بدأت كل من تركيا وحكومة دمشق، حواراً نتيجة اتصالات أُجريت بين الطرفين في يناير الماضي، إذ أعلنا حينها ما وصف ببدء مسار دراسة فنية تحضيراً لاجتماع وزراء خارجية أنقرة ودمشق في موسكو، ليكون الأول من نوعه منذ 2011 في حال إتمامه بالفعل.
وكانت المرحلة الأولى من الحوار، بدأت بأول لقاء ثنائي رفيع المستوى بين أنقرة ودمشق، منذ بداية الحرب في سوريا 2011، بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات حقان فيدان من جهة، ووزير دفاع دمشق، علي محمود عباس، ورئيس الاستخبارات حسام لوقا من جهة أخرى، والذي نُظم في موسكو، نهاية ديسمبر 2022.
فيما جرى تأجيل المرحلة الثانية من الحوار، منتصف مارس الجاري، بعد تأجيل مشابه في فبراير، إثر الزلزال المُدمر الذي ضرب كلاً من سوريا وتركيا، في السادس من الشهر عينه.
شروط الأسد تُعرقل اللقاء مع أردوغان
ووفق مراقبين، تجري موسكو اتصالات للتحضير للقاء بين الرئيسين التركي وبشار الأسد، على الرغم من اشتراط الأخير، انسحاب القوات التركية من سوريا قبل لقائه أردوغان.
وفي الصدد، قال المُعارض السوري “كمال اللبواني” في تصريح خاص لـ”منصة تارجيت”، إن السبب “في عدم حماس الأسد لقبول المصالحة مع تركيا، ناجم عن كونه غير مُهتم بمد سُلطته فوق مناطق جديدة، خاصة وأنها مليئة بالألغام (ثوار، متمردون يخاف منهم)، وقسد المدعومة بالجيوش الأمريكية”، مُستدركاً: “وهذا هو شرط تركيا، كما أنه هناك شروط كثيرة وضعتها تركيا، تجعل الأسد ميالاً تلقائياً للرفض، بسبب عجزه وضعفه”.
بالسياق ذاته، قالت صحيفة “صباح” التركية في الرابع عشر من مارس، أي قبيل موعد بدء الحوار الذي جرى تأجيله لاحقاً، أن أنقرة كانت ستطرح في الاجتماع “زيادة التعاون في مكافحة الإرهاب، ومواصلة محادثات اللجنة الدستورية”، وأشارت إلى أن نائب وزير الخارجية التركي كان سيركز في الحوار أيضاً على موضوع “تسهيل العودة الطوعية والمشرّفة للاجئين”.
فك الحصار واستعادة الشرعية
وأضافت الصحيفة التركية، أن نائب وزير الخارجية براق أق تشابار، كان قد وصل بالفعل إلى موسكو حينها، من أجل حضور الاجتماع الرباعي، قبل تأجيل الحوار “لأسباب فنية”.
وحول ذلك، أوضح اللبواني لـ”تارجيت” إن “ما يريده الأسد، هو فك الحصار واستعادة شرعيته، لذلك هو مُهتم أكثر بكثير بالعرض العربي الإسرائيلي الذي تقدمه الإمارات”، في إشارة إلى طرح الدول العربية وإسرائيل عليه، انسحاب المليشيات الإيرانية من جنوب سوريا، مُقابل التطبيع بين الدول العربية وحكومة دمشق.
وتابع اللبواني: “هذا أيضاً صعب تحقيقه، بسبب الرفض الإيراني الكامل (للانسحاب من سوريا)، وبسبب أيضاً الشروط العربية التي لا تقل عن مطالب تركيا، التي لا تستطيع إعادة الشرعية له، لذلك يبدو أن كلا العرضين يصطدمون بأسد ضعيف وفاشل، ومُتحكم به من قبل إيران”.
لافتاً إلى أن “الاتحاد الأوروبي والأمريكي، يرفضون كلا العرضين (التركي والعربي لتعويم الأسد)، وهذا سبب كاف لرفضهما، خاصة وأن إيران على ذات الموقف”، حيث لم تقبل بروكسل ولا واشنطن بأي صفقات بين تركيا ودمشق، أو الدول العربية ودمشق، لتعويم النظام الحاكم برئاسة الأسد.
زيادة الضغوط على الأسد
صحيفة “فيدوموستي” الروسية، شددت بدورها منتصف مارس، على أن الجانبين، التركي والسوري، لم يتراجعا عن مسار الحوار، مُفضلة وصف ما حصل من تأجيل، بأن “عملية بناء الحوار دخلت في الوقت الحالي في فترة استراحة”، ونقلت كذلك عن عمر جادجييف، الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قوله إن “أنقرة ودمشق لم تتخليا عن خطط تطبيع العلاقات، لكنهما قطعا فترة راحة”.
بينما أوردت صحيفة “جمهورييت” التركية، حول موعد جديد لاستئناف المفاوضات، أن “موعد اجتماع نواب وزراء الخارجية لم يعد واضحاً”، بعد شروط الأسد، أي مُطالبته بانسحاب الجيش التركي من سوريا، قبل بدء المفاوضات واللقاءات الرسمية.
لكن “اللبواني” رأى أن “البديل عن قبول الأسد للمُبادرة التركية، هو زيادة الضغوط عليه تركيا وروسيا”، مستكملاً لـ”تارجيت”: “سوف يعرض عليه عربياً، التطبيع مع السعودية وزيارة وزير خارجيتها لدمشق، ومع ذلك فالأسد يريد فقط استمرار المبادرات وتبادل الزيارات دون تنفيذ أي تعهد”.
وأنهى “اللبواني” حديثه لـ”تارجيت” بالقول: “البديل عن قبول الأسد للمُبادرة العربية، هو قطع كل الآمال أمامه في الاحتفاظ بالسلطة، ليصبح مصيره ومصير نظامه في حالة السقوط الحر”، ما يعني أن قبول المُبادرة العربية شرط من شروط تمكن الأسد من البقاء بالحكم، وفق ما يتصوره المُعارض السوري.
اذاً عروض وفيرة وكساد عجز سياسي لدى النظام، في هذه اللجة سوريا الى أين؟ وهل ستحول العروض من سقوط نظام هو بحكم الساقط دولياً، أم أن هناك ارادات تعويم قد تطيل في الكارثة السورية؟