محسن العمري
حملت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير أصدرته اليوم الأربعاء 29 فبراير تركيا مسؤولية الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي يرتكبها عناصر قواتها والجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها في الأراضي التي تحتلها تركيا في شمال سوريا.
ووثّق التقرير الذي جاء في 75 صفحة تحت عنوان “كل شي بقوة السلاح” الانتهاكات والإفلات من العقاب وعمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني والعنف الجنسي والتعذيب في مناطق شمال سوريا الخاضعة لتركيا من قبل فصائل وجماعات مسلحة موالية لأنقرة.
وأعتبرت ليلي موسي ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية بالقاهرة في اتصال هاتفي مع منصة “تارجت” أن صدور هذا التقرير وأن جاء متأخراً مقارنة بعدد سنوات الاحتلال التركي للأراضي السوري التي بدأت منذ 2016 لبعض المناطق وأخرها كانت 2019 إلا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح.
وتري ليلي أن التقرير يمثل دليل كاشف لحقيقة المشروع التركي التوسعي القائم على خلق الفوضى وضرب الأمن والاستقرار في المنطقة وتجهير سكانها الأصلاء وممارسة مختلف الانتهاكات المنافية لجميع القوانين والاعراف والمواثيق الدولية والإنسانية التي تمارس من قبل الأتراك والفصائل التابعة لها بحق السكان.
كما يضع التقرير بحسب وصفها حداً لجميع الإدعاءات والخطابات الغوغائية التركية من قبيل نصرة الشعب السوري وحماية أمنها القومي، لافتة أنه وفقا لما جاء في التقرير فإن دولة الاحتلال التركي أحد الفواعل الأساسيين بتعميق واستمرارية الأزمة السورية.
ووفقا للتقرير، قال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “ستستمر الانتهاكات الحالية، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري ضد الذين يعيشون تحت السلطة التركية في شمال سوريا، ما لم تتحمل تركيا نفسها المسؤولية وتتحرك لوقفها، مشددا على أن المسؤولون الأتراك ليسوا مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحملون المسؤولية باعتبارهم سلطة الاحتلال، وفي بعض الحالات شاركوا مباشرة في جرائم حرب مفترضة”.
وشددت القيادية في مجلس سوريا الديمقراطية على أن تركيا تشكل تهديداً جدياً ليس على الأمن الوطني السوري إنما العالم بأسره بعد أن حولت الجغرافية السورية إلى حاضنة لجميع التنظيمات الإسلاموية الإرهابية المتطرفة من داعش والقاعدة والإخوان وغيرها من التنظيمات وليست كما تدعي أنشاء مناطق أمنة لعودة اللاجئين السوريين، لافتة إلي أن هذه المناطق باتت تشكل ملاذ أمن لتنظيمات الإرهابية وتهجير سكانها الأصلاء والعمل على هندسة ديمغرافية.
وبحسب موسي فإنه يتطلب من المجتمع الدولي الوقوف بشكل جدي أمام تقرير هيومن رايتس ومحاسبة دولة الاحتلال التركي وعدم الاكتفاء بإصدار التقارير وحدها، مشيرة إلي أن الحل يتطلب بالدرجة انهاء الاحتلال التركي خاصة أن تركيا بممارساتها هذه هي جزء من الأزمة وليست الحل.
وأكدت أن مجلس سوريا الديمقراطية منذ الأيام الأولى من الاحتلال التركي وهو يسعي جاهدا لفضح الممارسات التركية وتقديم أدلة ووثائق لجميع الهيئات والجهات الدولية المعنية للقيام بمسؤوليات حيال الشعب السوري لحمايته ووضع حداً للانتهاكات الممنهجة بحقهم، معتبرة أن تقرير هيومن رايتس ووتش يشكل دليل دامغ يتطلب الاستفادة منه إلى أقصى حد.
وخلال التقرير، اعتبر كوغل أن “الاحتلال التركي لأجزاء من شمال سوريا سهّل خلق مناخ يغيب فيه القانون وتسوده الانتهاكات والإفلات من العقاب، وذلك أبعد ما يكون عن ’منطقة آمنة‘”.
وختمت ممثلة مكتب مسد بالقاهرة تصريحاتها بالقول “نجدد مطلبنا من المجتمع الدولي وجميع الهيئات والمؤسسات الدولية وحتى الإقليمية بتشكيل هيئة مستقلة وارسالها إلى سوريا للوقوف على توثيق هذه الانتهاكات”.