القاهرة ـ محمد اسماعيل
سلط عدد من وسائل الإعلام الدولية والغربية الضوء على الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية التي تجرى يوم 14 مايو، وسط إجماع من معظمها على دخول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الانتخابات ولديه سلطات واسعة، وسط إشارات إلى تنفيذه حملة قمع كبيرة بهدف تأمين فوزه بهذه الانتخابات التي توصف بالمصيرية.
وفي مختلف وسائل الإعلام الغربية يوجد شبه إجماع على أن هذه الانتخابات الأكثر تهديداً لاستمرار أردوغان في الحكم، واصفين عهده بـ”الاستبداد”، ولفتوا كذلك إلى أنها تأتي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، وفي ظل أيضا تحالف غير مسبوق بين أطياف المعارضة التركية.
“بي بي سي”: “أردوغان” لديه سلطات رئاسية كاسحة
موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، قال في تقرير إنه منذ عام 2017، يدير أردوغان تركيا بسلطات رئاسية كاسحة، من قصر واسع في أنقرة، كرئيس تنفيذي يمكنه إعلان حالة الطوارئ ويمكنه اختيار أو فصل موظفي الخدمة المدنية. ونقلت “بي بي سي” عن سليم كورو، عضو مركز أبحاث Tepav التركي، قوله إنه إذا فاز أردوغان فلن يتغير الكثير، موضحاً أن صلاحياته واسعة بالفعل لدرجة أنه لن يسعى إلى توسيعها أكثر، ويبدو أنه قول يحمل قدراً من السخرية لما وصلت إليه السلطات التي بقبضة الرئيس التركي.
وتشير “بي بي سي” إلى أن منافس أردوغان الرئيسي وهو كمال كليجدار أوغلو في المقابل يريد إلغاء النظام الرئاسي وإعادة البلاد إلى النظام البرلماني، ليصبح زعيماً “محايداً” لا علاقة له بحزب سياسي، مؤكداً أنه سيعيد تركيا إلى البرلمان ورئيس الوزراء هو صاحب السلطة، ويعيد إحياء المحاكم المستقلة والصحافة الحرة، وقد وعد قائلاً: “سأخدم جميع مواطني تركيا البالغ عددهم 85 مليونًا، وسأظهر الاحترام لكل واحد منكم”.
واعتبرت الـ”بي بي سي” أن انهيار المحادثات مع حزب العمال الكردستاني كانت سبباً في تبدل وضع الكرد منذ 2015، لكن خلافاً لما قالته “بي بي سي”، فإن السبب الحقيقي تربطه كثير من التحليلات بنجاح حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات عام 2015 في تجاوز عتبة الانتخابات البرلمانية، ومن ثم نجح في دخول البرلمان كأول حزب كردي يدخل البرلمان التركي، وهذا الأمر حرم حزب العدالة والتنمية من الأغلبية البرلمانية وقتها، الأمر الذي رأى فيه أردوغان خطورة شديدة على حكمه.
“سي إن إن”: انتخابات 14 مايو قد تنهي حكم أردوغان
شبكة “سي إن إن” الأمريكية قالت في تقرير شامل إن الانتخابات البرلمانية والرئاسية تقدم تحديات غير مسبوقة أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والتي قد تنهي حكمه المستمر منذ أكثر من عقدين، وأضافت: “سيقرر الناخبون مصير الديمقراطية في تركيا بعد أقل من ثلاثة أشهر من وقوع الزلزال الذي وقع في السادس من فبراير وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص وشرد أكثر من 5.9 مليون في جنوب تركيا وشمال سوريا”.
وأشارت “سي إن إن” إلى أمر في غاية الخطورة، وهو أنه حتى إذا فاز كليجدار أوغلو في الانتخابات، فإن بعض المحللين يقولون إن أردوغان قد لا يسلم السلطة لخليفته دون صراع، وهو أمر يتفق عليه كثير من المراقبين والمحللين الذين يخشون على مصير تركيا ما بعد أردوغان حال خسارته الانتخابات، رغم تأكيده أن سيسلم السلطة. ولفتت إلى أنه خلال انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول وأنقرة لعام 2019، فقد حزب العدالة والتنمية السيطرة على المركز المالي للبلاد وعاصمتها، مما دفع مسؤولي الحزب من المدينتين إلى رفض النتائج، مشيرين إلى وجود مخالفات في العملية الانتخابية.
واستعانت “سي إن إن” كذلك بتقرير صدر في عام 2023 لمؤسسة فريدوم هاوس قالت فيه إن القضاة الذين يشرفون على جميع إجراءات التصويت، يتم تعيينهم من قبل الهيئات القضائية التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية وغالبًا ما يذعن هؤلاء لحزب العدالة والتنمية في قراراتهم، ولفتت المؤسسة كذلك إلى “الهيمنة المؤسسية” لحزب العدالة والتنمية على وسائل الإعلام وغيرها من فروع المجتمع الأخرى، وقالت إنه هذا الأمر يجعل الملعب الانتخابي مائلاً لصالح أردوغان.
“يورو نيوز”: أردوغان مستبد يشدد قبضته على السلطة
أما شبكة يورو نيوز، فقالت إن “أردوغان” الذي يدير البلاد منذ أكثر من عقدين لم يكن عرضة لأي تحد للمعارضة من قبل مثل الوضع الحالي، لافتة إلى أنه شدد قبضته على السلطة وقاد البلاد نحو حكم استبدادي بشكل متزايد. وأشارت كذلك إلى أنه يتخلف عن كمال كيليجدار أوغلو المرشح المشترك للمعارضة الموحدة التي تعهدت باستعادة الديمقراطية وفقًا لاستطلاعات الرأي.
وذكرت “يورو نيوز” أن الانتخابات تجري وسط تباطؤ اقتصادي معوق وتضخم مرتفع وزلزال كارثي في فبراير، حيث تأتي انتخابات الأحد كأصعب تحد انتخابي لأردوغان حتى الآن، الذي ركز قدراً هائلاً من السلطة في يديه خلال 20 عاماً في منصبه، كما يشهد انخفاضاً في شعبيته وسط الاضطرابات الاقتصادية والتضخم المرتفع الذي أُلقي باللوم فيه على سوء إدارته للاقتصاد.
وأشارت شبكة يورو نيوز كذلك إلى انسحاب المرشح الرئاسي محرم إنجه بعد أن كشفت استطلاعات الرأي تراجع شعبيته بقدر كبير، كما أنه كان يواجه انتقادات شديدة بسبب خوضه السباق الانتخابي واتهامه بتفتيت صوت المعارضة لصالح “أردوغان”، في إشارة إلى أن “إنجه” كان قيادي بحزب الشعب الجمهوري وخاض الانتخابات الماضية عن الحزب ضد أردوغان وحل ثانيا بحصوله على 30 بالمئة من أصوات الناخبين قبل أن ينفصل عن حزب الشعب الجمهوري.
“لوموند”: أردوغان يواجه أكثر انتخابات غامضة منذ 2002
بدورها، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير الأسبوع الماضي إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، 69 عاماً، يواجه أكثر انتخابات غامضة منذ وصوله إلى السلطة في عام 2002، حيث يواجه معارضة موحدة لأول مرة منذ عشرين عاماً في بلد يمر بأزمة. ويواجه أردوغان كمال كيليجدار أوغلو، 74 عامًا، وهو مرشح تحالف من ستة أحزاب معارضة تتراوح من اليمين القومي إلى اليسار الديمقراطي، ويهيمن عليه حزب الشعب الجمهوري (الاشتراكي الديمقراطي) الذي أسسه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى مسألة تتعلق بالرقابة على الانتخابات التركية، حيث نددت الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مؤخرا، برفض تركيا اعتماد نائبين من الدول الاسكندنافية، كانا من المقرر أن يحضرا لمراقبة الانتخابات الرئاسية. وأعربت الجمعية عن شعورها بخيبة أمل من هذا الإجراء الذي يمكن أن يكون له تأثير سلبي على عمل بعثة المراقبة الدولية، مشددة على أنه لا ينبغي أن تقوم السلطات التركية بالتأثير على تشكيل البعثة الدولية التي ستراقب الانتخابات المقررة الأحد 14 مايو.
“دير شبيجل”: الاعتداء على إمام أوغلو يعبر عن توتر أجواء الانتخابات
أما مجلة دير شبيجل الألمانية فقد سلطت الضوء على واقعة الاعتداء التي طالت أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، حيث كان يلقي كلمة في أرضروم خلال حملة الدعم للسيد كمال كليجدار أوغلو فتعرض لهجوم بالحجارة من قبل أنصار حزب العدالة والتنمية الذين طاردوا الحافلة.
تقول المجلة إن حادث الاعتداء على أكرم إمام أوغلو يسلط الضوء على الوضع المتوتر في تركيا قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، حيث يدعم إمام أوغلو السياسي المعارض كمال كيليجدار أوغلو في حملته الانتخابية، علما أن رئيس بلدية إسطنبول لديه فرصة أن يصبح نائباً للرئيس، إذا فازت المعارضة في الانتخابات، في وقت تشير استطلاعات الرأي إلى وجود سباق متقارب بين كيليجدار أوغلو وأردوغان، الذي يحكم تركيا منذ 20 عاماً.