“عشرية سوداء”.. الناشط التونسي سيف العرفاوي: الإخوان اخترقوا كل مؤسسات تونس لخدمة تركيا وقطر

يترقب الشارع التونسي خلال الأيام المقبلة إصدار الرئيس قيس سعيد مرسوماً رئاسياً بشأن وضع آليات قانونية لتطهير مؤسسات الدولة من عناصر حركة النهضة التابعة لتنظيم الإخوان الدولي والمدعومة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي تقول السلطات التونسية إن كثيراً من التعيينات تمت في المؤسسات بشكل عشوائي لمجرد الولاء الحزبي دون مراعاة معايير الكفاءة.

ولا شك أن تلك التحركات تواجه انتقادات من قبل معارضي الرئيس قيس سعيد، ولهذا تحدثت منصة “تارجيت” الإعلامية مع الناشط السياسي التونسي سيف الدين العرفاوي الذي يرى أن عملية التطهير هذه ضرورة، لأنها تهدف إلى إنهاء التعيينات العشوائية التي طالت على وجه الخصوص وزارتي الداخلية والتجارة لمجرد انتماء شاغلي تلك الوظائف لحركة النهضة، وقد ساهمت تلك التعيينات في خدمة مصالح بعض الدول مثل تركيا وقطر.

نص الحوار:

ـ كيف تابعت دعوة الرئيس قيس سعيد لتطهير مؤسسات الدولة من التعيينات الإخوانية؟

ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الرئيس قيس سعيد لمراجعة التعيينات وآخر مرة طلب ذلك صراحة وأكد عليه كان خلال اللقاء الأخير مع رئيس الحكومة الجديد أحمد الحشاني وشدد على ضرورة القيام بذلك. ومما لا شك فيه أن أخطبوط التنظيم الدولي الإخواني الممثل في حركة النهضة بتونس زرع قنابل موقوتة في كل مؤسسات الدولة من وزارات وبلديات ومعتمديات وفي الولايات، نستطيع القول إن كل مؤسسات الدولة اخترقت من جماعة الإخوان.

ـ كيف انعكس ذلك على سير العمل الحكومي؟

كان ذلك سبباً في غياب الانسجام بين مؤسسات الدولة كجهاز إداري وبيروقراطي وبين النظام السياسي بقيادة الرئيس قيس سعيد والفريق العامل معه، ولهذه الأسباب وغيرها يشدد الرئيس علي ضرورة مراجعة كل التعيينات التي تمت فيما يمكن وصفه بـ”العشرية السوداء التونسية”.

ـ كيف تم هذا الاختراق الكبير الذي تتحدث عنه؟

منذ عام 2011 وكل التعيينات في تونس كانت تقوم على معيار الولاء للحزب لا للوطن، وأنا هنا أقصد حركة النهضة الإخوانية، بل الأخطر أن كل ما تم القيام به كان يصب في مصلحة الأشخاص المنتمين لحركة النهضة ومصلحة دول أخرى، والتعيينات كانت تصدر حتى لأناس من الوسط العائلي لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة – المسجون حاليًا – على غرار ابنه وزوج ابنته رفيق بوشلاكة الهارب خارج أراضي الوطن.

 

ـ هل سقوط حركة النهضة وخروجها من الحكم هو ما كشف عن ذلك الأمر؟

بسقوط حركة النهضة حصل صدام واضح بين سياسة الدولة وما يريد الرئيس قيس سعيد الوصول له وما يترجمه في كل خطاباته للشعب منا ناحية، وبين مؤسسات ووزارات الدولة؛ لأنها بالأساس تعيينات عشوائية دون مستوى ثقافي وعلمي ومؤهلات، إنما تمت فقط على أساس الولاء للحركة، وقد قال سعيد من قبل وبكل وضوح إن من يفتقر للشهادات العلمية التي تخول له إدارة منصب ما فليكرم ماء الوجه أي يتركه.

ـ ما المؤسسة التي كانت أكثر تعبيرًا عن التعيينات الإخوانية العشوائية التي تتحدث عنها؟

– يمكن لي أن أخص بالذكر ما حصل من تعيينات في وزارة الداخلية لا سيما فترة تولي على العريض القابع في السجن حاليًا والذي شهدت فترة توليه الحكومة اغتيالات سياسية مثل اغتيال السياسيين التونسيين البارزين محمد البراهمي وشكري بلعيد، الذين تثور اتهامات بأن تنظيمًا سريًا يتبع حركة النهضة هو من دبر ورتب تلك الاغتيالات ضد اثنين من أشد المعارضين لحركة النهضة وسياساتها قبل سنوات.

ـ لكن ألم تظهر مشكلات تلك التعيينات خلال فترة حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السيسي؟ أقصد أنها ليست مشكلة جديدة؟

الرئيس السبسي رحمه الله لاحظ هذه الإشكالية وصرح بوجود انقسام في وزارة الداخلية وطلب بالكف عن العبث بمؤسسات الدولة، وتلك في رأيي كانت رسالة مبطنة تؤكد أنه يلاحظ الوضع وأنه كان منزعجًا من ذلك، وأعتقد لولا وفاته لكان الصدام قادم قادم لا محالة بسبب هذه التعيينات التي تعيق تنفيذ الرئاسة خططها.

ـ ما أهداف هذه التعيينات؟ هل كان الهدف منها مجرد التمكين لأتباع حركة النهضة فقط؟

لا الأمر لا يمكن اختزاله في هذا فقط، قد يكون ذلك هدفًا ضمن غيره، لكن في واقع الأمر هذه التعيينات كان هدفها توقيع معاهدات واتفاقيات ما وتوجيه الأسواق التونسية لصالح أطراف معينة مناصرة وداعمة لتنظيم الإخوان.

ـ هل لديك أمثلة على ذلك؟

نعم، على سبيل المثال وزارة التجارة والصناعة والمندوبيات الجهوية والتعينات التي حصلت بها كان كل هدفها إقصاء كل من هو خارج عن طوع حركة النهضة بحرمانهم من الصفقات العامة والاستثمارات.

ـ هل بدأت عملية التطهير لهؤلاء بالفعل؟ وكيف يرى أتباع النهضة ذلك؟

لقد تمت جملة من الإقالات في الأيام الماضية لشخصيات متورطة مع حركة النهضة، والحقيقة أن هؤلاء يصفون ما يحدث بإنه انقلاب وتناسوا أنهم هم من انقلبوا على شعب تونس بالكامل في السابق، أما نحن فنسمي ذلك استراد للدولة التونسية. إن تونس ظلت صامدة بإدارتها وستظل صامدة بمؤسساتها، أما الإخوان فإن كل ما يريدونه تدمير مؤسسات الدولة وإضعاف كل الأجهزة خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالجهازين الأمني والقضائي.

ـ فهمت من حديثك أن هناك دولًا استفادت من هذه التعيينات الإخوانية أو ما يمكن تسميته بالتمكين الإخواني في مؤسسات الدولة التونسية، من تقصد؟

بالطبع المقصود تركيا وقطر معًا، فهما الدولتان المساندتان لتنظيم الإخوان العالمي، وقطر دعمت صراحة هذا التنظيم بالمال والإعلام من خلال قناة الجزيرة التي تحرض على الدول العربية لا سيما مصر وتونس، ويوجد قيادات إخوانية تحت حماية قطر. وهنا أشير إلى أنه في الأول من يوليو عام 2019 صرح راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة أن قطر هي المستثمر الأول في تونس بدليل استثمارها لـ 480 مليون دينار في 2018، وطبعًا المسهل للاستثمار القطري هي حركة النهضة التي كانت مسيطرة في ذلك الوقت.

ـ لكن كما تقول هي استثمارات، أي أنها ستعود بالنفع على الدولة، ما الضرر في ذلك حتى لو كانت من دولة داعمة للإخوان؟

في رأيي لم تكن استثمارات، ما حدث بشكل أوضح أن قطر أغرقت تونس بقروض بفوائد باهظة ومدمرة للاقتصاد التونسي من أجل الهيمنة والسيطرة الإخوانية عليه، وقد جرت مفاوضات لاحقًا بشأن جدولة سداد أحد القروض وطلب قرض جديد بقيمة 840 مليون دولار، غير أنه قوبل بالرفض بعلة عدم سداد القرض الأول وأنهم ضخوا أموالَا كثيرة لمونديال 2022، رغم أن قطر ذاتها لم تمانع ضخ أكثر من 15 مليار دولار لإنقاذ العملة التركية من الانهيار وهو مبلغ يعادل ميزانية تونس.

ـ وماذا عن تركيا؟

أوردوغان وإن حاول تعديل موقفه إلا أنه لا يستطيع نفي دوره ودور قطر في إشعال فتيل الحرب في سوريا وتزييف الحقائق إعلاميًا، وقد أراد السيطرة على الاقتصاد التونسي عن طريق حركة النهضة وتوجيه بعض الاتفاقيات لصالحه، وما رأيناه في منح قطر لتركيا كل هذه الأموال ورفض منح قرض لتونس في ظل وجود الرئيس قيس سعيد يقول إن هناك دول تنقذ بعضها البعض وتتفق على تدمير دول أخرى مثل تونس ومصر اقتصاديًا واجتماعيًا. وأقول إن غالبية الشعب التونسي مدرك ومتيقظ لأطماع أنقرة والدوحة، لكن تونس كانت وستكون صعبة عليهم.

قد يعجبك ايضا