لم يتوانى زلزال السادس من فبراير ومركزه مدينة قهرمان مرعش، عن هرس آمال عائلة صغيرة، عندما اغتال على حين غرة، طفلة ذات عشرين يوماً بجسدها الغضّ، لم تكد تفتح عينيها على الحياة، إلا وغدرت بها لتغلقها إلى الأبد، في جنديرس بريف عفرين.
فالزلزال المُدمر، الذي لم يشفع أمامه أحد، ولم يحمل رحمة في قلبه، باغت عائلة وادعة مكونة من الأب “محمد كيبار” والأم “رولين حسو”، والطفلتين “تولين وعبير”، ومعهم الجدة “تولين” والعمة “عبير”، بجانب عمهم أيضاً، عندما كانوا في غفوة نومهم.
العائلة تنقسم بين ناجين ومصابين
ما إن قرعت عقارب الساعة للرابعة والربع تقريباً من فجر 6 فبراير، حتى ضرب الزلزال المنطقة، واستطاع الموت التسلل سريعاً، والوصول إلى أصغر الطفلتين وهي “عبير” التي تبلغ من العمر عشرين يوماً فقط، ليخطفها مع أمها “رولين”، ذات السبعة عشر عاماً، إضافة إلى جدتها وعمتها، بينما نجت من الواقعة، شقيقتها “تولين” التي لا تكبرها بكثير، بل لا يتعدى عمرها العام الواحد، كما نجا والدها وعمها.
كل ذلك كان في آن، ووفق مصدر من العائلة لـ”منصة تارجيت”، فإنه لدى محاولة عائلة “محمد كيبار” الفرار سريعاً من المبنى خلال الزلزال، كان القدر أسرع منهم، إذ انهار المبنى المكون من طابقين عليهم، ليعلق أفراد من العائلة أسفل درج البناء.
وأبى الزلزال إلا أن ينال من بعضهم، هنّ كل من “عبير\طفلة العشرين يوماً”، الأم “رولين”، الجدة “تولين”، العمة “عبير”، مُبتلعاً إياهن بين الركام، رامياً في نفس الوقت بالأب وأخيه “عم عبير”، خارج المبنى، لكن ليس دون أن تنالهما كسور مختلفة في أرجاء متنوعة من الجسد، بجانب إصابة الطفلة “تولين” بكسر في الرأس، تجري معالجته.
مقبرة “كفر صفرة” تحتضن “عبير” وقريباتها
بعد وقوع الزلزال، عمد ذوّو العائلة في قرية “كفر صفرة” المُجاورة لجنديرس، إلى الاتصال بها، لكن دون جدوى، ليتوجهوا صباحاً إلى مركز جنديرس، ويفاجئوا بهول الكارثة وما أحدثته هناك، بجانب تأكدهم من انهيار مبنى عائلة “محمد كيبار” بالكامل.
تكاتف ذوو العائلة في سبيل إخراج الضحايا، (الطفلة عبير، الأم رولين، العمة عبير والجدة تولين)، وبعد أن تم كسر الدرج، جرى إخراج الضحايا، إذ أخرجت الطفلة “عبير” في اليوم الأول مع أمها وعمتها، لكن لم يجري التمكن من انتشال جثمان الجدة “تولين” حتى اليوم التالي، إلى أن تم تأمين رافعات وتركسات لإزالة الأنقاض والركام.
ووري جثمان جميع الضحايا، “عبير” وباقي أفراد عائلتها، في مقبرة قرية “كفر صفرة”، بينما قررت عائلة جد “عبير” لأمها، في قرية “كفر صفرة” الاعتناء بالطفلة “تولين” ذات العام الواحد، في الوقت الراهن، إلى أن تصنع لها الأقدار مستقبلاً أفضل.
ويبقى من الأكيد، أن ذاكرة جنديرس لا تزال حُبلة بعشرات وربما المئات من القصص المُفجعة، على هيئة قصة “عبير” ذات العشرين يوماً، وقريناتها من عيّن العائلة، والأشد تأكيداً أن المدينة ستستنزف الكثير من الوقت والجهد لتجاوز الفاجعة ورأب تصدعاتها.