كوباني – عمر محمد
عاد قبل أشهر قليلة، مسلم خليل 56 عاماً، إلى عمله في مديرية مياه الشرب في مدينة كوباني شمالي سوريا، بعد غياب لأشهر بسبب الإصابة جراء إطلاق الجيش التركي قذيفة عليه رفقة زميلين له “فاضل بازار، بوزان شيخ نبي” قبل نحو عام، خلال محاولتهم إصلاح عطل في إحدى مضخات مياه الشرب في قرية “الشيوخ” الحدودية مع تركيا على ضفاف نهر الفرات.
تحدث خليل لمنصة “تارجيت” الإعلامية، عن حادثة الاستهداف التركي المباشرة لهم بقذيفة صاروخية من منطقة جرابلس بريف حلب الشرقي والمجاورة لكوباني، كواحدة من عدة حالات استهدفت العاملين في المؤسسات الخدمية في القرى والبلدات الواقعة على خطوط التماس مع المناطق الواقعة تحت سيطرة تركيا شمالي سوريا، ويؤكد أنه لا يزال يعاني من أعراض الإصابة رغم خضوعه للعلاج لأشهر، حيث فقد جزءاً من سمعه، إلى جانب معاناة دائمة من ألم شديد في الرأس، جراء تأثير الشظايا التي أصابت جسمه.
وتتعرض مناطق في شمال وشرق سوريا بدءاً من ريفي حلب الشمالي والشرقي مروراً بكوباني وصولاً إلى المالكية/ديرك، لقصف وهجمات متكررة من قبل تركيا والفصائل التابعة لها منذ عام 2016 بعد التدخل العسكري التركي في سوريا، وتصاعدت الهجمات التركية خلال الأشهر الأخيرة لتشمل استهداف للبنى التحتية الأساسية والمرافق الحيوية والعاملين فيها، ما أسفر إلى جانب الخسائر البشرية عن خروجها عن الخدمة وحرمان السكان من الموارد والخدمات الأساسية.
استهداف المنشآت الحيوية
واعتبر خليل، أن تركيا تعمل على حرمان السكان في شمال وشرق سوريا من الخدمات الأساسية وخلق أزمة عبر استهداف المنشآت الحيوية والعاملين في طواقم العمل الخدمية ما يؤدي إلى خسائر بشرية ودمار بالمناطق المستهدفة، إلى جانب قطعها لمياه الشرب عن أهالي المنطقة وتنفيذ “حرب مياه” على السكان، على حد تعبيره، واصفاً السياسية التركية في شمال سوريا بـ”السياسة العدائية”.
وتعرضت منشآت خدمية وبنى تحتية في كوباني بينها مركز “مشتى نور” الصحي في السادس وعشرين من ديسمبر/كانون الأول الماضي لقصف من قبل طائرات مسيرة تركية، ما أسفر إلى جانب إصابة مدنيين اثنين وخروج المركز المدعوم من قبل منظمة أطباء بلا حدود عن الخدمة بشكل كامل وحرمان 100 ألف نسمة بالمنطقة من الخدمات الطبية، وخسائر قدرت بـ200 ألف دولار.
ووثقت منظمة حقوق الإنسان في كوباني، استهداف تركيا للمنطقة بمختلف أنواع الأسلحة أكثر من 500 مرة خلال العام الماضي، حيث قال أحمد داوود الرئيس المشترك للمنظمة في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية عبر الهاتف بأن تركيا “تنتهك حقوق الإنسان في مقاطعة الفرات، عبر استهداف المنطقة بالطائرات الحربية والمسيرة والقصف المدفعي”.
وأوضح بأن كان لريف تل أبيض وناحية عين عيسى على الطريق الدولي M4 بريف الرقة الشمالي حصة الأسد بالهجمات لأكثر المناطق تعرضاً للقصف التركي، مشيراً إلى فقدان 16 مدنياً لحياتهم وإصابة عشرين آخرين خلال العام الماضي، فيما سماه بأنهم يندرج في إطار “مساعي تركية لترهيب وتهجير السكان”.
صمت دولي مطبق
وبدروه، قال المحامي مصطفى مسلم بإن اعتداءات الدولة الجارة تركيا ليست جديدة على مناطق شمال وشرق سوريا، وبأنه الرأي العام لا يتحرك حيال المدنيين الذين يتقولن بهجمات المسيرات التركية بشكل شبه يومي.
ويضيف مسلم بأن الساسة الأتراك يصرحون بشكل علني أنهم يستهدفون البنى التحتية لشل الشريان الاقتصادي في المنطقة، وحسبه تعتبر “هذه التصرفات ترتقي وفق القانون الدولي لمستوى جرائم الحرب” مصنفاً الهجمات وتكررها بـ”جريمة حرب”، وأردف في نهاية حديثه بأن تركيا تخترق كل الاتفاقيات الدولية التي هي طرفاً في إبرامها مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بهذه الهجمات.
ويعيش سكان المناطق الحدودية والمناطق المحاذية لتركيا ومناطق سيطرة الجيش التركي في الداخل السوري تحت وطأة القصف والهجمات التركية منذ ثمان أعوام والتهديدات الدائمة بشن هجمات جديدة، التي تنتج إلى جانب الخسائر البشرية والأضرار المادية، تزايد قوي في حركات النزوح للسكان نحو مناطق أخرى، في ظل تنديد منظمات حقوقية وإنسانية محلية ودولية بالهجمات التي تصنفها ضمن كـ”سياسة ممنهجة تهدف لتغيير ديمغرافية المنطقة”.