى كل مكان في سوريا من أجل أن ينتفض من أجل حقوقه واسترداد حريته وكرامته واستعادة بلده”.
دمشق تعول على تراجع الحراك
وبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الاحتجاجات، يبدو أن حكومة دمشق حسمت أمرها بتجاهل الحراك ومطالبه المشروعة، والتعويل على ملل وتراجع المتظاهرين على المدى الطويل، وبالتالي استبعاد الحل الأمني والعسكري على غرار ما حدث في المحافظات السورية الأخرى، بسبب ما يقول محللون إنه خصوصية السويداء الطائفية من حيث أن أي إقدام على العنف يفند رواية دمشق حول حماية الأقليات التي دأبت على تكرارها على مدى سنوات الأزمة، لتبرير عنفها ضد السوريين.
تهديدات ومساع للفتنة
ويضيف الدكتور يحيى العريضي، أن النظام لم يتصرف تجاه هذه المحافظة كما تصرف تجاه أمكنة أخرى لأنه مكبل اليدين لسبب أساسي هو أنه لا يريد أن يفضح نفسه لكنه بشكل غير مباشر يهدد وأيضاً يستخدم الفتنة لتقسيم الصفوف واستخدام أدواته من خلال إغراءات ووعود وثمة ردود على هذه الوعود لأن ما يعد به شيء كاذب لأنه لا يستطيع، وبالوقت نفسه تهديده بداعش واضح المعالم وجاء ذلك على لسان أحد أبواقه بأن عناصر من داعش هربوا من المعتقل وبطريقهم إلى تفجيرات وما إلى ذلك، مشيراً إلى أنه تم ملاحظة أيضاً استنفار “ملالي طهران” بإرسال وزير خارجيتهم من أجل أن ينفذوا الشيء ذاته الذي نفذوه في سوريا وهو مواجهة أي صوت حرية بالحديد والنار”.
وبحسب الدكتور العريضي، فإن سقف المطالب مرتفع تماماً وهذا الشيء الطبيعي فالمسألة ليست مسألة جوع أو مطالب حياتية بل هي حالة من الانعتاق وخاصةً بالتوجه إلى مؤسسات البعث تحديداً، ولوحظ منذ بدء الحراك أنه لا يوجد أي شيء منافي للمسلك الإنساني الحر النظيف السلمي، وهذا الامر الذي يربك النظام أكثر، لافتاً إلى أنه إذا كان هناك من رسالة ترسلها انتفاضة السويداء فهي أن الثورة السورية والانتفاضة السورية سلمية بامتياز، ومن أراد الحديد والنار وتصرف بـ”وحشية” فهو النظام وهو المسؤول عن الإرهاب، فسردية مؤامرة كونية وإرهاب لم تعد تنطلي على أحد، وأيضاً وصم الآخرين بالخيانة والارتباط بقوى خارجية أو الانفصال أيضاً هي سرديات واهية كاذبة ولم تعد تنطلي على أحد”.
ورغم مرور نحو أسبوعين على إعلان منظمو الحراك الشعبي ونشطاء من السويداء، تشكيل لجان تنظيمية تتولى تنظيم الاحتجاجات والإشراف عليها وضمان بقاء سلميتها، والعمل على ملء الفراغ الأمني في حال انسحاب قوات حكومة دمشق، إلا أنه إلى الآن لم يتم تشكيل قيادة سياسية للحراك، الأمر الذي أرجعه نشطاء ومحللون إلى أنه حراك شعبي عفوي وليس تابعاً لأي حزب سياسي أو فصيل عسكري أو جهة خارجية.