هيڤي سليم
أضاف مجلس الاتحاد الأوروبي ستة أشخاص وخمسة كيانات إلى قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، نظراً لخطورة الوضع في سوريا، حيث تشمل القائمة الجديدة مستشاراً اقتصادياً لرئيس حكومة دمشق بشار الأسد، و3 من رجال الأعمال البارزين الذين يقدمون الدعم لبشار الأسد ويستفيدون من حكومته، وكذلك شملت شخصين مرتبطين بعائلة الأسد.
وبحسب بيان المجلس، الذي اطلعت عليه منصة “تارجيت” الإعلامية، ستخضع خمس شركات تدعم حكومة الأسد وتستفيد منه، وهي مجموعة الدي جي، وأجنحة الشام، ووكالة فريبيرد للسفريات، وشركة إيلوما للاستثمارات الخاصة، وشركة العقيلة، لإجراءات تقييدية، موضحاً أن بعض هذه الكيانات تورطت في نقل المرتزقة السوريين أو تجارة الأسلحة أو تهريب المخدرات أو غسل الأموال، على نحو شكل دعماً لممارسات حكومة بشار الأسد.
جوانب العقوبات وأهمية سوريا
ويخضع الأشخاص المدرجون في نظام العقوبات لتجميد أصولهم، ويحظر أيضًاً تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية، بشكل مباشر أو غير مباشر، لهم أو لمصلحتهم، بالإضافة إلى ذلك، ينطبق حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي على الأشخاص الطبيعيين المدرجين في القائمة.
وفقا لمجلس الاتحاد الأوروبي، لا تزال سوريا تشكل أولوية قصوى بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ولا يزال المجلس يشعر بقلق عميق إزاء الوضع في هذا البلد، والذي بعد أكثر من عقد من الزمن، فإن الصراع لم ينته بعد، ويظل مصدراً للمعاناة وعدم الاستقرار للشعب السوري والمنطقة.
وأكد المجلس أنه يلاحظ أيضاً أن حكومة دمشق تواصل اتباع نفس سياساتها القمعية، ولذلك فمن الضروري الحفاظ على فعالية التدابير التقييدية المعمول بها وضمان أنها تؤتي مفعولها من خلال مواصلة تطويرها وتحديثها، مشدداً على أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام المستدام في سوريا هو الحل السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254.
عقوبات شكلية في مواجهة نظام دموي
في هذا السياق، يقول علي المرعبي رئيس تحرير مجلة كل العرب التي تصدر في “باريس”، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن هذه العقوبات على حكومة بشار الأسد أمر طبيعي وإن كانت أقل من المتوقع وأقل بكثير من المطلوب، مبرراً ذلك بأن نظام الأسد منذ قيام ثورة الشعب السوري وهو يمارس سياسة قمعية غير مسبوقة منذ عام 2011.
وأضاف “المرعبي” أن هذه العقوبات شكلية، لأن العقوبات التي تفرض على كيان أو نظام بسبب دمويته أو عنفه تجاه شعبه يجب أن تكون أكبر من ذلك وبوسائل أكثر تطوراً، مؤكداً أن بشار الأٍسد استمر في حكمه – إلى جانب الدعم الروسي الإيراني – بسبب تخاذل المجتمع الدولي عن مواجهة نظامه، مفسراً هذا التخاذل بأنه من المعروف أن جغرافية سوريا تتحكم بها مسألة الجوار مع فلسطين المحتلة.
وأوضح أنه طالما كان هذا الكيان في دمشق يؤمّن على الأقل الاستقرار على حدود الكيان الصهيوني، ومن المعروف أنه حرب أكتوبر 1973 لم يطلق النظام السوري رصاصة واحدة لتحرير الجولان المحتلة، وبقي صامتاً وكأنه يوافق على هذا الوضع، بل إن هناك كثيراً من المصادر التي تتحدث عن أن حافظ الأسد الرئيس الراحل وافق على كثير من الأوراق ليستمر في السلطة، وقيل إنه قد تم التفاهم معه للانسحاب من هضبة الجولان عندما كان وزيراً للدفاع مقابل أن يتفرد بالسلطة في سوريا.
ويقول “المرعبي” إن ما يقال عن العقوبات التي يقوم بها المجتمع الدولي من وقت لآخر شكلية ولا تمس صلب النظام ولا الركائز القوية والأساسية له، وإنما تأتي من باب ذر الرماد في العيون والقول إن المجتمع الدولي تحرك وأخذ عقوبات ضد حكومة بشار الأسد وما تقوم به من ممارسات.
وفي ختام تصريحاته لمنصة “تارجيت” الإعلامية، استبعد رئيس تحرير مجلة كل العرب أن توقف هذه العقوبات حكومة بشار الأسد عن ممارساتها، لأن هذا النظام الذي تورط في قتل آلاف السوريين بالبراميل المتفجرة وغارات الطيران الحربي والقصف والتدمير، بل وحتى الأسلحة الكيماوية استخدمها، مضيفاً أنه بالتالي من فعل كل ذلك لن يتورع في استمراه بالفمع ولن توقفه مثل هذه العقوبات.
ولا تزال كثير من التقارير الأوروبية لا سيما الحقوقية توثق من وقت لآخر تورط حكومة دمشق في أعمال عنف وتعذيب وقتل لأسباب سياسية، فضلاً عن ارتكابه انتهاكات جسيمة تصنف كجرائم حرب، وقد لفتت بعض تلك التقارير إلى أنه رغم اتجاه بعض الدول العربية لتطبيع العلاقات مع بشار الأسد ورهن ذلك بأن يتراجع عن بعض مواقفه، إلا أنه لم يقم ولو بخطوة واحدة.
المحاكمة مصيره الطبيعي
بدوره، يقول كميل البوشوكة الناشط والمحلل السياسي، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن بشار الأسد ارتكب كل أنواع الجرائم بحق الشعب السوري، من قتل وتهجير وتشريد وتدمير وتخريب، ولم يتورع للحظة واحدة في ارتكاب أي فعل مجرم دولياً وإنسانياً إلا وقام به من أجل الحفاظ على بقائه في السلطة، في مواجهة أناس لم يكن ليس لديهم أية مطالب إلا الحرية والعيش الكريم.
وأضاف “البوشوكة” أن بشار الأسد لم يكتف بقواته الدموية فقط وميليشياته وشبيحته، بل استعان كذلك بالنظام الإيراني الذي يعد الشريك الأكبر في كل الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب السوري، وكذلك استعان بروسيا بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط، مؤكداً أن المكان الطبيعي لـ”الأسد” وكل من عاونه على تلك الجرائم هو المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحاكمته.
وأعرب الناشط الحقوقي عن أسفه لاستمرار حكومة دمشق إلى الآن في السلطة، مؤكداً أن مثل هذه العقوبات غير كافية ولا تعني شيء بالنسبة لتلك الحكومة ولن توقفها عن جرائمها، إلا أنها تبقى مهمة وضرورية وتحمل تأكيداً جديداً على أنه رغم وجود بشار الأسد في سلطة دمشق وضواحيها واستمراره كل تلك الفترة، إلا أنه لا يزال في نظر الكثير مجرم حرب.
يذكر أنه بالتزامن مع هذه العقوبات، حكمت إحدى المحاكم الجزئية في مدينة لاهاي الهولندية بالسجن 12 عاماً على فلسطيني يدعى مصطفى الداهودي وهو أحد العناصر السابقة بما يسمى “لواء القدس” والتي كانت ميليشيا تعمل لصالح حكومة دمشق، وذلك بعد إدانته بارتكاب انتهاكات جسيمة وأعمال تعذيب واحتجاز غير قانوني في الأراضي السورية، وفق ما نقلت وسائل إعلام هولندية.