تحالف على حساب الكرد والديمقراطية.. ماذا بعد دعم سنان أوغان لـ “أردوغان”؟

القاهرة ـ محمد اسماعيل

رغم كثير من التحليلات التي كانت تتحدث عن جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التركية بين الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كليجدار أوغلو مرشح المعارضة، وتضع سيناريوهات عدة، إلا أن كثير من المراقبين كانوا يتفقون خلال الفترة الماضية على أنه في نهاية المطاف سينحاز المرشح سنان أوغان الذي حل ثالثاً في الجولة الأولى لـ”أردوغان”، فما يجمع بينهما من عداء للكرد أكبر بكثير مما يمكن أن يجمع مرشح تحالف الأجداد بالمرشح كليجدار أوغلو.

وكان سنان أوغان حصل على 5.2 بالمئة من أصوات الناخبين في جولة 14 مايو حل بها في المرتبة الثالثة، فيما حصل أردوغان على 49.4 بالمئة وكليجدار أوغلو على 44.96 بالمئة، ومن ثم تم الذهاب إلى جولة ثانية كون أي من المرشحين لم يتجاوز 50 بالمئة من الأصوات، ويتم النظر إلى كتلة أوغان ككتلة حرجة يمكن أن تصنع الملوك.

 

دوره لم ينته رغم خروجه من الجولة الأولى

في هذا السياق، يقول عمر رأفت الباحث في الشأن التركي، لمنصة “تارجيت” الإعلامية إنه: ” بالرغم من خروجه من المنافسة على كرسي الرئاسة، إلا أن المرشح للانتخابات في تركيا، سنان اوغان، لم ينته دوره، بعد أن أعلن دعمه للمرشح الانتخابي والرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان”، مضيفاً: “ولو صح هذا الأمر واتبع أنصار أوغان حديثه، فسيكون لأردوغان أكثر من 3 مليون صوت انتخابي، وهي عدد الأصوات التي ذهبت إلى أوغان في الجولة الأولى من الانتخابات”.

عمر رأفت الباحث في الشأن التركي

وأوضح رأفت أن “السر لعدم دعم أوغان لكليجدار أوغلو هو دعم الأخير للمكون الكردي، وقال أوغان، في مقابلة سابقة مع رويترز، إنه سيدعم كليجدار أوغلو في جولات الإعادة بشرط تخليه عن تقديم تنازلات لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للكرد، وأضاف أنه لن يدعم أي مرشح يساند المنظمات الإرهابية على حد زعمه، وهي التهمة التي تلصق من قبل النظام التركي بأنصار وأعضاء حزب الشعوب الديمقراطي.

أيضاً يقول رأفت: “إن أوغان يرى ولديه يقين أن فرص أردوغان أقوى بكثير، لذا قرر الميل إلى الفائز المنتظر بالانتخابات بالإضافة إلى الاستقرار في اتخاذ قراره، قائلاً إن تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب بزعامة كليجدار أوغلو فشل في الحصول على أغلبية برلمانية، معتبرا أنه من المهم لاستقرار البلاد أن تكون غالبية أعضاء البرلمان والرئيس من نفس التحالف، داعيا أنصاره للتصويت لأردوغان في جولة الإعادة.

انقسام داخل معسكر أوغان

لكن يبدو أن نسبة الـ 5.2 بالمئة من أصوات الناخبين لن تقدم هكذا إلى أردوغان على طبق من ذهب أو أنها باتت محسومة، إذ سرعان ما ظهرت انقسامات داخل التحالف الداعم لـ”أوغان” بعد إعلان دعمه للرئيس المنتهية ولايته في جولة الإعادة، على نحو يجعل البعض يرون أنه من الصعوبة بمكان قياس قوة تأثير قرار أوغان على معسكر أردوغان.

وقال أوميت أوزداج، زعيم حزب النصر، وهو الحزب المهيمن داخل تحالف أوغان الانتخابي إن تأييد أوغان لأردوغان لا يعكس آراء حزب النصر، مضيفاً أن تصريحاته التي أعلنها بشأن الجولة الثانية من الانتخابات ليست ملزمة لحزبه، كما ألقى حزب سياسي صغير آخر داخل التحالف دعمه كيليجدار أوغلو خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويتكون تحالف أوغان من خمسة أحزاب، بما في ذلك حزب فوز أو النصر وهو حزب زعيم اليمين المتطرف أوزداغ الذي خطف الأضواء في الفترة التي سبقت انتخابات 14 مايو برسائله المناهضة للمهاجرين، وفق ما نقلت مجلة “آل – مونيتور” المهتمة بشؤون الشرق الأوسط.

ويرى “أوزداغ” أن هناك فارق كبير بين حزبه وحزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بالتعامل مع قضية المهاجرين، إذ يرى الأخير أن تكون العودة طوعية وآمنة، فيما يرى حزب النصر أن العودة يجب أن تكون قسرية لنحو 4 ملايين مهاجر في تركيا. ولاحقاً تم الإعلان عن انهيار تحالف النصر وسيكون لكل حزب داخل ضمنه حق الاختيار إلى من سيوجه صوته.

 

شكوك حول تأثير أوغان

بدوره، قلل محمد عامر رئيس وحدة الدراسات التركية بمركز العرب للأبحاث والدراسات من أهمية إعلان “أوغان”، وقال في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية: “إن أوغان هو ابن حزب الحركة القومية حليف النظام التركي، وحتى وإن انشق عنه فإنه لديه تقارب فكري كبير معه خصوصا التشدد تجاه الكرد، إلا أن أوغان في الوقت ذاته لا يمتلك القدرة الكافية على توجيه الكتلة التصويتية التي دعمته خلال الجولة الأولى، لأن الغالبية منهم دعموه لموقفه المتشدد في قضية المهاجرين وبالتالي هو تراجع عن بعض التزاماته في هذا الملف ما قد يدفع بعض أصوات كتلته تجاه كليجدار أوغلو الأكثر تشددا من أردوغان في ملف المهاجرين.

محمد عامر رئيس وحدة الدراسات التركية بمركز العرب للأبحاث والدراسات

وأضاف “عامر” أن التحالف الذي خلف أوغان قد انهار، وهذا سيكون له انعكاسات سلبية لدى الكتلة التي انتخبته، لأن انهياره وتشتت موقفه بهذه الطريقة يعني أنه لم يكن تحالف جدير بالثقة، وبالتالي ستتفتت كتلة التصويت بين أردوغان وكليجدار أوغلو ومن سيقاطع الانتخابات أو يبطل صوته خصوصاً أولئك الذين لم يكن لديهم قناعة بأي من مرشح العدالة والتننمية أو مرشح المعارضة وانتخبوا أوغان لهذا السبب.

ويقول الباحث السياسي المصري في معرض حديثه لمنصة “تارجيت” أن أوغان أراد ضرب أكثر من عصفور بحجر واحدة، فهو من ناحية يرى أن أردوغان الأقرب للرئاسة وبالتالي الانحياز له قد يجعله ينال نصيبا من “التورتة” سواء في الوقت الحالي أو لاحقاً، والأمر الثاني أنه سيظهر في نفس الوقت أنه متمسك بأفكاره من خلال انحيازه للمرشح الأكثر تشدداً تجاه المكون الكردي، والأمر الثالث أنه ظهر كما لو كان هو الرجل الذي حسم مسار انتخابات الرئاسة التركية 2023، أي أنه صاحب تأثير سياسي وهذا أمر به مبالغة.

وأعرب عن اعتقاده بعدم صحة ما تحدثت عنه وسائل إعلام تركية من أن “أوغان” ربما يكون تلقى وعداً من أردوغان بأن يعينه نائباً للرئيس بعد فوزه بالانتخابات، قائلاً إن أردوغان لم يكن بحاجة ماسة إلى دعم مرشح تحالف النصر على الأقل لأن في جعبته أكثر من 49 بالمئة من الأصوات، بينما كان كليجدار أوغلو الأكثر احتياجا لذلك، وبالتالي وعده بمنصب نائب رئيس جائزة أو مكافأة أكبر من أهمية قرار انحيازه للرئيس المنتهية ولايته.  وفي ختام تصريحاته، يؤكد “عامر” أن الأخطر في الأمر أن تحالف أردوغان وأوغان يعني أن الكرد مقبلون على مرحلة كبيرة من القمع خلال الفترة المقبلة، وقمع الكرد في نظر أردوغان ثمن لا قيمة له من أجل كسب كتلة أوغان ولا مانع لديه أن يكونوا كبش فداء من أجل الفوز بالرئاسة كما كانوا من قبل بالنسبة له.

 

مستقبل المعارضة حال فوز أردوغان

وانتقد كليجدار أوغلو موقف سنان أوغان معتبراً أن موقفه يعني الوقوف من قبله إلى جانب من باعوا تركيا الجميلة ضد الذين يحاولون إعادة بناء هذا البلد، مضيفاً “من الواضح من الذي يؤيد بيع هذا الوطن الجميل! نحن قادمون لإنقاذ هذا البلد من الإرهاب واللاجئين. هذا استفتاء وليست انتخابات”. وتابع كليجدار أوغلو “لا أحد يستطيع أن يخدع أحداً بعد الآن… أدعو مواطنينا البالغ عددهم 8 ملايين وجميع شبابنا الذين لم يصوتوا أن يأتوا إلى صناديق الاقتراع”. لكن الحديث عن اقتراب أردوغان من كرسي الرئاسة لولاية ثانية طرح عدة أسئلة بشأن مستقبل تحالف المعارضة أو السيد كمال كليجدار أوغلو نفسه، خصوصاً أنه بهذه الطريقة ستكون المعارضة خسرت الرئاسة والبرلمان لصالح تحالف أردوعان.

في هذا السياق، قال الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن إعلان سنان أوغان الانحياز للرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات كان متوقعا، وهو ما يعني تقديم 5 ملايين صوتاً على الأقل ما يجعله قادراً على حسم الجولة الثانية المقررة في 28 مايو بفارق معقول عن كمال كليجدار أوغلو مرشح تحالف المعارضة والذي من المرجح أن يخسر الانتخابات.

الدكتور بشير عبد الفتاح الخبير في الشأن التركي

ويرى “عبد الفتاح” أن خسارة كليجدار أوغلو الجولة الثانية من الانتخابات تعني أن معسكر المعارضة سيشهد كثيراً من التصدعات العديدة لأن داخل هذا التحالف كان هناك تحفظات من الأساس على ترشح كمال كليجدار أوغلو باعتباره ليس الشخص الأنسب، وبالتالي قد يتفكك تحالف الستة المعارض، وربما نجد في القريب العاجل استقالة كليجدار أوغلو من رئاسة حزب الشعب الجمهوري.

 

قد يعجبك ايضا