مجموعة السبع ترفض التطبيع مع دمشق وتشترط الحل السياسي

القامشلي 

منذ انخراط العديد من الدول العربية وقبلها تركيا في مسار تطبيع العلاقات مع حكومة دمشق، خاصةً بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط/ فبراير الماضي، والموقف الغربي واضح من هذا المسار، بأنه “لا إعادة للعلاقات مع دمشق أو قبول تطبيع أي دولة لعلاقاتها معها، قبل الانخراط في مفاوضات سياسية حقيقية تقود إلى حل سياسي للأزمة”.

آخر المواقف في هذا الشأن، صدر عن قادة دول مجموعة الدول السبع المجتمعين في مدينة هيروشيما اليابانية، عبر التأكيد على رفض أي إعادة للعلاقات مع دمشق أو إعادة تأهيل للرئيس السوري بشار الأسد، قبل الدخول في عملية سياسية تقود لحل يرضي جميع السوريين، بإشراف من الأمم المتحدة وبما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وقال قادة مجموعة السبع في بيان مشترك في ختام اجتماعهم: “إنه ينبغي على المجتمع الدولي أن ينظر خلال التطبيع والمساعدة في إعادة الإعمار بسوريا فقط عند إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي، داعين إلى “الوصول الإنساني” الكامل ودون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين لاسيما من خلال المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الحدود.

الالتزام بهزيمة داعش وإيجاد حلول لعناصره المحتجزين

وشدد البيان على التزام المجموعة بالهزيمة الدائمة لتنظيم داعش الإرهابي، والعمل لإيجاد حلول دائمة لعناصر التنظيم المحتجزين في سجون شمال وشرق سوريا، معرباً عن دعم الدول الأعضاء لعمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والالتزام بمحاسبة ومساءلة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية وانتهاكات القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.

بنود عديدة بشأن سوريا

ورغم أن الولايات المتحدة ودول أوروبية عديدة، جددت أكثر من مرة رفضها لأي تطبيع مع حكومة دمشق قبل الدخول في مفاوضات تقود لحل سياسي، إلا أن بيان مجموعة السبع تضمن الإشارة لنقاط أساسية ومتفرقة متعلقة بالأزمة السورية بما في ذلك السلاح الكيماوي وهزيمة داعش، الأمر الذي لم تتضمنه أي بيانات غربية بشأن سوريا خلال الفترة الأخيرة، ما يعني حضور هذه الأزمة بشكل واضح على جدول أعمال المجتمعين، وأن الغرب وحلفاءه جادون في رفض أي إعادة للعلاقات مع دمشق أو رفع العقوبات عنها قبل تحقيق الشروط المطلوبة.

ارتباط التطبيع وإعادة الإعمار بالحل السياسي

وتقول الأكاديمية وعضو اللجنة الدستورية السورية الدكتورة سميرة مبيض في هذا السياق: “إنه ورد في التصريح الأخير لرؤساء مجموعة السبع إشارة مقتضبة للقضية السورية، استهلت التأكيد على المسار السياسي ضمن أطر الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وأتى ذلك بصورة عامة غير تفصيلية، كما لحظنا الإشارة لوجوب ارتباط عمليات التطبيع وإعادة الإعمار بالحل السياسي، بينما ركز التصريح بشكل أكبر على محاربة استخدام الأسلحة الكيماوية وتنظيم داعش، وهو ما يمكن التركيز عليه من منظور دعم الحراك السوري حيث تواجه منظومة بشار الأسد اتهامات مباشرة بانتهاك القانون الدولي وبشكل خاص باستخدام الأسلحة الكيماوية”.

وتضيف الدكتورة سميرة مبيض في تصريحات لمنصة تارجيت، “أن هذه المنظومة تواجه اتهامات بالتواطؤ مع التنظيمات الترهيبية والميليشيات المسلحة المخلة بالأمن والاستقرار في المنطقة ويعتبر أي تطبيع معها بمثابة المشاركة في هذه الانتهاكات”.

عراقيل تعترض مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة

يأتي ذلك، في ظل تقارير إعلامية عن عراقيل وعقبات كثيرة تعترض مسار التطبيع بين تركيا وحكومة دمشق، برزت بشكل جلي خلال تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام، والتي جدد فيها رفض بلاده الانسحاب من الأراضي السورية المحتلة، بل وهدد بشن هجمات عسكرية جديدة على مناطق بشمال وشرق سوريا، الأمر الذي يتعارض مع تطرحه حكومة دمشق عن ضرورة جدولة الانسحاب كشرط مسبق لاستكمال مسار التطبيع مع أنقرة، وذلك قبل أن يشن الرئيس السوري بشار الأسد هجوماً خلال قمة جدة على “الاحتلال العثماني المطعّم بنهكة إخوانية”، الأمر الذي كشف عن خلافات عميقة بين الجانبين بشأن كثير من الملفات رغم الاجتماعات الأمنية والسياسية بالعاصمة الروسية موسكو.

ويشكل بيان مجموعة السبع وقبله “قانون مكافحة التطبيع” الذي أقرته لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، بشأن إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، ضغطاً كبيراً على تركيا والدول العربية المطبعة مع دمشق، من حيث جدوى هذا التطبيع، ومواجهة تبعات ذلك، من حيث إمكانية فرض عقوبات غربية على هذه الدول، وذلك رغم حديث وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خلال القمة العربية الأخيرة في جدة، خلال رده على سؤال بشأن كيفية التعامل مع الرفض الأمريكي والأوروبي للعلاقات مع دمشق، عن توجه عربي لـ”مناقشة” الشركاء الغربيين بشأن العلاقات مع سوريا، وقبله ما قاله وزير الخارجية التركي عن أن هذا الأمر شأن يخص تركيا ولا علاقة لواشنطن به”.

وبحسب الدكتورة مبيض، “فإن الركائز الأساسية لمجموعة السبع هي التفاهمات الاقتصادية لذلك نجد أن البيانات الصادرة عن هذه اللقاءات تنحى نحو المجال الاقتصادي العام أكثر من السياسات المستقلة للدول المشاركة ضمنها تجاه قضايا محددة وبالأخص تجاه القضية السورية وتفاصيلها”.

التعويل على دور عربي لحل الأزمة السورية

ومع الحديث العربي عن توجه لإنهاء الأزمة السورية وعدم القبول ببقاء الأمور على ما هي عليه بعد أكثر من اثني عشر عاماً من الحرب والنزاع، والتشديد على دور عربي “قيادي” في هذا الحل، يبقى السؤال المطروح، عن مدى إمكانية تحقيق اختراق وتقدم في ملف هذه الأزمة، ومدى التعويل على الدور العربي في تحقيق مقاربات مع الدول الغربية في طريق رفع العقوبات والبدء بإعادة الإعمار، وإمكانية قبول حكومة دمشق بتنفيذ شروط تتعلق بإطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المغيبين والمختفين قسرياً، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، والذي يعني القبول بالتحول السياسي؟.

قد يعجبك ايضا