الحسكة – إيفا أمين
تتذكر خميسة الحسن 52 عاماً من أهالي حي “غويران” في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا منزلها والأيام التي قضتها فيه وهي تجلس على كومة الأحجار التي بقيت منه بعد تهدمه إثر هجوم خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي على سجن الصناعة في الحي والذي يضم الآلاف من عناصر التنظيم المحتجزين مطلع العام 2022.
وتوضح خميسة خلال حديث لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أنهم اضطروا بعد هجوم خلايا داعش على سجن الصناعة القريب واندلاع مواجهات إلى النزوح من المنطقة إلى أقاربهم في منطقة أخرى لمدة خمسة عشر يوماً، وعند عودتهم إثر ضبط قوات سوريا الديمقراطية للأمن بالمنطقة، وجدوا منزلهم المؤلف من ثلاث غرف وكانت تعيش فيه عائلتها المؤلفة من عشرة أشخاص، مهدماً بشكل كامل ولم يتبق منه جدار واحد صامداً.
وشنت خلايا تنظيم داعش الإرهابي في 20 كانون الثاني/يناير عام 2022، هجوماً على سجن الصناعة في مدينة الحسكة الذي يضم نحو 5000 من عناصر التنظيم المحتجزين بعد القضاء عليه عسكرياً على يد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي في آخر معاقله بريف دير الزور، تزامناً مع تنفيذ المحتجزين استعصاءً داخل السجن، دارت على إثر ذلك اشتباكات لعدة أيام، قبل أن تعلن “قسد” صد الهجوم وإنهاء الاستعصاء في 31 كانون الثاني 2022.
وأسفر الهجوم والمواجهات وفق ما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية حينها، عن فقدان 121 شخصاً لحياتهم من مدنيين وعسكريين وحراس السجن، إلى جانب مقتل أكثر من 340 عنصراً من تنظيم داعش الإرهابي وفرار نحو 40 آخرين.
مخاوف من هجمات لداعش
ومن جانبها، تؤكد مريم السلمو 45 عاماً من أهالي حي “غويران” بالحسكة، أنهم يعيشون في خوف دائم خاصةً الأطفال منذ هجوم خلايا داعش على سجن الصناعة، رغم أنهم نزحوا من الحي بعد اليوم الأول من الهجوم إلى أحياء أخرى أكثر أمناً، مبينةً خلال تصريحات لـ”تارجيت”، أنهم عندما عادوا بعد انتهاء الهجوم وجدوا العشرات من بيوت الحي مهدمة بشكل كامل، إثر الاشتباكات العنيفة بعد تسلسل عناصر التنظيم داخل المنازل السكنية.
وتقول مريم، إنهم قضوا ليلة عصيبة قبل أيام، عندما سقط صاروخ على سجن الصناعة في ظل مخاوفهم من تكرار سيناريو هجوم السجن قبل عامين، في إشارة إلى الصاروخ الذي أعلنت قوات سوريا الديمقراطية في السابع عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، سقوطه على أحد مباني سجن الصناعة، وقالت إنها أنهت محاولة فرار لعناصر محتجزين في السجن.
وبدورها، توضح نورا السالم 60 عاماً، من أبناء حي “غويران” لمنصة “تارجيت”، أنه أصبح من الصعب عليهم إعادة إعمار منازلهم التي تهدمت في ظل تدهور الحالة المعيشية وارتفاع أسعار مواد البناء بشكل كبير، لذلك قد يضطرون للبقاء في منازل الإيجار مدة طويلة، والتي يرفع أصحابها أسعار إيجاراتها بشكل متكرر في ظل استمرار تدهور الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
ويعتبر حيا “غويران والزهور” جنوبي مدينة الحسكة، أكثر الأحياء التي دارت فيها اشتباكات مع خلايا تنظيم داعش الإرهابي بعد تسللها إلى منازل المدنيين في الحيين خلال الهجوم الذي يعتبر الأكبر لخلايا التنظيم منذ القضاء عليه عسكرياً على يد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي في بلدة الباغوز بريف دير الزور شرقي سوريا في آذار/ مارس عام 2019.
وتشتكي خميسة ومريم ونورا حالهن كحال العشرات من أبناء حيي “غويران والزهور” بالحسكة، من عدم استجابة المنظمات الإنسانية لمعاناتهم والمساهمة في إعادة إعمار المنازل المهدمة التي تفوق قدرة العوائل التي غالبيتها من ذوي الدخل المحدود، وتعتمد على الأعمال اليدوية في تأمين قوتها.
معضلة سجون عناصر داعش
وسجن الصناعة بمدينة الحسكة ليس السجن الوحيد الذي يضم محتجزين من عناصر تنظيم داعش الإرهابي تم إلقاء القبض عليهم بعد القضاء عسكرياً على التنظيم في سوريا، حيث يوجد عدة سجون أخرى أبرزها سجن “علايا” في مدينة القامشلي، الذي تعرض محيطه في الخامس والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي لقصف تركي، إلى جانب عشرات المنشآت الحيوية والمرافق الخدمية الأخرى في المنطقة.
وتطالب الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا بشكل متكرر، بضرورة تدخل المجتمع الدولي لإيجاد حل لعناصر تنظيم داعش المحتجزين في السجون، إما عبر إقامة محاكمات لهم بالمنطقة في ظل توفر الشهود والأدلة على الانتهاكات التي ارتكبوها، أو عبر استعادة الدول لرعاياها من هؤلاء العناصر، وتجنيب المنطقة والعالم خطر محدق في حال تمكنهم من الفرار.