رئيس المنتدى الخليجي للأمن: إقامة قاعدة عسكرية تركية في الكويت مرفوض شعبياً وحكومياً

لا يزال النظام التركي يثير جدلاً واسعاً في علاقاته الخارجية لا سيما مع الدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي، وقد ظهر ذلك بوضوح عقب تصريح سفيرة أنقرة لدى الكويت طوبي سونمز أن بلادها مستعدة لإقامة قاعدة عسكرية في الكويت، مشيدة بمستوى التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، وهو ما قد أثار تساؤلات عدة حول مغزى هذه التصريحات وما إذا كانت الدولة الخليجية عازمة بالفعل على استضافة قوات تركية على أرضها.

ويأتي تصريح السفيرة التركية – والذي بالتأكيد ليس من فراغ – في وقت يفترض أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لتحسين علاقاته بالإمارات والسعودية، والأخيرتان كانتا الأكثر انزعاجاً من التحركات العسكرية لأنقرة في المنطقة، كما أن الوضع كذلك حتى لو كان هناك تقارب كبير بين الدول الثلاثة خلال الفترة الماضية.

في هذا السياق، تحدثت منصة “تارجيت” الإعلامية مع الخبير العسكري الكويتي الدكتور فهد الشليمي رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام بالكويت للتعرف على موقف السلطات الكويتية مما يمكن تسميته بـ”العرض التركي”، والذي أكد بشكل قاطع أن إقامة قاعدة عسكرية تركية في الكويت أمر مرفوض ليس على المستوى الحكومي فحسب بل حتى على المستوى الشعبي، مشدداً على أن الأتراك غير مرحب بهم في الكويت.

نص الحوار:

*كيف تابعت تصريحات السفيرة التركية في الكويت وإعلانها استعداد بلادها لإقامة قاعدة عسكرية في دولتك؟

– في تقديري أن الكويت لها علاقات جيدة مع تركيا، ولديها علاقات جيدة كذلك مع تنظيم الإخوان، والكويتيون يصطافون في تركيا كثيراً ولديهم العقارات هناك في تركيا، وبالتالي هناك علاقات جيدة على المستوى الشعبي، وهي علاقات نابعة من قناعات الدولة الكويتية بأن تكون روابطها بالدول الأخرى قائمة على السلم والتفاهم.

*ماذا إذن عن العلاقات العسكرية بين البلدين في ضوء حديث السفيرة التركية؟

– رسمياً هناك اتفاقية تعاون عسكري وتدريب طيارين بين الحكومة الكويتية وتركيا والأخيرة لم تف بما جاء بالاتفاقية، نظراً لمحاولة الانقلاب التي وقعت في تركيا عام 2016، وبالتالي هناك اتفاقية وعقود تتعلق ببعض الأسلحة كشراء الطائرات التركية المسيرة بيرقدار، وقد يكون هناك نوع من التدريب أو دورات تدريبية عسكرية وهذه العلاقات العسكرية تأتي في إطار بروتوكولات تتساوى فيها تركيا مع أي دولة أخرى. أما مسألة أن يكون هناك تواجد عسكري تركي في الكويت فهذا احتمال بعيد، فقد يكون هناك مدربين أو مستشارين عسكريين أتراك للتدريب على طائرات بيرقدار على سبيل المثال إن قدمت إلى الكويت سنكون بحاجة إلى ذلك التدريب بالطبع ووقتها سيكون عدد هؤلاء المدربين محدوداً، لكن أن يكون هناك قوات عسكرية تركية سواء برية أو بحرية فهذا أمر غير وارد.

*هل ترى أن تركيا دولة قادرة على أن تمنح الدول الأخرى قدراً من الأمان العسكري ومن ثم قد ترغب دول في تلك القواعد؟

– الحقيقة أن النظام التركي يعرض إقامة قاعدة عسكرية في الكويت في الوقت الذي يفشل هو في حماية حدوده، فلديه مشكلات كثيرة عبر الحدود، وأعتقد أن تركيا ليست لديها القدرات الاستراتيجية لعمليات قتال ودعم حلفاء إطلاقاً.

*لو كانت كما قلت فإنها قد أقامت قاعد عسكرية في قطر بالفعل، ما ردك؟

– صحيح أن أنقرة أقامت قاعدة عسكرية في قطر، لكنها تبقى قاعدة لمجرد حفظ الأمن الداخلي ووضعها أقرب إلى أن يكون تواجد عسكري تركي لمجرد التواجد فقط، أما أن يكرر الأمر في الكويت فلا أعتقد أن الأتراك مرحب بهم في الكويت، كما أننا لسنا بحاجة من الأساس إلى القوات التركية.

*لماذا تقول إن الكويت ليس بحاجة لهذه القوات، لو توضح لنا ذلك من الناحية العسكرية؟

– الكويت لديها اتفاقيات “صوفا” الخاصة بمرور القوات الأجنبية سواء مرور قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أو تلك التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي الكويت ليس في حاجة إلى قوات من تركيا، كما أنه لا يوجد أعداء للكويت للدرجة التي تستدعي استقدام قوات أجنبية. وإذا افترضنا أن تركيا ترى إيران عدواً لنا وأن إقامة تلك القاعدة مقصود منها إيران، فالواقع يقول إن وجود تلك القوات سيحمل استفزازاً لطهران أي أنه سيأتي بنتائج عكسية.

*ما تقييمك للموقف الشعبي الكويتي ورؤيتك له إزاء هذا المقترح التركي؟

– إن الشعب الكويتي لا يرحب بالتواجد العسكري التركي، باستثناء الإعلام التابع لجماعة الإخوان، فالشعب الكويتي لديه حساسية من هذا الموضوع، كما أن الواقع يقول إن تركيا لا يمكنها تقديم خدمات استراتيجية قتالية وإنما سيكون الأمر مجرد تواجد أفراد، ولا يستطيعون تقديم خدمات تكنولوجية أو معلومات أو أي خدمات استخباراتية، بل أن الأتراك ليس لديهم دوراً كبيراً أو قدرة على الضغط الدولي في منظمة دولية مثل مجلس الأمن على سبيل المثال. نحن نقول إن هناك تعاون عسكري بالفعل بين أنقرة والكويت لكنه بسيطاً، كما أشرت تعاون في إطار اتفاق على شراء طائرات بيرقدار، وهناك برنامج تدريب لبعض القوات العسكرية كالطيارين والمهندسين وحتى هذا البرنامج الأخير أوقف لأن أنقرة ليس لديها القدرة على تدريب الطيارين.

*رغم ما تقوله تركيا اقترحت ذلك، ما تفسيرك؟

– الأتراك هم من اقترحوا وعرضوا، فليقترحوا ويعرضوا ما شاءوا، لكن هذا الأمر غير مطروح على الإطلاق أمام الحكومة الكويتية، والتواجد التركي غير مرحب به لا رسمياً ولا شعبياً، وبين الفينة والأخرى نسمع ما يردده الأتراك. وأود أن أشير هنا إلى أن الحكومة الكويتية دائماً تحاول حل الأمور بالطرق السلمية، فلدينا علاقات جيدة مع الإيرانيين والعراقيين، وبالتالي مبدأ التفاهم هو الذي تعتمد عليه السياسة الخارجية الكويتية وعلى أساسه نتحرك في حل كثير من الإشكاليات.

*قد يقال إن مسألة التفاهم لا تتعارض مع مسألة إقامة قاعدة عسكرية تركية، ما رأيك؟

– استدعاء قوات أجنبية يستفز مبدأ التفاهم، وإذا كان الإيرانيون مستفزون من وجود القوات الأمريكية، فما بالك أن يتم استقدام قوات تركية وأن تكون هناك دوريات، وبالتالي يتعقد المشهد السياسي والجيوسياسي والعسكري، والكويت لا تبحث عن مثل هذه الخيارات.

*ما الأسس التي تعتد عليها الكويت في حماية أمنها؟

– الخيارات التي يقوم عليها حماية الأمن الكويتي هي القدرات الذاتية لدولة الكويت وقدرات مجلس التعاون الخليجي وقدرات الدول العربية وبعدها المنظومة الخارجية سواء أمريكا أو بريطانيا بالتحديد.

قد يعجبك ايضا