تجري الاستعدادات على قدم وساق للانتخابات البلدية في تركيا التي تعقد في مارس من العام المقبل، ورغم أنه لا تزال هناك أشهر عدة متبقية إلا أن الأجواء تبدو مشتعلة منذ أن حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتخابات مايو الرئاسية بشق الأنفس من خلال الذهاب إلى جولة ثانية، في استحقاق كانت المعارضة أقرب ما تكون فيه من الهيمنة على السلطة.
لكن رغم انتهاء الانتخابات الرئاسية إلا أنه لا يزال الجدل مثاراً بشأنها لا سيما في ظل تفكير المعارضة حول أسباب الهزيمة رغم الحشد الكبير وقوة الحملة الانتخابية، وكذلك المخاوف من هزيمة جديدة في البلديات، وفي هذا السياق حاورت منصة “تارجيت” الإعلامية السياسي والباحث التركي محمد أمين كليج حول هذه الأجواء، والذي يرى أنه صحيح استطاع أردوغان الفوز بالانتخابات الأخيرة لكن هذا لا يعني أن المعارضة ستخسر الانتخابات البلدية.
ومن بين ما أشار إليه في حديثه التشكيك في دستورية ترشح أردوغان في الانتخابات السابقة، مؤكداً أن الرئيس التركي يشعر في الوقت ذاته بقدر من الحرج، نتيجة لفوزه بصعوبة بانتخابات الرئاسة على عكس كثير من توقعات أنصاره، كما تحدث أيضاً في حواره لمنصة “تارجيت” عن عديد من الجوانب المتعلقة بالانتخابات البلدية المقبلة.
نص الحوار:
ـ كيف تابعت مسار انتخابات مايو الماضي التي فاز بها أردوغان وما بعدها؟
بالطبع انتهت الانتخابات الرئاسية التي فاز بها أردوغان للمرة الثالثة في مايو الماضي، لكن التعليقات والجدال الذي ارتبط بتلك الانتخابات لم ينتهي بعد، فقد كان هناك جدل حول شفافية الانتخابات نفسها، وليس هذا فحسب بل حول جواز أو دستورية ترشح الرئيس التركي لولاية ثالثة، وأيضاً الأعمال غير المشروعة التي قاموا بها في الانتخابات، لكن ما حصل والواقع يقول إن هذا الأمر انتهى وقد فاز بالفعل حسب الإحصاءات الرسمية.
ـ طالما هذه المرحلة انتهت بهذا الشكل دعنا نتحدث عن الانتخابات البلدية، ماذا عن أجوائها وتحركات تحالف أردوغان؟
كما نعلم أن الانتخابات ستجرى العام المقبل تحديداً في 30 مارس 2024، وقد بدأ بالفعل حزب العدالة والتنمية وتحالفه أو ما يسمى “تحالف الجمهور” الاستعدادات لتلك الانتخابات والتي يريد بالتأكيد الفوز بها.
ـ ماذا عن الأجواء داخل المعارضة التركية في الوقت الحالي لا سيما مع خسارة الانتخابات الرئاسية الأخيرة والبرلمانية؟
بالطبع شهدت الفترة الماضية حالة من الحديث والنقاش بين أحزاب المعارضة ليس فقط على مستوى الأحزاب المتحالفة بل داخل أحزاب المعارضة نفسها حول أسباب خسارة الانتخابات فقد حاسبوا أنفسهم على ذلك، وفي رأيي أن هذا قد يكون له تأثيره على فرص فوز المعارضة بالانتخابات البلدية المقبلة، ولكن هناك عوامل أخرى سيكون لها تأثيرها.
ـ وما هي تلك العوامل لو توضحها لنا؟
بعد فوز أردوغان مباشرة كان هناك حالة واضحة من الانهيار الاقتصادي والذي يتواصل منذ فترة، كذلك كان هناك ارتفاع كبير لسعر الدولار الأمريكي في مواجهة الليرة التركية وقد وصل ذلك إلى مستويات قياسية، فالصعوبات الاقتصادية سيكون لها دوراً مهماً في الانتخابات البلدية المقبلة، إضافة إلى ذلك فإن الرئيس التركي يشعر بحالة من الحرج رغم فوزه بانتخابات مايو الرئاسية وفوز تحالف بالانتخابات البرلمانية.
ـ وما الذي يجعله يشعر بهذه الحالة من الحرج كما تقول؟
أردوغان يشعر بحرج لأنه فاز في انتخابات مايو بصعوبة كبيرة، وكثير من الناس لم يتوقعوا أن يواجه كل هذه الصعوبات من أجل الفوز بل والذهاب إلى جولة ثانية، وأعتقد هذا العامل إلى جانب الوضع الاقتصادي سيكون له تأثيراً على فرص تحالف العدالة والتنمية في الفوز بالبلديات، لكن في الوقت ذاته أنا أعتقد أن الأمر سيكون عكس كثير من التوقعات التي ترى أن التحالف الموالي لأردوغان سيحسم الانتخابات البلدية في مارس المقبل.
ـ لكنك قلت إن المعارضة لديها بعض الإشكاليات لا سيما ما ذكرته بأنهم يحاسبون بعضهم، لو تفسر ما قد يبدو تناقضاً للبعض؟
صحيح أن أحزاب المعارضة تحاسب بعضها البعض أي بين الأحزاب وبعضها، وحتى داخل الأحزاب نفسها، بما في ذلك حزب الشعوب الديمقراطي الذي قام بمحاسبة داخلية يمكن وصفها بالحادة جداً بعد انتخابات الرئاسة، ولكن كما قلت فإن انهيار الاقتصاد قد يؤدي إلى عدم فوز تحالف الجمهور، وأعتقد أنه منذ الآن وحتى إجراء الانتخابات وموعدها يمكن أن يحدث انفصال داخل تحالف الجمهور بخروج حزب الحركة القومية من هذا التحالف.
ـ لماذا قد ينفصل حزب الحركة القومية عن هذا التحالف الذي يشكل أهمية سياسية كبيرة بالنسبة له؟
لأن حزب الحركة القومية الذي أجبر على الانضمام إلى تحالف أردوغان يرى أنه قد بات بإمكانه حصد الأصوات في الانتخابات من خلال السيطرة على عقول كثير من الناخبين عبر التلاعب بالمشاعر القومية وأن بإمكانه أن يحقق ما يريده من الانتخابات البلدية المقبلة عبر هذه الوسيلة أي استعمال النزعات القومية المتطرفة، كما يفعل حزب العدالة والتنمية والذي يستخدم بدوره الخطاب الديني الإسلامي للعب على مشاعر وأحاسيس الناخبين وجذبهم، وهذا ينجح مع بعض من الشعب التركي، لأنه يمكن أن نصنف الشعب التركي إلى قسمين في هذا الإطار.
ـ ماذا تقصد بتصنيف الشعب التركي إلى قسمين؟
نعم الشعب التركي منقسم إلى قسمين، الأول علماني وأستطيع القول إنه نصف واع إلى درجة ما، لكن النصف الآخر مع الأسف الشديد من المتدينين، ولكن المشكلة أنه تدين دون علم بالتعاليم الدينية القويمة هم فقط مجرد متدينين بشكل تقليدي، ومن المعلوم أن التدين التقليدي خطير جداً وخطير على البشرية ككل.