دارا مصطفى كاتب وسياسي سوري
تفصلنا أيام عن موعد بدء الانتخاب المباشر للرئاسية الأميركية، في ظل حالة استقطاب داخلي وخارجي كبيرة حول ما ستؤول إليه نتائج هذه الانتخابات لما لها من تأثيرات كبيرة على الساحات السياسية والاقتصادية والعسكرية الدولية، فالانتخابات الأميركية تأتي بشكل مختلف هذه المرة لما تتميز به من استراتيجيات متناقضة بشكل كبير بين المرشحين الديمقراطي كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب في مختلف القضايا الداخلية والساحات الخارجية، عدا عن الخلفية الشخصية المختلفة لكلا المرشحين فكمالا هاريس ابنة الطبقة المتوسطة المثقفة المؤمنة بسيادة القانون والعدالة والتوازن بين السياسة والاقتصاد وترامب الآتي من طبقة فاحشة الثراء والذي يؤمن بضرورة تطويع جميع السياسات الداخلية والخارجية الدبلوماسية منها والعسكرية وحتى المجتمعية لتحقيق القفزات الاقتصادية وعلى حساب الكثير من القيم كالعدالة وحقوق الانسان والمناخ.
أهمية هذه الانتخابات
تنبع أهمية هذه الانتخابات بشكل عام أولاً من الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأميركية في كقوة سياسية في جميع الملفات والقضايا الدولية وكذلك كقوة اقتصادية مهيمنة عالميا تتأثر بها جميع دول العالم دون استثناء بفضل سيطرتها على أسواق المال والنظام المصرفي العالمي ودور الدولار الأميركي في عمليات التجارة الخارجية.
أما الأهمية المختلفة عن المرات السابقة فهي تتأتى بسبب التناقض الكبير بين مواقف المرشحين في جميع الملفات والقضايا حيث أن السياسات الخارجية والاقتصادية للولايات المتحدة غالباً ما تستمر على نفس المنوال سواءً أكان الرئيس جمهورياً أو ديمقراطياً، أما في حالة ترامب فإنه يفضل فرض توجهه الخاص وبطريقة درامية وبعيداً عن أي سياسات سابقة ودون الالتزام بآراء المستشارين السياسيين أو الاقتصاديين أو العسكريين ودون الأخذ بعين الاعتبار بالسياسات المرسومة من مكتب الأمن القومي وهذا ما شاهدناه عبر الاستقالات الدراماتيكية في فترة ولايته السابقة لمسؤول مكتب الأمن القومي جون بولتون ووزير الدفاع جميس ماتياس وانقلاب عدد من النخب الجمهورية عليه مثل آل ماكين وآل بوش وحتى نائبه مايكل بنس الذي انتقد ترامب في مناسبات عدة بُعيد هزيمته في انتخابات 2020.
كذلك فإن هذه الانتخابات قد تكون مؤشراً على تغييرات جذرية في طبيعة المجتمع الأميركي وتأثره بنظام العولمة في حال انتخاب كامالا هاريس ذات الخلفية العرقية الغير بيضاء والمدافعة عن حقوق المرأة (والتي قد تكون أول رئيسة أميركية) وكذلك خلفيتها البعيدة عم مجتمعات المال والرأسمالية التي غالبا هي من ينتخبها الشعب الأميركي.
أي باختصار أننا في هذه الانتخابات سنكون إما أمام انقلاب في الاستراتيجيات الأميركية التي يقودها ترامب و قد نكون أمام انقسام في المجتمع الأميركي بسبب حالة الاستقطاب التي يخلقها ترامب بسياساته وخطاباته وممارساته.
أو أن نكون أمام امرأة أميركية غير بيضاء وليست ذات خلفية رأسمالية تقود الولايات المتحدة مما سيدل على تطور الصورة النمطية للمجتمع الأميركي.
القضايا الداخلية
تركز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على الاستثمار في البنى التحتية والطاقة النظيفة وتسعى للتشبث بالسياسات الضريبية الصارمة لدعم هذه الملفات ودعم الطبقة المتوسطة من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور، كما تتبنى هاريس تعزيز نظام الرعاية الصحية من خلال توسيع التغطية الصحية لمزيد من الأميركيين عبر تدعيم نظام “أوباما كير”.
وتسعى المرشحة الديمقراطية لتحسين تمويل المدارس وتخفيض ديون الطلاب وكذلك دعم الاستثمار في التعليم العالي كما تدعو هاريس لتوفير التعليم المجاني للكليات المجتمعية (Community College)
أما على صعيد الهجرة فإن هاريس ذات الخلفية الحقوقية فهي تؤيد إصلاحاً قانونياً لنظام الهجرة عبر منح الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين وتبني شرعات حقوق الإنسان في سياسات الهجرة.
بالنسبة لنظام العدالة فإن المرشحة الديمقراطية تسعى لإلغاء عقوبة السجن المؤبد للجرائم البسيطة وضبط عمليات بيع السلاح في السوق الداخلي بشكل أكثر حزماً مما هو عليه الآن.
وعلى الطرف الأخر فإن المرشح الجمهوري دونالد ترامب يؤيد تخفيض الضرائب على الشركات الكبيرة وإزالة العقبات والقوانين التي تعيق الأعمال التجارية ودعم الصناعات المحلية في استراتيجية واضحة منه نحو دفع النمو الاقتصادي والذي يعتبره الأساس لإعادة القوة والهيبة للولايات المتحدة الأميركية، كذلك يدعو ترامب إلى سياسات صارمة ضد الهجرة غير النظامية، منها بناء الجدار الحدودي مع المكسيك وترحيل المهاجرين غير الشرعيين ويعمل على تقليص استقبال اللاجئين ووضع ضوابط مشددة للحصول على التأشيرات واللجوء والهجرة.
ويعتقد ترامب أن السياسات البيئية المتشددة تضر بالاقتصاد الأميركي لذلك هو يسعى للاعتماد على مصادر الطاقة الاعتيادية مثل النفط والغاز لأنها أقل تكلفة من مصادر الطاقة النظيفة أو المتجددة.
أما على صعيدي التعليم والصحة فتتلخص سياسات المرشح الجمهوري دونالد ترامب على تقليص التدخل الحكومي في دعم التعليم وتشجيع التعليم الخاص المدفوع، كذلك يؤيد ترامب إيجاد بدائل صحية أقل تكلفة لنظام “أوباما كير” وتشجيع القطاع الصحي الخاص.
السياسة الخارجية
العلاقات مع أوربا وحلف شمال الأطلسي “الناتو”
تتسم سياسة كامالا هاريس في العلاقات الخارجية بشكل عام بأنها امتداد لسياسات الرئيس جو بايدن والرؤساء الأميركيين السابقين وهو ما يعتبره منافسها الجمهوري دونالد ترامب مأخذ عليها، حيث أن علاقات ترامب مع أوربا أخذت مناحي تصعيدية في عدة ملفات، ففي حين ترى المرشحة كاملا هاريس ضرورة الاستمرار مع أوربا في علاقات متزنة تعتمد على العمل المشترك في عدد من القضايا والتحديات مثل سياسات المناخ والتعاون الاقتصادي والتعاون الأمني والعسكري وحقوق الإنسان وتوحيد المواقف تجاه بعض القضايا الخارجية، فإن سياسة المرشح الجمهوري دونالد ترامب خلال ولايته السابقة اتسمت بالتوتر مع أوربا، فمن التهديد بإخضاع بعض المنتجات الأوربية المستوردة إلى زيادة الضرائب كالنبيذ الفرنسي والسيارات الألمانية وانتقاده المستمر لمشروع أنابيب الغاز الروسي “ستريم2” الذي يصل إلى ألمانيا وتحويل العلاقات التجارية إلى علاقات تنافسية، إلى رفض ترامب إلى استمرار تمويل الناتو بنفس السوية السابقة ومطالبته بزيادة تحمل باقي دول الحلف للأعباء المالية.
كما أثار ترامب جدلاً مع الدنمارك حينما عرض اقتراحاً لشراء جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك والتي تتميز بمساحتها الهائلة وغناها بالثروات الباطنية غير المستخرجة، أي أن علاقة ترامب بأوربا اتسمت بالندية والتوتر مع قادتها كالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل ورئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدريكسن
روسيا والصين
لا يختلف موقف المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس من روسيا عن موقف الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن وباقي دول حلف شمال الأطلسي خاصة فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية ودعمهم السياسي والعسكري والمالي لأوكرانيا وبالمقابل تم فرض العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية على روسيا من قبل الولايات المتحدة الأميركية وقد شملت العقوبات على قطاع الطاقة النفط والغاز والفحم الروسي، وكذلك تجميد الأصول المالية للبنوك الكبرى الروسية ومنع استخدام روسيا لنظام “سويفت” للتحويل المالي العالمي، ولم تكتف الولايات المتحدة بذلك بل استهدفت العقوبات أيضا الأفراد المقربون من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والشركات الروسية الكبرى وكذلك وضع قيود تكنولوجية على روسيا وتمت معاقبة قطاع الطيران والنقل الروسي ولم ينج حتى قطاع الاعلام من العقوبات الأميركية ومن غير المرجح أن تغير هاريس من هذه السياسات.
وفي الطرف المقابل فإن مواقف ترامب من روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين قد سادها جدل واسع، فمن الإعجاب الشخصي الذي أبداه ترامب ببوتين في عدة مناسبات إلى تساهل ترامب مع التقارير الاستخباراتية التي تحدثت عن تدخل روسي في الانتخابات الأميركية عام 2016، ورغم العلاقة الودية بين ترامب وبوتين إلا أن ترامب فرض بعض العقوبات على روسيا على خلفية قضية ضم شبه جزيرة القرم (ويعتقد أن هذه العقوبات جاءت بضغط من الكونغرس) وكذلك انسحاب ترامب من اتفاقية الحد من انتشار الصواريخ النووية متوسطة المدى.
يمكن تلخيص مواقف ترامب من روسيا بأنها كانت تجمع بين الرغبة في تحسين العلاقات، خصوصا على المستوى الشخصي بين ترامب وبوتين، وبين ضغوطات سياسية وأمنية من الداخل الأميركي جعلت ترامب ملزما باتباع سياسات أكثر حدة مع روسيا في بعض القضايا.
أما فيما يتعلق بموقف هاريس وترامب من العلاقات مع الصين فيمكن إجمالها في خمس محاور رئيسية ألا وهي: التجارة والاقتصاد، الأمن القومي، حقوق الإنسان، التواجد العسكري في المحيط الهادئ وأخيراً المناخ.
تعمل هاريس على دعم الجهود مع الحلفاء لمواجهة الصين، خصوصا في قضايا التجارة والأمن، فهي تركز على حماية البنية التحتية الرقمية الأميركية ومكافحة التجسس الصيني، كذلك تولي أهمية لحقوق الإنسان، وتنتقد انتهاكات الصين تجاه الأويغور وقمع الحريات في هونغ كونغ وتدعم التواجد العسكري الأميركي في منطقة المحيط الهادئ لموازنة النفوذ الصيني وتعتبر أن تغير المناخ يتطلب تعاونا مع الصين رغم التوترات بين البلدين.
أما سياسة ترامب تجاه الصين فتتلخص بتبني نهج صارم ومباشر تجاه الصين، حيث فرض تعريفات جمركية عالية للحد من العجز التجاري الأميركي وشدد على مخاطر الأمن القومي، وفرض قيوداً على شركات صينية كبرى مثل هواوي وتيك توك، وانتقد سجل حقوق الإنسان في الصين لكنه لم يجعله محور سياساته، كما عزز التواجد العسكري الأميركي في المحيط الهادئ لمواجهة توسع الصين، ورفض التعاون في قضايا المناخ، معتبراً أن الالتزامات المناخية تقيد الاقتصاد الأميركي.
الشرق الأوسط
كامالا هاريس، كنائبة للرئيس بايدن، كانت تدعم اتباع دبلوماسية متعددة الأطراف في الشرق الأوسط، بما يشمل التعاون مع الحلفاء والشركاء في المنطقة لإيجاد حلول سلمية، كما تؤيد العودة للاتفاق النووي الإيراني (مع التعديلات اللازمة) كوسيلة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وتعتبر الدبلوماسية هي الأساس في التعامل مع طهران، وأما في ملف الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، فهي تؤيد حل الدولتين وتدعم استئناف المساعدات للفلسطينيين، بجانب تعزيز الشراكة الأمنية مع إسرائيل، كما تهدف إدارة هاريس إلى تحقيق توازن بين دعم حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب في المنطقة، حيث ترى ضرورة ربط الدعم الأميركي للدول الشرق أوسطية بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، كما أنها تركز على إنهاء الحرب في اليمن، ودعمت وقف العمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية هناك، كذلك تهتم الإدارة الديمقراطية بالاستقرار في العراق وسوريا، مع تركيزها على احتواء تنظيم داعش واستمرار العمليات الاستخباراتية والمساعدات الإنسانية.
تبنى ترامب موقفا قوياً ضد إيران، حيث انسحب من الاتفاق النووي في 2018 وفرض عقوبات مشددة تهدف إلى تقليص قدرات إيران المالية والعسكرية، وأطلق حملة “الضغط الأقصى” على إيران، وعمل على توسيع العقوبات وتوجيه ضربات عسكرية، أبرزها اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، كما دعمت إدارة ترامب السابقة إسرائيل بشدة، حيث اعترف بالقدس عاصمة لها ونقل السفارة الأميركية إليها، كما ساهمت إدارته في تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية عبر “اتفاقات أبراهام”. أما في الملف الفلسطيني، فقد أوقفت إدارته المساعدات المقدمة للفلسطينيين، معتبرة أن الضغط الاقتصادي سيدفعهم للتفاوض، ودعم ترامب مبيعات الأسلحة الكبيرة للسعودية والإمارات، حتى في ظل الانتقادات بشأن الحرب في اليمن وحقوق الإنسان، معتبراً أن هذه الدول حلفاء مهمون في مكافحة الإرهاب وإيران. بشكل عام ركزت سياسة ترامب في الشرق الأوسط على استراتيجيات المواجهة والصفقات الاقتصادية، بينما كانت حقوق الإنسان أولوية أقل وضوحاً في نهجه.
الكرد وتركيا
كامالا هاريس، كنائبة للرئيس بايدن، تتبنى موقفا داعماً للكرد، وترى أنهم حلفاء مهمون في جهود مكافحة الإرهاب، وخاصة في سوريا والعراق حيث لعبوا دوراً رئيسيا في هزيمة داعش. تؤيد هاريس استمرار الدعم الأميركي للكرد، بما يشمل التدريب العسكري والمساعدات الإنسانية، لكنها تدرك التحديات التي يواجهها الكرد بسبب التوترات مع تركيا، حليفة الناتو. في العراق تدعم هاريس استقلالية إقليم كردستان ضمن الدولة العراقية، وتدعو إلى مواصلة التعاون الأمني والاقتصادي مع حكومة الإقليم. وفي سوريا، تؤيد استمرار الشراكة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لكنها تدعم أيضاً سياسات تُجنب التصعيد مع تركيا. في تركيا، هاريس ملتزمة بالحفاظ على التحالف معها كعضو في الناتو، لكن الإدارة الديمقراطية تنتقد مواقف الرئيس أردوغان في ملفات حقوق الإنسان وحملاته ضد الكرد. كما تدعو الإدارة الديمقراطية إلى احترام تركيا لحقوق الكرد داخل حدودها. وترى هاريس أهمية إيجاد توازن بين دعم الكرد والاحتفاظ بعلاقات إيجابية مع تركيا، وتؤكد على أهمية الحوار الدبلوماسي لإيجاد حلول تخدم مصالح جميع الأطراف وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الديمقراطي جو بايدن تجنب توجيه دعوة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لزيارة البيت الأبيض خلال فترة ولايته الحالية ومن غير المؤكد إن كانت كامالا هاريس ستتخذ موقفا مماثلا في حال فوزها في الانتخابات القادمة.
أما ترامب أبدى دعماً للكرد في العراق وسوريا لدورهم المحوري في مكافحة داعش، لكنه اتخذ موقفا متقلباً تجاههم في سوريا بسبب ضغوط تركيا. فقد أمر بسحب القوات الأميركية من شمال سوريا في عام 2019، مما أتاح لتركيا شن عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية. هذا القرار قوبل بانتقادات واسعة، حيث اعتبره البعض تخليا عن الكرد. في العراق، دعمت إدارته العلاقات مع حكومة إقليم كردستان، خاصة في مجال التعاون الأمني والاقتصادي، حيث زودت الولايات المتحدة الإقليم بمساعدات عسكرية لمواجهة داعش. من ناحية تركيا، حرص ترامب على الحفاظ على علاقة قوية مع الرئيس أردوغان، حيث رأى أن تركيا شريك مهم اقتصادياً وعسكرياً، وعضو رئيسي في الناتو. رغم الانتقادات الداخلية، أبدى ترامب تساهلا ً مع تركيا فيما يخص عملياتها ضد الكرد في سوريا والعراق، وفرض فقط عقوبات محدودة على تركيا، على الرغم من شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400. وفيما يتعلق بالكرد داخل تركيا، لم يضع ترامب ضغطاً مباشراً على أنقرة فيما يخص ملف حقوق الإنسان أو القضايا الكردية، مفضلا التركيز على القضايا التجارية والأمنية بين البلدين.
المواقف الدولية من المرشحين كامالا هاريس ودونالد ترامب
تميل الدول الأوربية إلى كامالا هاريس، حيث تدعم التوجه الديمقراطي نحو التعاون الدولي والعودة إلى الاتفاقيات العالمية، مثل اتفاقية باريس للمناخ، وتقوية حلف الناتو، وهو ما يتوافق مع المصالح الأوروبية.
أما روسيا فهي تفضل ترامب على هاريس، إذ ينظر إلى ترامب كأقل تشدداً تجاه موسكو، خاصة مع انتقاده لحلف الناتو وميوله لسياسات “أميركا أولا”، فيما ترى هاريس تهديدا بسبب موقفها الصارم ودعمها للعقوبات.
في حين أن الصين لم ترحب بأي منهما، إذ يفرض كلاهما قيوداً، لكن الصين تفضل ترامب على هاريس نظرا لتوجهه الأحادي الذي أحيانا يحد من تضافر الضغوط الدولية.
وفي إيران يفضل نظامها كامالا هاريس، إذ قد تسعى إدارته للعودة إلى الاتفاق النووي، مع استمرار الضغط، بينما عانت إيران من “سياسة الضغط الأقصى” التي فرضها ترامب وأثرت بشدة على اقتصادها.
وعلى النقيض من إيران فإن تركيا تفضل أن ترى ترامب في البيت الأبيض، حيث سعى ترامب للحفاظ على علاقات جيدة مع الرئيس أردوغان وامتنع عن انتقاد تركيا علناً، بينما تبدي هاريس انتقادات واضحة لسياسات تركيا خاصة تجاه الكرد وحقوق الإنسان.
وأما غالبية الدول العربية (عدا سورية ولبنان والعراق) فهي تميل نحو ترامب نظرا لدعمه للمبيعات العسكرية والتعاون الأمني، ورعايته لاتفاقات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل وموقفه الحازم من رفض الاتفاق النووي مع إيران، بينما تسعى هاريس إلى التركيز على الحوار وتقييد الدعم العسكري بملفات حقوق الإنسان.
حظوظ المرشحين واستطلاعات الرأي ونقاط القوة
حتى الآن، تشير استطلاعات الرأي إلى أن السباق بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري ما زال قريبا، إذ يتمتع دونالد ترامب بشعبية كبيرة بين قاعدة الناخبين الجمهوريين، خاصة في ولايات الجنوب والغرب الأوسط. بينما تحظى كامالا هاريس بدعم قوي من الدوائر الديمقراطية، خاصة بين الناخبين الشباب والنساء والأقليات. حظوظ هاريس تتزايد في الولايات التي تميل للديمقراطيين، بينما يقود ترامب في الولايات الريفية والجمهورية التقليدية، كما أن نتائج الانتخابات السابقة تشير إلى دور الولايات المتأرجحة التي قد تحسم النتيجة النهائية.
والولايات المتأرجحة هي نيفادا، أريزونا، جورجيا، نورث كارولينا، بنسيلفانيا، ميتشيغان، وأخيرا ويسكنسن.
وفي حين تشير استطلاعات الرأي إلى تفوق دونالد ترامب في ولإيات أريزونا وجورجيا ونورث كارولينا فإن هاريس تتقدم في كل من بنسيلفانيا وميتشيغان ونيفادا وويسكنسن وهذا ما يمنحها الفرصة للفوز بالسباق الرئاسي، لكن تجدر الإشارة إلى أن الفارق في استطلاعات الرأي في هذه الولايات هو ضئيل جدا وقد تنقلب الأمور يوم الانتخابات.
وأهم نقاط تفوق ترامب هي خلفيته الاقتصادية وقدرته على عقد الصفقات التجارية الكبيرة ودعم الشركات الأميركية وفتح أسواق لها والضغط على منتجات الدول المنافسة كأوربا والصين وقدرته على معالجة الأوضاع الاقتصادية في ظل التضخم والتباطؤ الاقتصاديين واتخاذه مواقف متشددة من الصين وإيران، كذلك يحصل ترامب على تأييد واسع من الغالبية البيضاء في الولايات الوسطى والجنوبية التي هي أقرب للمجتمعات الريفية والزراعية بالإضافة للدعم الكبير من رجل الأعمال إيلون ماسك الذي يستثمر حصته في منصة X “تويتر” لدعم ترامب.
فيما تتفوق هاريس على ترامب في أوساط المهاجرين والأقليات والنساء والشباب والطبقات المتوسطة كما أنها قادرة على إقامة التوازنات في السياسة الخارجية ومعالجة ودعم القضايا الداخلية عبر الدعم الحكومي.