بعد ظهور وفد مصري علنَا في كابول.. مدير المركز الأفغاني للإعلام: هناك إرادة لعودة العلاقات

قبل أيام تداول عدد من وسائل الإعلام الأفغانية والمصرية صورة لدبلوماسيين مصريين يلتقون أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأفغانية التابعة لحركة طالبان بالوزارة، حيث عقد هذا اللقاء لبحث مزيد من التعاون السياسي والاقتصادي بين مصر وأفغانستان، بحسب ما كتب نائب المتحدث باسم الخارجية الأفغانية عبر حسابه على موقع “إكس”، في وقت لم تعلن القاهرة أية تفاصيل بشأن هذا اللقاء.

ويجمع كثير من المراقبين والمتابعين لمسار العلاقات المصرية – الأفغانية أن القاهرة تثبت أن لديها قدراً كبيراً من المرونة في الانفتاح على العلاقات مع كابول خصوصاً منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، كما أنها بحلول عام 2021 تتعامل مع حكومة طالبان بشكل أقرب إلى الطبيعي باعتبارها أصبحت حكومة أمر واقع في هذا البلد الذي يعاني لأكثر من عقدين.

في هذا السياق، تحدثت منصة “تارجيت” الإعلامية مع المحلل السياسي الأفغاني الدكتور عبدالجبار بهير رئيس المركز الأفغاني للإعلام والدراسات والذي يؤكد أن هناك إرادة مشتركة بين البلدين نحو مزيد من تعزيز العلاقات، والاتجاه نحو فتح السفارة المصرية في القاهرة، مؤكداً أهمية العلاقات بين البلدين وما بينهما من تاريخ مشترك.

نص الحوار:
ـ كيف ترى مسار العلاقات المصرية – الأفغانية في ضوء ما أعلن عنه بشأن زيارة وفد مصري إلى كابول ولقاء مسؤولي حركة طالبان؟
بالطبع العلاقات المصرية – الأفغانية تاريخية منذ القدم، لا سيما وأن مصر كان لها تأثيراً واضحاً في تعزيز وتنمية الجهاز القضائي في أفغانستان، حيث كانت المحكمة الأفغانية تتعامل مع الأجهزة القضائية المصرية ومعظم القوانين كانت تناقش اهتداء بالمعمول به في القضاء المصري. أيضاً لعبت مصر دوراً كبيراً في تزويد أفغانستان بالكوادر العلمية، فجامعة كابول التاريخية كانت أهم مؤسسة أكاديمية تتعامل مع الأزهر الشريف وغيرها من المؤسسات الأكاديمية والعلمية المصرية. كما كانت العلاقات المصرية والأفغانية الدبلوماسية كذلك ممتدة منذ القدم بين البلدين، وتعد سفارة القاهرة أقدم سفارة عربية في أفغانستان في ظل العلاقات الودية والتاريخية بين القاهرة وكابول.

ـ ماذا عن العشرين سنة الماضية في العلاقات بين البلدين؟
في العشرين سنة الماضية كانت مصر تدعم المؤسسات العلمية والقضائية لتقديم الفكر الإسلامي الوسطي المقبول الذي يتوافق مع الواقع في إطار الصداقة الافغانية المصرية والعلمية كذلك، ومع قدوم حركة طالبان للحكم كما نعلم تم إغلاق جميع السفارات وكافة الدبلوماسيين عادوا إلى بلدانهم، لكن الحكومة الأفغانية لتصريف الأعمال استطاعت أن تناقش الحكومات والدول لإعادة العلاقات مع أفغانستان وإعادة فتح السفارات أو على الأقل أن يكون هناك زيارات وتردد من الدول على أفغانستان.

ـ إذن هل نفهم أن اللقاء الذي جرى في وزارة الخارجية الأفغانية مع الوفد المصري يأتي في هذا السياق؟
بالفعل يمكن قول ذلك، فالسفارة المصرية من أهم السفارات لدى أفغانستان من حيث مكانة القاهرة لدى الأفغان، والحقيقة أن السفارة المصرية تفتح أبوابها في أفغانستان وإذا لم يكن ذلك بشكل رسمي، فإن وجود الدبلوماسيين المصريين يعني وجود إرادة لدى الجانب المصري للتعامل مع الشعب الأفغاني وأفغانستان، وبالتالي لأول مرة نرى ظهوراً علنياً للدبلوماسيين المصريين في أفغانستان وفي الإعلام الدولي والمحلي.

ـ ماذا يعني برأيك هذا الظهور العلني للدبلوماسيين المصريين أو الوفد المصري علناً؟
هذا يعني أن هناك تقارب كبير بين القاهرة وكابول، ويعني كذلك أن هناك ما يشبه الاعتراف المصري بحكومة طالبان، وتواجد هؤلاء الدبلوماسيين الممتد لأكثر من عام يبدو أنه مهد الطريق لإعادة العلاقات المصرية – الأفغانية بهذا الشكل، ولعل هناك أنباء بأن السفارة المصرية ستفتح أمام الأفغان في كابول رسميًا لا سيما وأن هناك آلاف الطلاب الأفغان يدرسون في الجامعات المصرية، بالإضافة إلى ذلك فهناك مشروعات علمية وأكاديمية كانت تمول وتنفذ من قبل الحكومة المصرية في أفغانستان مثل البعثة الأزهرية التي كانت من أهم المشروعات التي تعمل تحت مظلة إدارة التعليم في أفغانستان وكان المعهد الأزهري أهم تلك المؤسسات التي تعمل على تريبة الشباب والأجيال الجديدة في البلاد.

ـ ماذا عن موقف الحكومة الأفغانية وما يدرو بداخلها بشأن العلاقات مع القاهرة؟
الحكومة الأفغانية الحالية أبدت أملها في فتح السفارة المصرية في كابول، وهناك إرادة من قبلها في أن تكون هناك علاقات طبيعية مع القاهرة، وذلك بحسب مصادر مطلعة على المباحثات والمفاوضات التي تدور بين الجانبين سواء داخل أفغانستان أو خارجها في اللقاءات الإقليمية والدولية وكذلك الثنائية.

ـ ما توقعاتك بشأن المرحلة المقبلة؟
أعتقد أنه سيكون هناك تعزيز للعلاقات بين مصر وأفغانستان وإعادة النظر في مسألة فتح السفارة المصرية في كابول، ومزيد من التقدم نحو ترابط العلاقات من جديد، والحقيقة المؤشرات التي تدل على تنامي العلاقات كثيرة ومتعددة وتشهد تقدماً ملموساً في مختلف الجوانب، وأعتقد أن تنمية العلاقات مع القاهرة جزء من المستقبل السياسي لأفغانستان.

هناك عديد من الدول العربية تتقارب مع الحكومة الأفغانية، وفي صدارتها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي وقعت اتفاقيات كثيرة مع الحكومة، كما أن سفارات قطر والسعودية تعمل بالفعل وتم فتحها رسمياً وتوجد بها البعثات الدبلوماسية، ولكن الخدمات اليومية ربما ليست بشكل كامل، وكذلك كثير من السفارات، مثلاً السعودية تقدم خدمات الحج والعمرة، والإمارات وقعت اتفاقيات مع الجانب الأفغاني حول عدد من المطارات، بالإضافة إلى ذلك هناك مساعدات قطرية وإماراتية وصلت عن طريق السفارات إلى كابول خلال العامين الماضيين.

ـ هل هذا اعتراف رسمي من تلك الدول بالحكومة الأفغانية وبحكم طالبان؟
– بالطبع ليس هناك أي اعتراف رسمي، إلا أن التعامل الضمني متعارف عليه في كابول ليس فقط من الدول العربية بل من كثير من الدول الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي ودول روسيا والصين وغيرها من دول الجوار، هذا لا يعني الاعتراف بحكومة طالبان كما قلت وإنما يريدون التعامل مع الشعب الأفغاني وهذا يتم من خلال التواصل مع الحكومة الحالية.

ـ أخيراً ألا تخشى تلك الدول أن تلصق بها تهمة التعامل مع جهة ذات صلة بالإرهاب كما كان من قبل؟
لا أعتقد ذلك، هذه الدول تتعامل مع الحكومة الأفغانية ولا تخشى من اتهامات الإرهاب، لأن الواقع الأفغاني حالياً غير ذلك ويختلف عن واقع التسعينات، وأعتقد أنه قد فرض على الدول والعالم التعامل مع الحكومة لأنها الجهة الوحيدة التي تمثل أفغانستان.

قد يعجبك ايضا